قال «رون بن يشاي» المحلل السياسي لجريدة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن «موجة الثورات» في الوطن العربي لا تزال في أوجها، ولا يمكن تقدير أبعادها على إسرائيل وعلى المنطقة حتى الآن»، وأضاف «يشاي» في مقاله الذي خصصه عن الثورات المندلعة في أكثر من دولة عربية، أن حركة الإخوان المسلمين ليست وحدها التي تناهض اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وإنما «هناك جهات أخرى في مصر، ليست إسلامية فقط، تطالب الآن بإعادة النظر في بنود اتفاقية السلام التي تمنع دخول قوات الجيش المصري إلى سيناء، وكذلك اتفاقية تصدير الغاز إلى إسرائيل».
وقال «بن يشاي» إن جهتين تسعيان للاستفادة من هذه الأوضاع، الأولى منظمات الجهاد العالمية، «التي تعمل بروح القاعدة»، والتي ستعمل على تعزيز قواعدها وتجنيد ناشطين جدد والعمل ضد مجموعة من الأهداف في المنطقة، أما الجهة الثانية فهي إيران التي «ستحاول استغلال الفرصة أيضا لتعزيز نفوذها في العراق واليمن ولبنان والبحرين ودول أخرى في الخليج، وذلك بهدف العمل على وقف التعاون الأمني والسياسي مع الولايات المتحدة، وتهديد مصادر الغرب النفطية في حال عملت الأخيرة ضد البرنامج النووي الإيراني».
وفي هذا السياق أشار «بن يشاي» إلى السفينتين العسكريتين اللتين عبرتا قناة السويس مؤخراً للمرة الأولى منذ الثورة الإيرانية في 1979، وقال إن السفينتين لن يغيرا موازين القوى في البحر المتوسط ولا تشكل حتى تهديداً مباشراً على إسرائيل، إلا أنها، وبحسب «بن يشاي» تشكل سابقة هي الأولى من نوعها في ما يتعلق بـ«نقل عتاد عسكري وخبراء عسكريين من إيران إلى سوريا ولبنان وقطاع غزة».
وقال «بن يشاي» إنه على الرغم من تصريحات مكتب «بنيامين نتنياهو» رئيس الوزراء الإسرائيلي القائلة إن «إسرائيل هي جزيرة الاستقرار والديمقراطية في المنطقة»، فإن هذا قد يؤثر على وضع إسرائيل الأمني والسياسي، وأضاف الكاتب: «تفجر الأوضاع في قطاع غزة وقيام إسرائيل بعملية عسكرية على شاكلة الرصاص المسكوب من الممكن أن يخرج الناس في عمان ورام الله إلى الشوارع، بحيث يشكل هذا تهديد على الأنظمة إذا لم تعمل بحزم ولم تقم بشيء عملي ضد إسرائيل، ومن الممكن أن يحاول الفلسطينيون في الضفة الغربية، وحتى في الداخل، ابتزاز إسرائيل بواسطة أيام غضب تحظى بدعم إعلامي عربي ودولي وتحظى بدعم الرأي العام الأوروبي. وهو ما يمكن أن يتطور إلى انتفاضة ثالثة حتى لو لم يكن منظموها يخططون لذلك».
وقال «بن يشاي» إنه يجب تجنب ذلك عبر مفاوضات للتوصل إلى تسوية مؤقتة على الأقل مع الفلسطينيين وسوريا، إلا أنه قال إن إسرائيل «لا تستطيع التنازل عن المميزات الدفاعية التي توفرها لها منطقة الأغوار وهضبة الجولان»، وتابع «بن يشاي» قائلاً إنه حتى لو أبدى نتنياهو استعداداً للاستجابة لمطالب الفلسطينيين والسوريين، فإن هناك شك في أن يوافق أبو مازن أو بشار الأسد على أي تنازلات في قضايا جوهرية، خصوصاً في هذه الظروف التي تسود العالم العربي.
ونصح «بن يشاي» إسرائيل من استفزاز الفلسطينيين والعرب في هذا التوقيت وقال إنه ليس أمام إسرائيل سوى اتخاذ بعد الخطوات التي من شأنها أن تقلل من مخاطر اندلاع مواجهات مثل: «حرية الحركة للفلسطينيين في الضفة الغربية، وخطوات لتحسين الأوضاع الاقتصادية في الضفة وقطاع غزة، وتجنب القيام بعمليات ينظر إليها الفلسطينيون والعرب على أنها استفزازية، وتوخي الحذر في كل ما يتصل بالقدس والحرم المقدسي، ومحاولة تجديد المفاوضات مع أبو مازن ورجاله، رغم أن احتمالات التوصل إلى نتائج ضئيلة جدا».
وفي نفس السياق طالب «بن يشاي» إسرائيل بــ«اتخاذ خطوات سريعة لتطوير مصادر الغازفي البحر المتوسط، بهدف توفير بديل للغاز المصري، وتجنب التداعيات السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي نتيجة لارتفاع أسعار النفط»، بالإضافة إلى «ضرورة دراسة الجيش الإسرائيلي لقدراته الهجومية البرية والجوية والبحرية، وتناسبها مع التهديدات الجديدة التي قد تتطور مستقبلا، ما يعني استثمارا كبيرا للأموال في ذلك حتى العام 2015، ذلك لأن عدم الوضوح والنقص في الموارد يضع متخذي القرارات في الجيش والأجهزة الأمنية أمام تحديات لم تعرف إسرائيل مثلها في مجال الأمن منذ حرب أكتوبر 1973».