ذكرت افتتاحية صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن مصر تحتاج المساعدات التي وعدتها بها الدول الأجنبية عقب الثورة مباشرة، بعد شهور من تغني الدول الغربية بما حققه الربيع العربي من فرصة تاريخية لتحقيق استقرار المنطقة ودفعها للأفضل.
وأضافت أنه لو تم تحقيق مطالب الشعوب الثائرة في مصر وتونس وليبيا وكل مكان، من ديمقراطية ليبرالية وتحديث الاقتصاد، فسوف تتحول إحدى أكثر المناطق في العالم اضطرابًا إلى الاستقرار. ولفتت إلى أن هذا الهدف يعتبر «استثمارًا كبيرًا يستحق المساعدات التي وعدت أن تقدمها الدول الغنية».
وقالت الصحيفة إنه رغم إعلان وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه، في اجتماع للدول الثماني في نيويورك الأسبوع الماضي عن تخصيص 80 مليار يورو مساعدات لمصر وتونس والأردن والمغرب خلال العامين المقبلين، فإن المشكلة في كيفية توصيل هذه المساعدات.
وضربت مثلا بمصر، التي أعلن وزير التضامن والعدالة الاجتماعية فيها أنها تلقت 17.5 مليار دولار مساعدات حتى الآن، لكنها لم تشهد أي تغيير ولم ير أحد فيم أنفقت هذه المساعدات على أرض الواقع، مشيرة إلى الحكومة المصرية التي تتضور جوعًا من أجل مزيد من الدعم، في الوقت الذي تواجه فيه إضرابات المعلمين والأطباء والعمال الحكوميين الذين يطلبون «زيادات كبيرة في الأجور»، فضلا عن استمرار 40% من الجيل الذي قام بالثورة عاطلًا حتى الآن.
وأوضحت «واشنطن بوست» أن مصر تحتاج المال للاستثمار طويل المدى، لكنها تحتاج مساعدات نقدية فورية الآن أيضًا، فرغم أن الاقتصاد مازال متماسكًا، إلا إنه حقق نمو 2% فقط هذا العام، وانخفضت السياحة والاستثمار الأجنبي بمقدر الثلثين، فيما أنفقت الحكومة بالفعل ثلث احتياطي الدولة وبالتالي ارتفعت نسبة الفائدة المحلية مع الاقتراض، كل هذا بالتزامن مع التغييرات السياسية التي يمكن أن تلعب مع الظروف الاقتصادية المتدهورة دورا في أن «تقع مصر في يد الأحزاب الإسلامية وأنصار التيار المناهض للغرب».
وألقت الصحيفة باللوم في مشكلة تدفق السيولة النقدية على المجلس العسكري «المتعثر» الذي رفض 3 مليار دولار كان صندوق النقد الدولي قد قدمهم للحكومة المدنية الحالية، كما رفض مليار دولار من البنك الدولي، وكانت بينه وبين إدارة أوباما ضغائن بسبب معونات بقيمة 140 مليون دولار خصصتها وزارة الخارجية الأمريكية لمصر، بعدما هدد منظمات المجتمع المدني التي تتلقى تمويلًا أجنبيًا دون موافقة حكومية، وكان ذلك أثناء تلقيه معونة عسكرية قدرها 1.3 مليار دولار.
وقالت الصحيفة إن هذه المواقف غير مقبولة، لكن القادة العسكريين وعدوا بتسليم السلطة في غضون أشهر. والأهم من ذلك، «هو ألا تأتي حكومة مدنية منتخبة بعدهم تعمل بنفس أسلوبهم أو تتعامل مع الأزمة الاقتصادية بنفس الآليات». واختتمت بالقول إن تردد الكونجرس الأمريكي في منح مصر مساعدات أو التخفيف من أعباء ديونها يمكن أن يؤدي إلى عدم قدرة الحكومة المصرية على دفع رواتب العاملين أو تشغيل الشباب، وهو ما سيؤدي حتمًا لسيطرة الإسلاميين على مجريات الأمور في البلاد.