الأزمة الخليجية: هل تنجح وساطة وزير الخارجية الأمريكي؟

كتب: غادة غالب الثلاثاء 11-07-2017 17:40

على مدار الأشهر الـ6 الماضية، كان وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، يتابع مجريات الأمور والقضايا على مستوى العالم، لكن دون تدخل واضح ومباشر منه. ويبدأ الدبلوماسي الأمريكي، الثلاثاء، رحلته الأولى في الشرق الأوسط للتوسط في واحدة من أبرز وأهم الأزمات العالمية حاليا، وهي الأزمة الخليجية، الأمر الذي يثير تساؤلات عدة حول توقعات نجاح «تيلرسون» في مهمته.

محللون ودبلوماسيون عدة يعتبرون أن الأزمة الخليجية بين الإمارات والبحرين ومصر بقيادة السعودية ضد قطر، تؤثر بشكل مباشر على الولايات المتحدة الأمريكية، لأن جميع هذه الدول هم شركاء أمنيون لأمريكا، ووجودهم يعد أمرا حيويا لتحقيق أهداف إدارة «ترامب» في الشرق الأوسط.

موقع قناة «سي إن إن» الأمريكي، يرى أنه رغم صعوبة الأزمة الخليجية، فإن «تيلرسون» لديه أيضا إمكانية للتوسط لإصلاح مؤقت على الأقل، لكن لتحقيق هذه النتيجة، يجب توافر عدة شروط.

واعتبرت «سي إن إن» أن توافق الآراء بين «ترامب» ووزير خارجيته «تيلرسون» من أبرز العوامل التي يجب توافرها حتى تنجح وساطة «تيلرسون»، موضحة أنه حتى الآن فلم يتضح موقف «ترامب».

ومنذ بداية هذه الأزمة، كان واضحا أن «تيلرسون» يريد التوسط بشكل ما، لكن «ترامب»، من ناحية أخرى، اتخذ الجانب السعودي.

محللون عدة اعتبروا أن مهمة «تيلرسون» لن تنجح إذا لم يكن هناك تنسيق في الموقف بيتنه وبين البيت الأبيض. وترى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، أنه على الأقل يجب أن يدعو الرئيس الأمريكي كل من السعوديين والقطريين والإماراتيين لتعاون بشكل مرن مع «تيلرسون» ومساعدته في التوصل إلى اتفاق.

وأوضحت «بي بي سي» أن أي رسالة رئاسية أخرى خلال مهمة «تيلرسون» ستكون قاتلة، ولن يتجاوب السعوديون إذا اعتقدوا أن «ترامب» له رأي مخالف عن وزير خارجيته.

وسائل إعلام غربية عدة ناقشت توقيت وساطة «تيلرسون»، ووفقا لصحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، فإنه في أي مفاوضات، يكون التوقيت أمر بالغ الأهمية لنجاح الوسيط. وحتى الآن، لم يشعر أي من الجانبين بألم كاف لتقديم تنازلات خطيرة، لذلك لم يتمكن الكويتيون من التوسط بنجاح.

وإذا لم يكن هناك إحساس بالحاجة الملحة المشتركة لتقديم تنازلات ومواءمات، فليس مؤكدا أن ينجح وزير الخارجية في مهمته، لكن من المؤكد، وفقا لـ«واشنطن بوست»، أن «تيلرسون» تلقى إشارات تشير إلى أن كلا الجانبين مستعدان للتوصل إلى حل توافقي، لكنهما سيقدمان تنازلات للولايات المتحدة وليس لبعضهما البعض.

مدى نفوذ «تيلرسون» يثير تساؤلات في تأثير ذلك على نجاح مهمته، لكن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، ترى أن «تيلرسون» سيستمد نفوذه من منصبه كونه وزير الخارجية الأمريكي ومن كونه يمثل الولايات المتحدة، التي تربطها علاقات شديدة الأهمية مع كل من قطر والسعودية، على رأسها الأسلحة والقواعد العسكرية.

وأوضح رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، بوب كوركر، أنه غير مستعد للمضي قدما في مبيعات الأسلحة للدول الخليجية حتى يتم حل هذا النزاع.

وتشكك الصحيفة الأمريكية في أن إدارة «ترامب» مستعدة لوضع علاقتها مع البلدين على المحك من خلال الضغط على أي منهما، وعلى سبيل المثال، فإن القاعدة الجوية في قطر تعتبر مهمة جدا للعمليات العسكرية الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.

أما بالنسبة للسعوديين، فإن «ترامب» لا يريد أن يقسو أو يخسر قطر بشكل نهائي، وهذا يدفع «تيلرسون» أن يتبع سياسة المفاوضات والنفس الطويل مع المملكة، التي لن تصل إلى حل توافقي بسهولة. لكن بشكل عام، ترى «سي إن إن» ضرورة استخدام الإقناع والضغط وليس الإكراه كوسيلة للتوصل إلى أي اتفاق.

محللون عدة يرون إمكانية نجاح «تيلرسون» في الوصول إلى صفقة ولو كانت بشكل جزئي أو مؤقت. ووفقا لـ«سي إن إن»، فإن المواجهة السعودية / الإماراتية- القطرية طويلة الأمد، مما يعكس واقعين.

الأول، هو رغبة السعودية في أن تكون سيد الخليج العربي ومجلس التعاون الخليجي، وأن تعيد قطر إلى حجمها السابق، وأن تقوض حرية عملها وقدرتها على اختيار حلفائها- مثل إيران والإخوان المسلمين. ويرى السعوديون والإماراتيون والمصريون أن هذه الجماعات الإسلامية الأخرى تمثل تهديدات كبيرة.

والثاني، هو عزم دولة قطر الشديد على حماية هويتها ومكانتها الحالية التي استغرقت عقودًا عدة لتصل إليها، والتي باتت ترتبط ارتباطا وثيقا باستقلالها وأسلوبها الحر.

الموقع الأمريكي يرى أن بعض التظلمات ضد قطر مشروعة، وربما يمكن معالجتها من قبل «تيلرسون»، فعلى سبيل المثال، يمكن أن يتم الاتفاق على أن تتولى الولايات المتحدة مسؤولية مراقبة تمويل الإرهاب، لنزع فتيل هذه الجولة من التوترات.

لكن حتى لو وصل «تيلرسون» إلى اتفاق يلغي الأزمة الحالية، فإنه لن يحل المشكلة، لأن السعودية، خاصة تحت قيادة ولي العهد، محمد بن سلمان، تبدو عازمة على تحويل قطر إلى شكلها السابق بأن تكون مجرد تابعة للسعودية، ولتحقيق ذلك، فإنه يسعى لتغيير النظام.

وعلى الجانب الآخر، فحتى لو وافقت قطر على 13 شرطا، ومن ضمنهم غلق قناة «الجزيرة» ووقف تمويلها، ووقف استضافة الإخوان المسلمين، فإن الدوحة لن تتخلى عن سياستها الخارجية المستقلة ولن تقطع العلاقات مع إيران التي تشترك معها في حقل ضخم للغاز الطبيعي.

المؤرخ اللبناني، كمال صليبي، يعلق على الأزمة قائلا: إن «تدخل القوى العظمى في شؤون القبائل الصغيرة سيكون على مسؤوليتها الخاصة»، وهو الرأي الذي اتفقت معه صحف غربية عدة أجمعت على أن هذه المهمة ليست سهلة، وإذا فشلت ستكون ضربة موجعة لـ«تيلرسون» في أول مهمة خارجية له، لذا يجب أن يكون مستعدا للخطر، وأن يتأكد من توافر شروط أساسية لضمان الحد الأدنى من نجاح الوساطة.