بمنطق «الغاوى ينقط بطاقيته» قرر أن تكون مشاركته بحجم ما يملك، فلم يرض وسط الشهداء الذين تساقطوا فى الميدان سوى أن يكون شهيداً مثلهم، لكنه لم ينل شرف الشهادة، ولم يكن طبيبا مثل أخيه ليسعف المصابين فى الميدان، لذا وضع كل إمكانياته العلمية فى تصميم نصب تذكارى لشهداء ثورة 25 يناير يخلد أسماءهم، ويرد فيه الجميل الذى قدمه هؤلاء الشهداء لكل المصريين الأحياء.
ورغم أن محمود سليمان الطويل، مهندس ديكور، فإن تصميم النصب التذكارى استغرق منه فترة طويلة، ليس لصعوبته، حسب تأكيده، بل لأنه أراد أن يعكس من خلاله عددا من الأفكار والمبادئ، وضحها: «أردت أن أعبر عن هذه الثورة بأرقى طرق التعبير، واخترت النصب، لأنه عمل باق ستشهد عليه كل الأجيال المقبلة، وسيتحول بعد سنوات إلى ما يشبه النصب التذكارى للجندى المجهول، لكن جنود هذه الثورة لم يكونوا مجهولين، لذا صممت ميدان التحرير عبارة عن 400 مسلة صغيرة بعدد الشهداء، وكل مسلة عليها اسم شهيد مكتوب على قاعدة المسلة بكل اللغات، وفى النصف مسلة كبيرة ترمز للثورة ومصر.
وأضاف يتباين ارتفاع المسلات وتكون قاعدة كل مسلة 60 سنتيمتراً، ويخرج من جانبى كل مسلة ذراعان، تتراص هذه المسلات فى دائرة إلى جوار بعضها البعض، ويخرج من ظهرها خط طويل هو شريان الحياة، الذى يصل إلى المسلة الأم التى تتوسط النصب والتى تعبر عن مصر، ويكتب على المسلة الأم الكبيرة بلغات كثيرة، ومنها الفرعونية كلمة مصر.
سليمان أكد أن الدكتور عبدالغفار شديد، منشئ قسم تاريخ الفن فى كلية الفنون الجميلة، ساعده فى تنفيذ فكرته، حيث أمده بالحروف الهيروغليفية وما يقابلها من الحروف العربية لكتابة أسماء الشهداء.
واقترح سيلمان إقامة النصب داخل ميدان التحرير، بحيث يتحول إلى مزار سياحى يجاور المتحف المصرى، وأضاف: أقترح أن يساهم جهاز الشرطة فى إنشاء هذا النصب فى محاولة منه لتحية هؤلاء الشهداء والاعتذار لهم وتحسين العلاقة بين الشرطى والمواطن.