بدأت رحلة الاحتراف الخارجى بالانتقال إلى نادى أودينيزى الإيطالى بعدما اكتملت المفاوضات بين مسؤولى النادى الإيطالى ومسؤولى الزمالك، برئاسة المستشار جلال إبراهيم، حيث حضر نجل رئيس نادى أودينيزى إلى القاهرة لسداد المبلغ المالى الذى طلبه الزمالك للاستغناء عنى، وبالمناسبة فإن رئيس نادى أودينيزى كان يمتلك النادى ومن ثم فإن نجله حضر إلى مصر لهذا السبب
وسددت 50 ألف دولار إلى الزمالك من قيمة تعاقدى مع أودينيزى من أجل إتمام المفاوضات، وكنت قد ألغيت فكرة انتقالى إلى سامبدوريا الإيطالى أو الاختبار فى مانشستر يونايتد الإنجليزى كما ذكرت لكم، ووضعت فى اعتبارى نصيحة الكابتن عبده صالح الوحش الذى قال لى «عصفور فى اليد خير من 10 على الشجرة»..
وأذكر أن والدى ووالدتى كانا فى غاية السعادة بعد أن تحقق حلمى بالاحتراف فى أحد أكبر الدوريات فى العالم وكان وقتها الدورى الإيطالى هو الأقوى، يضم لاعبين نجوما فى العالم على رأسهم ديو باجيو وستانلى وتوتى وغيرهم من اللاعبين، لكن والدى كان يقول لى دائما عندما كت متوترا خوفاُ من أن تفشل مفاوضات انتقالى إلى أودينزى: «متقلقش هتسافر بس لازم الزمالك ياخد حقه»، وهذه الجملة كانت من ضمن الدوافع التى جعلتنى أقرر التنازل عن الـ50 ألف دولار، ووصلت الصفقة إلى 350 ألف دولار أى ما يعادل 1.5 مليون جنيه فى ذلك الوقت، فقد كان الدولار بـ3 جنيهات، لكن عموما الصفقة كانت من أكبر الصفقات التى عقدت فى ذلك الوقت، خصوصا أننى كنت لم أتخط الـ18 عاماُ ولم ألعب مع الزمالك سوى 6 أشهر فقط..
صحيح أننى كنت بدأت ألمع بشكل كبير وأنال الشهرة عقب المشاركة فى بطولة أمم إفريقيا عام 96، واختارونى ضمن منتخب أفريقيا عقب البطولة، وقد يكون ذلك مما سهل احترافى فى أوروبا، وسافرت بعد إتمام المفاوضات إلى «العجمى» لقضاء إجازتى الصيفية مع أصدقائى لحين موعد السفر إلى إيطاليا.
فقد كنت متوترا بشكل كبير كما ذكرت لكم خوفا من فشل الاحتراف، وعدت إلى القاهرة قبل سفرى إلى إيطاليا بـ48 ساعه يوم 5 أغسطس 96 وهو التاريخ الذى لن أنساه أبدا لأنه شهد أول يوم سفر لى بمفردى وعمرى كان 18 عاما ولم يحضر معى والدى أو والدتى، لدرجة أننى كنت أحيانا أسألهما عن السبب الذى دفعهما لعدم السفر معى إلى إيطاليا رغم أنهما حضرا إلى كثيرا فى هولندا عندما احترفت بنادى جرافشب الهولندى..
وسافرت إلى أودينيزى وقلبى مرتعش من الخوف رغم أن والدى كان قد اتفق مع أحد أصدقائه المقيمين فى إيطاليا من أجل استقبالى كان اسمه «عاطف» ويشجع النادى الأهلى لكنه كان يعشق والدى، وتوجهت إلى مدينة أودينيزى التى يوجد بها مقر النادى الذى انتقلت إليه، وبعد أن كنت فى أجواء صيفية فى «العجمى» ودرجة الحرارة تتعدى الـ38 درجة فوجئت بمدينة تواجه طقسا باردا للغاية وأمطارا غزيرة.
لكننى كنت سعيدا بالجماهير التى استقبلتنى فى المطار ورفعت لى لافتات باسمى أثناء خروجى من المطار حتى توجهت إلى الفندق الذى سأقيم فيه وحضر إلى مقر الفندق رئيس نادى أودينيزى الذى عقد جلسة معى وأبلغنى أننى سأنضم إلى تدريبات الفريق فى اليوم التالى، وطالبنى بالتركيز مع الفريق وفى المباريات الودية حتى يقتنع بى المدرب الذى كان يقود الفريق فى ذلك الوقت وهو الإيطالى «زاكرونى»، وأبلغنى أيضا أن مرحلة انضمامى لأودينزى سيكون لها تأثير كبير فى مشوارى الكروى، وقال لى إن الأندية الإيطالية تتابع الفريق وكذلك الأندية الأوروبية نظرا لشهرة أودينيزى بأنه يتعاقد مع لاعبين لهم مستقبل ويكون لهم دور كبير فى أندية شهيرة فى أوروبا.. وراح يعدد لى أسماء اللاعبين الذين احترفوا بنادى أودينيزى لم أتذكر أحدا منهم فى الوقت الحالى..
وصعدت عقب جلستى مع رئيس النادى إلى غرفتى وشعرت فيها بوحده لم أشعر فيها بحياتى واتصلت بوالدتى أبكى من صعوبة الوحدة فى اليوم الأول رغم أننى قضيت معظم الوقت مع رئيس النادى لكننى عندما صعدت فى الغرفة لم أجد من يتحدث معى ومن ينصحنى وأخذت أتذكر «قفشات» والدى معى عندما كان يحضر إلى المنزل أو والدتى عندما كانت تتحدث معى أثناء وجودى فى المنزل، وطلبت منى والدتى أن أهدأ وأنتظر إلى اليوم التالى حتى أتوجه إلى المران الأول مع أودينيزى، وبالفعل عندما توجهت إلى معسكر الفريق وبدأت المران الأول مع زاكرونى نسيت كل شىء وبدأت أتأقلم مع الفريق سريعا وساعدنى على ذلك أننى كنت أجيد التحدث باللغة الإنجليزية وكان هناك بعض اللاعبين فى أدوينيزى يتحدثون الإنجليزية على رأسهم نجم الكرة الألمانية «بيرهوف» والذى كان يتعامل معى بشكل محترم ويحاول مساعدتى بصفة مستمرة.
وكان اللاعبون عندما يعرفون أننى مصرى يسألوننى عن مدينة شرم الشيخ والغردقة والأماكن السياحية فى مصر وهو ما كنت أسعد به، وبدأنا نستعد لخوض مباريات الفريق فى الدورى الإيطالى والمواقف الصعبة التى واجهتها خلال وجودى مع الفريق، فضلا عن هجوم الجماهير على «زاكرونى» بعدما عاملنى بطريقة سيئة تسببت فى بكائى أمام الجماهير التى علقت لافتات هتفت باسمى وأشياء أخرى مررت بها خلال تلك الفترة.
حلقة الغد:
فترة أودينزى الإيطالى