تحررّت مدينة الموصل العراقية من قبضة تنظيم «داعش».. 3 سنوات من المعارك بين القوات الأمنية العراقية وقوات دولية، وبين التنظيم الإرهابي، انتهت بهزيمته، وإعادة المدينة التاريخية إلى أهلها.
خلال المواجهات المسلحة على مدار 3 سنوات، دفع سكان الموصل ثمناً كبيراً لاستعادة المدينة، ضحايا من الأطفال، زواج النساء من رجال داعش كان قسرياً، وفرض النقاب إجباري، بالإضافة إلى نزوح ما يقرب من نصف مليون إلى بلاد أخرى. فاتورة هزيمة أقوى تنظيم إرهابي في الخمس سنوات الأخيرة كانت كبيرة.
الأطفال.. صدمات نفسية وأمراض وتجنيد
أول ضحايا الاحتلال الداعشي للمدينة الذي بدأ في يونيو 2014، الأطفال، إذ عانوا من إصابات نفسية مُرعبة، جراء ما شاهدوه من قطع للرؤوس وإطلاق للنار، حسب منظمة العفو الدولية.
وقالت دوناتيلا روفيرا، كبيرة المستشارين لمواجهة الأزمات في منظمة العفو الدولية: «شاهدت أطفالا لم تلحق بهم إصابات مرعبة فحسب، إنما رأوا رؤوس أقربائهم وجيرانهم تقطع بسبب انفجار قذائف الهاون، أو يتحولون إلى أشلاء نتيجة انفجار السيارات المفخخة أو الألغام، أو يسحقون تحت ركام المنازل»، وذلك في معرض تصريحات لها نهاية العام الماضي.
وأضافت: «يجد الأطفال الذين جرحوا بسبب الحرب أنفسهم بعدئذ في مستشفيات تكتظ بالمرضى، أو في مخيمات للنازحين، حيث تزيد الظروف الإنسانية البائسة من صعوبة تعافيهم جسدياً ونفسياً مما لحق بهم. بينما يستمر حصار آخرين كثر في مناطق القتال».
فيما توفى ما يقرب من 15 طفلاً، وأصيب 78 آخرين، جراء الإصابة بأمراض الكوليرا والجفاف، لنقص الأغذية، وارتفاع نسبة تلوث المياه، وتردي الوضع البيئي، وقلة الأدوية والمستلزمات الطبية.
وخطف التنظيم الإرهابي، 120 طفلاً من مدارسهم من مناطق جنوبي وغربي الموصل، شمالي بغداد، وجرى نقلهم إلى مراكز للتدريب الأيديولوجي واستخدام الأسلحة والعلميات الانتحارية، حسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف».
وقالت المنظمة، إن انتشار النزاعات يعرّض الأطفال بشكل متزايد لخطر التجنيد والاستخدام من قبل المجموعات المسلحة.
وذكرت المنظمة الدولية أنه جرى توثيق حالات في العراق وسوريا لتجنيد أطفال بعمر 12 عاماً، وخضوعهم لتدريبات عسكرية واستخدامهم كمخبرين ولحراسة مواقع إستراتيجية وحراس على نقاط التفتيش.
النساء.. زواج قسري واغتصاب وفرض النقاب
فيما كانت النساء الأكثر عرضة للاضطهاد مع بداية الاحتلال الداعشي للموصل، إذ فرض عليهن ارتداء النقاب وحُظرت الملابس «غير المحتشمة» ومساحيق التجميل، أما الزواج من رجال التنظيم فهو إجباري.
واحتجز التنظيم، نساء وفتيات إيزيديات اختطفن في 2014، وأجرت منظمة هيومن رايتس ووتش، مقابلات مع بعضهن عقب هروبهن، وتعرضن للتعذيب والاتجار فيهن بين عناصر داعش.
والتقت المنظمة الدولية، 21 امرأة سُنية مسلمة، و15 امرأة وفتاة من الأقلية الإيزيدية، هربن جميعا من مناطق خاضعة لسيطرة داعش، وأغلبهن هربن في أواخر 2015. وصفن تحويلهن قسرا إلى الإسلام واستخدامهن في الرق الجنسي وبيعهن وشراءهن في أسواق العبيد وتنقلهن بين ما يصل إلى 4 عناصر من داعش، بجانب اغتصاب وحشي.
وأعدم التنظيم العشرات من النساء، حسب منظمات حقوقية، وبيانات للتنظيم، أشهرهما الجراحة الإخصائية مها سبحان، والطبيبة لمياء إسماعيل.
نزوح نصف مليون شخص
خلال الفترة من يونيو 2014 إلى يونيو 2017، نزح نحو نصف مليون شخص جراء المعارك التي انطلقت لاستعادة الموصل من قبضة «داعش»، حسبما أعلنت منظمة الأمم المتحدة.
وقالت ليز غراند، منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في العراق، في وقت سابق، إن «أعداد المدنيين الذين يواصلون الهرب من مدينة الموصل مذهل. أسوأ فرضية عندما بدأ القتال كان احتمال فرار مليون شخص من الموصل. وحاليا يبلغ عدد النازحين نحو 493 ألفا».
وبلغت الخسائر ما يقرب من 30 ألف قتيل وجريح مدني، حسب تقارير صحفية عراقية وعربية ودولية، خلال المعارك، بجبناب استهداف تنظيم داعش للفارين من المدينة.