رئيس هيئة الموانئ السودانية: نظام مبارك أقام سلكاً شائكاً فى منطقة الحدود بإيعاز من جهات خارجية

كتب: سماح عبد العاطي, سارة نور الدين الخميس 06-10-2011 16:40

تحتل «هيئة الموانئ البحرية السودانية» أهمية كبرى على ساحل البحر الأحمر، حيث يبلغ طول ساحل السودان قبل تقسيمه أكثر من 800 كيلو متر، وتقوم الموانئ بعمليات تصدير واستيراد ضخمة ويأتى على رأسها ميناء بورسودان وما يضمه من موانئ، أكبرها الميناء الجنوبى المتخصص فى استقبال الحاويات، والميناء «الأخضر» لاستقبال البواخر المحملة بالبضائع، وميناء «سواكن» المتخصص فى خدمة الركاب والبضائع المتوجهة غالبا إلى جدة فى المملكة العربية السعودية، كان لنا هذا الحوار مع رئيس هيئة الموانئ البحرية المهندس جلال الدين محمد أحمد.

هل توقعتم تأثر العلاقات المصرية - السودانية إيجابا بعد قيام ثورة 25 يناير فى مصر؟

- بعدما يئسنا من تحسين أوضاعنا وعلاقاتنا بمصر، قام الشعب المصرى بتغيير كل ذلك، فنحن نهنئهم ونهنئ أنفسنا بثورة يناير، فالروابط التى تجمع الشعبين المصرى والسودانى سابقة على الروابط السياسية.

ما الذى كان يعوق تطور العلاقات التجارية بين البلدين؟

- كهيئة موانئ بحرية، لنا بروتوكول سنوى مشترك مع مصر، وكنت منسقا للبروتوكول المصرى السودانى، والنظام السابق فى مصر كان يعوق تطوير علاقات مصر بالسودان، وقد يبتدع ويخلق المشكلات أكثر من اهتمامه بالاستفادة من السودان كدولة جوار وامتداد طبيعى لمصر.

ما هو واقع الموانئ السودانية فى الوقت الحاضر؟

- فى السنوات القليلة الماضية أحدثنا ثورة فى إنشاء الموانئ فى السودان، وقد شيدنا ميناء «الأخضر» ويبلغ طول أرصفته نحو 16 مترا، وأحدثنا طفرة فى الموانئ السودانية على مستوى إقليم البحر الأحمر، وهى تسير بخطا حثيثة لمواجهة المنافسة والتحديات فى المنطقة، خاصة بعد انفصال جنوب السودان، ونحاول استقطاب الحركة البحرية لدول جنوب السودان، بدلا من لجوئها لموانئ كينيا وتنزانيا، ونسعى إلى استقطاب حركة تصدير البترول لهذه الدولة الوليدة.

كنت حاكما لمحلية «حلايب» قبل توليك منصب رئيس هيئة الموانئ.. صف لنا حال الحدود بين مصر والسودان؟

- لدينا حدود طويلة مع مصر، واعتقد أننا بحاجة إلى تفعيل جميع اتفاقيات التجارة بين مصر والسودان، واستشعارا من الحكومة السودانية بأهمية هذه العلاقات الاقتصادية مع مصر، فقد قمنا بوضع خطة لتطوير ميناء حلفا النهرى، لكننا نولى أهمية أكبر لحركة التجارة البحرية.

برأيك ما أسباب مشكلة مثلث «حلايب» الحدودى؟

- النظام السابق أنشأ سورا من السلك الشائك عام 1993، محاولة منه لقطع العلاقات بين مصر والسودان، وهذا خلاف سياسى بحت، وهذا الحاجز لم يكن موجودا قبل هذا التاريخ، وقد استخدمت بوابة هذا السور كوسيلة لقطع العلاقات بين الشعبين، وعلى مدار تلك السنوات شهدت منطقة حلايب كثيراً من التطورات، فقد كان الباب يغلق تماما فى بعض الأوقات أمام حركة التجارة، بينما قطعت جميع أساليب التواصل الاجتماعى بين أهالى هذه المنطقة، وأصبح هناك عدد من الأسر لا تستطيع لم شملها بسبب منع الدخول والخروج للأفراد، ولكى تتواصل هذه الأسر مع بعضها فلابد من الموافقات والتصاريح صعبة المنال، وكانت تفرض قيود شديدة على أفراد الأسرة الواحدة للانتقال فى هذا الجزء، الذى أصبح جزء منه سودانياً والآخر مصرياً.

اضطرت مصر للرد على تكليف السودان شركة كندية بالتنقيب عن البترول فى المياه الإقليمية لحلايب بإنشاء السور الحدودى.

- هذه التعليمات المصرية بإنشاء السور جاءت بأمر من النظام المصرى السابق وبإيعاز من جهات عالمية وخارجية، التى كان من مصلحتها توقف العلاقات المصرية السودانية بعد قيام النظام السودانى الحالى عقب ثورة الإنقاذ مما أغضب الولايات المتحدة والقوى الغربية.

النظام المصرى السابق أيد ثورة الإنقاذ فى البداية فلماذا انقلب الحال بعد ذلك؟

- أعتقد أن النظام المصرى السابق كان يبحث عن أى شىء لتخريب علاقات مصر بالسودان ويتحين لذلك الفرص، وكان يمكن أن تحل مشكلة مثلث حلايب بسهولة وبأسلوب الحوار، باعتبار الروابط التى تجمع البلدين. والنظام السودانى أغضب الولايات المتحدة والقوى الغربية، وكذلك انهمكت قوات الجيش فى حروب داخلية مع الانفصاليين والمتمردين، ولم يكن من المفترض أن تفتح القوات السودانية جبهة أخرى فى الشمال بسبب الخلاف على مثلث حلايب، خاصة أن النظام كان وقتها يعتبر وليدا وكانت ثورة الإنقاذ لاتزال حديثة، فكان من الصعب أن تتخذ قرارا بالتدخل عسكريا فى حلايب أيضا.

هل تغيرت أوضاع المثلث الحدودى بعد ثورة 25 يناير؟

- بعد الثورة المصرية، تغيرت أوضاع كثيرة داخل مصر، لكن السلك الحدودى فى حلايب لم تتم إزالته، لكن أصبح هناك تفاهم أكثر بين السلطات المصرية والسودانية الموجودة هناك، وحدث كثير من التذليل والتسهيل للعقبات التى يواجهها أهالى هذه المنطقة، وهناك سهولة فى الحركة والتواصل إلى حد ما.

يتعذر علينا الوصول إلى بوابة حلايب، لذا من فضلك صف لنا منفذ «حدربة» الحدودى وكيف يستقبل البضائع من مصر والسودان؟

- منفذ «حدربة» فقط من أجل التجارة وتبادل البضائع، والطريق إليه يعتبر وعرا نوعا ما، ولا يسمح باستقبال الأفراد من هذه البوابة، ونحن لا نمنع الشاحنات المصرية بسائقيها من دخول الأراضى السودانية، فقد مرت عبر هذه البوابة شاحنات تحمل بضائع وتجهيزات لشركات مصرية تنفذ مشروعات البنية التحتية فى بورسودان، وفى بعض الأحيان كان السودان يرد بالمثل ويمنع الشاحنات المصرية من دخول أراضيه، وقد أقيمت منطقة تبادل بين مصر والسودان، تقوم فيها الشاحنات بتفريغ حمولتها فيها لنقلها عبر أراضى الدولتين.

قام السودان بتوفير جميع سبل تنمية التبادل التجارى مع مصر.. ما الذى يعوق تنفيذ ذلك واقعيا؟

- التعامل بين مصر والسودان «عاطفى» لكنه لم يترجم على أرض الواقع، فلا توجد ترجمة فعلية فى مجال التكامل الاقتصادى والثقافى، فلا تكفى الروابط الجغرافية والتاريخية لبناء أمة قوية، حتى بروتوكولات التبادل الاقتصادى بين البلدين توقفت بسبب إحجام الرئيس المصرى السابق عن المجىء للخرطوم ورفض استقبال الرئيس السودانى فى مصر، وحدث تأخير متعمد لتوقيع بروتوكولات التعاون.