وصلت ثورة الغضب فى محطتها الجديدة إلى المغرب، إذ تظاهر الآلاف، الأحد، فى أنحاء البلاد، مطالبين بإقالة الحكومة والبرلمان وإقامة ملكية دستورية تحد من صلاحيات الملك، بينما أوقعت المواجهات بين قوات الجيش والأمن فى ليبيا والمعارضين المطالبين بإسقاط النظام نحو 200 قتيل فى بنغازى وحدها. التى اضطر الجيش إلى الانسحاب منها، فيما نقلت مصادر من عائلة الزعيم الليبى معمر القذافى تأكيده «أنه لن يهرب خارج بلاده لا هو ولا عائلته، وأنهم يصرون على الموت على أرض ليبيا».
وبينما ساد الهدوء الحذر فى البحرين وخيّم آلاف المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام فى دوار اللؤلؤة وسط المنامة فى انتظار بدء الحوار بين المعارضة وولى عهد البحرين الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة، إلا أن المعارضة اشترطت إقالة الحكومة قبل بدء الحوار - تم تعليق الإضراب العام الذى دعا له اتحاد العمال بعد الاستجابة لمطالب الاتحاد بالسماح للمحتجين بالتظاهر السلمى وانسحاب الجيش من الدوار، فيما لا تزال المواجهات فى اليمن قائمة بين المناوئين وأنصار النظام.
وانتقلت رياح التغيير العربية إلى المغرب تلبية لدعوة حركة 20 فبراير إلى الخروج فى مسيرات سلمية شاركت فيها جماعة العدل والإحسان الإسلامية للمطالبة بالتغيير الديمقراطى وإقامة ملكية دستورية وسط تعزيزات أمنية وإجراءات صارمة وبخاصة فى الدار البيضاء والعاصمة الرباط، ونصبت الأجهزة الأمنية الحواجز عند مداخل المدن الكبرى.
وكشفت الحركة عن مطالبها الأساسية وهى: إقرار دستور ديمقراطى وحل الحكومة والبرلمان الحاليين وتشكيل حكومة مؤقتة، وإقامة ملكية دستورية تقلص سلطات الملك محمد السادس وتجعل النظام القضائى أكثر استقلالا، ومحاكمة المتورطين فى الفساد ومكافحة البطالة، وأعلنت 20 هيئة حقوقية مغربية دعمها للاحتجاجات التى دعا إليها نشطاء شباب عبر الـ«فيس بوك».
وفى غضون ذلك، ذكرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية أن عدد الجثث فى بنغازى ربما وصل إلى 200، و1000 جريح معظمهم حالتهم خطيرة نتيجة استخدام القوات والقناصة والمرتزقة الأجانب الأسلحة الثقيلة وإطلاق الرصاص الحى ضد المتظاهرين، وتحدثت تقارير عن استعمال الجيش للمروحيات لقمع المحتجين المطالبين بإسقاط النظام، وقال شهود عيان إن هناك قصفاً عشوائياً يستهدف الرجال والأطفال والنساء فى بنغازى. ودفع هذا القمع الدامى نحو 50 من علماء المسلمين فى ليبيا إلى إصدار نداء لقوات بوقف عمليات القتل فى أنحاء البلاد.
وقال شهود عيان إن قوات الأمن والجيش انسحبت من قلب بنغازى التى ترددت أنباء عن سقوطها فى أيدى المتظاهرين رغم تأكيد قيادات عسكرية أن الأمن والجيش لا يزالان يسيطران على الوضع فيها بنسبة 80%، وأضافت المصادر أن الجيش أقام منطقة عازلة لمسافة 50 مترا حول «مركز قيادة» فى المدينة بينما يطلق القناصة فى المركز النار على أى شخص يقترب من مركزال قيادة بعد وقوع مجزرة حقيقية قتل فيها العشرات وسط مخاوف من بدء أزمة غذائية ونقص السلع الأساسية وبخاصة الخبز فى المدينة والمناطق المجاورة لها بفعل الاضطرابات المستمرة لليوم الخامس على التوالى.
ودافعت صحيفة «قورينا» المقربة من سيف الإسلام نجل الزعيم الليبى عن قيام قوات الأمن بفتح النار على المتظاهرين، مبررة أنهم كانوا يسعون للسيطرة على مخازن للسلاح. وكان نحو 100 ألف شخص بدأوا الاعتصام منذ يومين أمام مبنى محكمة بنغازى إلا أن البنوك مغلقة، بعد أن أحرق المتظاهرون كل مكاتب اللجنة الثورية الحكومية ومراكز الشرطة فى المدينة.
وفى الوقت نفسه، قالت مصادر ليبية إن القذافى لن يهرب من البلاد فى حال تطور الأوضاع، وإنه مُصر على الموت على أرض ليبيا.ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن تلك المصادر التى تنتمى لعائلة القذافى أن القذافى لم يكن يقود مظاهرة ضد الحكومة كما صورت بعض وسائل الإعلام. ونقلت المصادر عن القذافى تأكيده أنه لن يهرب خارج بلاده لا هو ولا عائلته، «كلنا مصرون على الموت على أرض ليبيا».
وأضافت الصحيفة أنه تم استدعاء جميع أفراد عائلة القذافى الذين يقيمون خارج ليبيا بسبب الدراسة أو العمل منذ يوم الخميس الماضى، وأشارت إلى أن الجيش فقد السيطرة على الأوضاع فى بنغازى واضطر للانسحاب منها، إلا أنها قالت إن «كتيبة تابعة لخميس (النجل الأصغر للقذافى) ما زالت محاصرة داخل المدينة، ومن يقع فى يد الميليشيات من أفرادها يقتل ويمثل بجثته.
وبينما تظاهر المئات، مساء السبت، فى الميدان الأخضر وسط طرابلس دعما للقذافى، عرض التليفزيون الرسمى لقطات للساعدى نجل القذافى الذى عين الأسبوع الماضى مسؤولا عن بنغازى وهو يقوم بجولة فى الميدان وحيا أنصار النظام، وكانت أنباء ترددت عن حصار الساعدى فى بنغازى وأنه تجرى محاولات لإخراجه من المدينة.
وتشهد العاصمة طرابلس استنفارا أمنيا غير مسبوق وذكرت وكالة أسوشيتدبرس أن السلطات وزعت رسائل هاتفية تحذر سكان العاصمة من التعرض لقوات الأمن وصناعة النفط، وترددت أنباء عن قيام السلطات بقطع الماء والكهرباء والإنترنت عن مدينة زنتان غربا لعزلها عن أكبر القبائل المعارضة للقذافى، فيما لا يزال أكثر من 1300 شخص يتظاهرون فى مصراتة شرقا مطالبين برحيل القذافى.
وبينما أظهرت فيديوهات على «اليوتيوب» أن السلطات استعانت بمرتزقة أفارقة لقمع المتظاهرين وهو ما أكده انضمام جنود إلى المتظاهرين فى بنغازى احتجاجا على المرتزقة الموالين لخميس القذافى، الذى أصدر لهم أوامر بسحق المتظاهرين، لجأت السلطات الحكومية إلى سيناريو النظام المصرى السابق بتخوين المتظاهرين ووجود أجندة خارجية وهو السيناريو الذى ثبت فشله، وأعلنت وكالة الأنباء الليبية أن السلطات اعتقلت العشرات من عناصر شبكات أجنبية من مصر والأردن وسوريا وتونس وتركيا والسودان ووجهت لهم اتهامات بزعزعة الاستقرار والقيام بعمليات سلب ونهب وحرق المؤسسات الحكومية.
وبينما قالت حكومة البحرين السبت إنها بدأت حواراً مع الجماعات المعارضة المطالبة بالإصلاح فى رسالة مقتضبة على موقع «تويتر»، قال عبدالجليل خليل إبراهيم، رئيس الكتلة البرلمانية لجمعية «الوفاق الشيعية» المعارضة، إن «الحكومة التى لم تستطع حماية شعبها يجب أن تستقيل»، وطالب السلطات بأن تعلن الحداد الوطنى على أرواح الشهداء، موضحاً أن «المعارضة لا ترفض الحوار وإنما تطالب بالأرضية الصالحة له».
ومن جهته، قال مصدر بالمعارضة - طلب عدم نشر اسمه - إنه بالإضافة إلى سحب قوات الأمن، فإن مطالب المعارضة الرئيسية هى الإفراج عن المعتقلين السياسيين واستقالة الحكومة وإجراء محادثات بشأن وضع دستور جديد. ورجح المصدر تقديم هذه الطلبات خلال ساعات إلى ولى عهد البحرين، الذى ينظر إليه على أنه «إصلاحي».
وتابع المصدر أن «الطرفين الأساسيين هما الشيخ على سلمان وإبراهيم شريف»، والشيخ على هو الأمين العام لجمعية الوفاق الشيعية المعارضة فى حين يرأس شريف جمعية وعد العلمانية التى لم تفز بأى مقعد فى البرلمان.
وبينما قال المصدر المعارض إن هناك تكهنات متزايدة بأن ولى العهد سيحل محل رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة - الذى يتولى منصبه منذ 1971- بشكل مؤقت، رأى مراقبون أن ولى العهد ظهر بوصفه الرجل القوى الذى استبعد فى الوقت الحالى الصقور فى البلاط الملكى ورئيس الوزراء.
وفى تلك الأثناء، واصل المحتجون فى دوار اللؤلؤة اعتصامهم بشكل سلمى، وبدا الوضع هادئاً بعدما انسحبت قوات الجيش وتراجعت الشرطة، فيما يتوقع انضمام عدد من الصحفيين والمدونين إلى الاعتصام فى وقت لاحق، وذلك فيما علق الاتحاد العام للعمال دعوته للإضراب بعد انسحاب الجيش من الدوار والاستجابة لمطالب الاتحاد بالسماح للمتظاهرين بالاحتجاج السلمى. وخارجياً، دعت السعودية والإمارات المعارضين البحرينيين إلى الموافقة على الدعوة التى وجهتها السلطات إلى الحوار، بينما واصلت واشنطن ضغوطها على الحكومة البحرينية، وحثتها على القيام بإصلاحات تلبى تطلعات البحرينيين. وتتمتع البحرين بأهمية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة التى أقامت فيها المقر العام لأسطولها الخامس المكلف بمراقبة الخطوط البحرية.
وفى اليمن، حاول نحو 50 من مؤيدى الرئيس على عبدالله صالح تفريق مظاهرة ضمت حوالى 100 من معارضى الحكومة الأحد خارج جامعة صنعاء، وأطلقوا أعيرة نارية مع دخول الاضطرابات يومها العاشر، وسريعاً ما تفرق مؤيدو صالح بينما واصل المحتجون مسيرتهم.
وكان الجانبان أطلقا الرصاص السبت فى احتجاجات خارج الجامعة فى أول أنباء عن استخدام أسلحة نارية من جانب متظاهرين، وأصيب نحو 8 من المتظاهرين، فيما وردت أنباء عن مقتل شخص، كما أصيب 5 أشخاص فى بلدة الشيخ عثمان الجنوبية بعد أن أطلقت الشرطة النار فى الهواء لتفريق المحتجين.
جاء ذلك فيما ألقى صالح باللائمة على «أجندة خارجية» ومؤامرة ضد اليمن وأمنه واستقراره فى الاحتجاجات المندلعة ضد الفقر والبطالة والفساد التى اكتسبت زخما منذ انتفاضتى تونس ومصر، واتهم بشكل خاص الانفصاليين الجنوبيين بالوقوف خلف موجة العنف والمظاهرات فى عدن، وأكد صالح أن «اليمن بلد ديمقراطى.. ومن يرد أن يصل إلى كرسى السلطة فعليه أن يتجه نحو صناديق الاقتراع دون الفوضى».
وفى المقابل، قال محسن محمد بن فريد، الأمين العام لحزب «رابطة أبناء اليمن» المعارض، إن الحوار مع الحكومة أصبح مضيعة للوقت، معتبراً أن حل هذه المشاكل هو رحيل النظام. وهذه هى المرة الأولى التى يدعو فيها حزب معارض لرحيل صالح.
وفى تلك الأثناء، قالت عائلة «حسن باعوم» زعيم الحركة الجنوبية الانفصالية فى اليمن، إن مجموعة مسلحة تابعة للجيش اليمنى ألقت القبض على باعوم فى مدينة عدن الجنوبية الأحد، وأضاف ابنه الأصغر فادى حسن باعوم أنه تم القبض على والده فى مستشفى حيث كان يعالج بعد تردى صحته.
ونقلت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الاحتجاجات فى اليمن والرد عليها من جانب الحكومة وأنصارها يعزز عدم الاستقرار، وقد يستغلها تنظيم القاعدة المتمركز هناك لشن المزيد من الهجمات على الولايات المتحدة.
وفى السودان، أكد المهندس عبدالمنعم السنى القيادى بحزب «المؤتمر الوطنى» الحاكم أن الرئيس عمر البشير لن يترشح لدورة رئاسية جديدة وأنه سيرشح شخصا آخر بنهاية دورته الحالية. ونفى السنى أن يكون شباب الحزب طالبوا بتنحى الرئيس نافيا أن تكون هذه المطالب والرؤى ذات علاقة بما يحدث فى العالم العربى من تطورات.
وفى الجزائر، أفادت مصادر مطلعة أن المخابرات رفعت تقارير سرية أوصت الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بالإسراع فى إجراء إصلاحات جذرية لامتصاص الاحتقان الشعبى فى البلاد الذى يرجع إلى تراجع القدرة الشرائية بسبب زيادة أسعار المواد الأساسية، وأوصت التقارير بضرورة إقالة رئيس الوزراء أحمد أويحى الذى لم يعد مقبولا لدى الشارع وبعض وزراء حكومته تفاديا لتكرار السيناريوهين المصرى والتونسى.
وكانت السلطات فى العاصمة قمعت للمرة الثانية مسيرات شارك فيها الآلاف من التنسيقية الوطنية للتغيير وأصيب فى المواجهات بين المعارضين والموالين للحكومة عدد من الأشخاص بينهم بعض القيادات المعارضة.
بينما اتهمت جماعة حقوقية الشرطة الكويتية بإطلاق الغاز المسيل للدموع على حشد يضم المئات من فئة البدون الذين طالبوا السبت بتجنيسهم، وبينما تظاهر المئات من شيعة السعودية أمس الأول لتحسين أوضاعهم، قال نشطاء حقوقيون إن السلطات ألقت القبض على نشطاء أعلنوا إنشاء أول حزب سياسى فى المملكة.