أكدت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية أن مصير الأقليات فى المنطقة العربية من أهم التحديات التى يواجهها العالم العربى الذى يشهد العديد من الاضطرابات فى معظم أراضيه. وتعتبر محنة المسيحيين فى سوريا جزءا لا يتجزأ من هذا التحدى، إذ يخشون من المصير المجهول الذى ينتظرهم عقب الإطاحة بنظام الرئيس السورى بشار الأسد.
وقالت الصحيفة فى تقرير لها الأربعاء عن مخاوف المسيحيين السوريين من سقوط نظام الأسد إنه بالرغم من المعارك الدامية التى تشهدها سوريا، يفضل المسيحيون بقاء هذا النظام خشية من أن تنزلق البلاد (حال سقوطه) فى حرب طائفية مثلما حدث فى العراق ولبنان، أو يهدد بقاؤهم كما هو الوضع فى مصر ما بعد الثورة. وأضافت أنه منذ الإطاحة بنظام صدام حسين فى العراق، انخفضت أعداد المسيحيين، تاركين العراق بعيدا عن التعصب وسفك الدماء. ويخشى مسيحيو مصر من وصول الإسلاميين إلى السلطة، أما مسيحيو لبنان، فهم فى قلق دائم على مستقبل بلادهم، التى شهدت 15عاما من الحرب الأهلية. ومن ثم فالمسيحيون فى سوريا، وهم يشكلون أكبر نسبة أقلية (مسيحية) فى الوطن العريى، متخوفون من تجدد سيناريو الحروب الأهلية، خاصة بعدما دعموا بقاء نظام الأسد. وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة السورية لم تغفل تدعيم الانقسامات الداخلية لضمان بقاء نظام الأسد، أكبر فترة ممكنة. وتساءلت عما إذا كان: الحفاظ على وحدة سوريا من الحرب الأهلية أصبح مرهوناً ببقاء حكم الأسد؟».
ونقلت الصحيفة رأى فتاة مسيحية فى سوريا، كتبته على صفحة «فيس بوك» الخاصة بها رداً على فتاة معارضة، قائلة: «ماذا تعنى الحرية لك، أن تقولى وتفعلى ما تشاءين، هل تظنين أنك ستحصلين على هذه الحرية بسقوط النظام؟حينها سيبقى الجميع فى منزله متمنياً عودة هذه الأيام». فى حين دعا بطريرك الكنيسة المارونية فى لبنان بشارة باتروس المارونيين إلى منح الأسد فرصة أخرى وإعطائه مزيدا من الوقت لكى ينفذ الإصلاحات التى وعد بها. ووصف البطريرك الأسد بأنه «شخص ضعيف لا يملك صنع المعجزات»، محذراأ من أن الإطاحة بالأسد من شأنها تهديد أوضاع المسيحيين فى الشرق الأوسط. وأثارت هذه التصريحات جدلا كبيرا فى لبنان.
وبالرغم من أن الأغلبية المسيحية تدعم بقاء الأسد، انضم بعض المسيحيين لصفوف الاحتجاجات. وروى ناشط سورى كيف وجد صديقه المسيحى نفسه مختبئا بمنزل أسرة مسلمة فى بلدة على مشارف دمشق، حيث كان يشارك فى مظاهرة . وبينما كانت القوات السورية تفرق المحتجين وتنهال عليهم بالضرب، كان المحتجون يختبئون فى المنازل والمبانى المجاورة، ووجد ذلك الشخص نفسه وسط أسرة مسلمة رحبت به وأثنت على مشاركته فى المظاهرة.