الفقيه الدستورى د.محمد نور فرحات: إعداد البرلمان القادم للدستور اختيار غير موفق

كتب: شيرين ربيع الأربعاء 28-09-2011 16:50

أكد الفقيه الدستورى، الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ فلسفة القانون، أنه لا يجوز تمديد حالة الطوارئ أكثر من 6 أشهر، وفقاً للمادة 59 من الإعلان الدستورى، سوى باستفتاء شعبى، وأنه يمكن الطعن على القانون أمام القضاء الإدارى.

وقال إن وزارة الداخلية يمكنها السيطرة على الحالة الأمنية ومواجهة أعمال البلطجة بالقانون العادى، أثناء الانتخابات، وتوقع إلغاء الانتخابات حال استمرار العمل بـ«الطوارئ».

ويرى أن إعداد مجلس الشعب، المقبل، الدستور اختيار غير موفق، باعتباره إحدى المؤسسات، التى ينظمها الدستور. وأكد أن هناك الكثير من الجرائم التى كان يجب أن يحاكم بها «مبارك»، وطالب بألا تقتصر محاكمته على جريمة قتل المتظاهرين، ومحاكمته بتهم الفساد المالى والسياسى والاجتماعى.

وتوقع حصول بعض المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين على البراءة، وأرجع ذلك إلى أن القاضى يحكم بما لديه من أدلة وأسانيد ووقائع.

وشدد على أهمية إجراء انتخابات «الشعب» بالقائمة النسبية، وتوقع استحواذ التيار الدينى على 40٪ من مقاعد مجلس الشعب المقبل، وقال إن تأجيل الانتخابات هو الحل الأمثل للقضاء على مخاوف الشارع المصرى من استحواذ الإسلاميين على مقاعد مجلس الشعب.

وإلى نص الحوار:

البعض يرى أن مد العمل بقانون الطوارئ غير دستورى وأنه بدءاً من 29 سبتمبر من الشهر الجارى يكون العمل به غير قانونى؟

 - هذا الموضوع تحكمه المادة 59 من الإعلان الدستورى فى فقرتها الأخيرة التى تنص على أنه: «فى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تتجاوز 6 أشهر ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك»، ولابد أن نضع تحت كلمة إعلان خطوطاً كثيرة، لأن هذا النص لم يكن موجودا فى دستور 71، وإنما وضعته لجنة التعديلات الدستورية التى تشكلت بعد قيام الثورة برئاسة المستشار طارق البشرى، وفى جميع الأحوال لا تسرى حالة الطوارئ إلا لمدة محددة لا تتجاوز 6 أشهر، «لو أعلنت حالة الطوارئ بداية من اليوم فلا يجوز أن تمتد لأكثر من 6 أشهر». أما إذا كانت معلنة فى ظل دستور سابق بأحكام مخالفة، لم تكن تضع مثل هذا القيد على مدة الطوارئ، فهذا النص الدستورى السابق، هو الذى يسرى على مدة الطوارئ

ألا ترى أن الأمر يستلزم لهجة أكثر حزما؟

 - أمام المجلس العسكرى الاختيار بين أمرين إما أن يأخذ بتفسير اللواء ممدوح شاهين واللواء رئيس القضاء العسكرى، وهو أن حالة الطوارئ لن تنتهى إلا فى يوليو 2012، ويصبح هو «المجلس» صاحب القرار، وإما أن يكون أكثر تسامحا ويتفضل بعرض الأمر على الجمعية العمومية للفتوى والتشريع بمجلس الدولة لتقول رأيها فى هذا الموضوع.

ماذا يحدث إذا تمسك المجلس العسكرى برأيه؟ 

- لابد أن تجرى اتصالات بكل الأحزاب «الوفد، الناصرى، التجمع، الحرية والعدالة»، ويتم سؤالهم ماذا سيفعلون فى حالة تمسك المجلس الأعلى للقوات المسلحة برأيه واعتبار أن  حالة الطوارئ معلنة»، وهناك وسيلة قضائية لمواجهة هذا المأزق، فنحن معرضون لأى طعن قضائى يتقدم به أى شخص يمسه إعلان حالة الطوارئ «يعنى لو شخص تم اعتقاله وذهب إلى محكمة القضاء الإدارى وطلب إلغاء قرار الاعتقال، نظرا لأن حالة الطوارئ انتهت، فمن المؤكد أن تفصل محكمة القضاء الإدارى فى هذا الطلب ببطلان الاعتقال لانتهاء حالة الطوارئ من الناحية القانونية، وقد تنحاز إلى التفسير الذى تبناه المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتقول: «إن حالة الطوارئ ستستمر حتى يونيو 2012».

وأنا أفضل أن نحتكم جميعا إلى مجلس الدولة بمقتضى ما له من سلطة من إبداء الرأى فى المسائل الدستورية لكى يقول لنا أى التفسيرين  صواب.

 ■ هل من الأفضل أن يحتكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة إلى مجلس الدولة لإبداء رأيه؟

 - إن لم يحدث ذلك فعلى من يتضرر من تطبيق حالة الطوارئ ولديه اقتناع بأن حالة الطوارئ انتهت أن يلجأ إلى القضاء ليطعن على ما تم اتخاذه ضده من إجراءات.

هل يمكننا القول إن المادة 59 من الدستور تسبق حالة الطوارئ؟

 - نعم.. إعلان حالة الطوارئ سبق المادة 59 من الدستور، على غير المقتضى للمادة 59، وحالة «الطوارئ» كان آخر تجديد لها 2010، وهذا يعنى استمرارها حتى يونيو 2012، والنص الجديد يقول: «لا يجوز إعلان حالة الطوارئ إلا لمدة 6 أشهر، أو يستفتى الشعب». فلو طبقت على الإعلان السابق فهذا يعنى إقراراً بأن نصوص الدستور تطبق على ما سبق صدوره من قرارات وقوانين، ففى حالة الإقرار بهذا المبدأ يطبق نص المادة الثانية من الدستور على القوانين السابقة عليه «وأعتقد أن هذه النقطة لم يشر إليها أحد، وأنا أتحدث كرجل قانون وليس كسياسى»

 ■ البعض يرى صعوبة إجراء الانتخابات التشريعية فى ظل قانون الطوارئ!

 - أتفق تماما مع هذا الرأى.

 ■ لكن كيف نمنع أعمال البلطجة أثناء الانتخابات دون قانون يسيطر على هذه الممارسات؟

 - هذا شأن «الداخلية» ووظيفتها، ومن الممكن أن نواجه البلطجة بالقانون العادى.

 ■ إذن، ترى فى إلغاء قانون الطوارئ حلا مناسبا؟

 - يجب أن يجمد قانون الطوارئ بدءاً من فتح الباب للترشح والدعاية الانتخابية حتى إعلان نتيجة الاقتراع.

 ■ ما التصرف المناسب حال الإبقاء على قانون الطوارئ؟

 - من المتصور نظريا إلغاء الانتخابات فى ظل قانون الطوارئ.

 ■ ألا ترى أن مصر بعد الثورة بحاجة ماسة إلى قانون الطوارئ؟

 - رأيى السياسى، هو أن إجراء الانتخابات فى مثل هذه الظروف خطورة شديدة.

 ■ هل كنت من المؤيدين للدستور أولا قبل الانتخابات؟

 - بالطبع، وأعتقد أن كثيراً من المسؤولين أدركوا أن الدعوة إلى «الدستور أولاً، كانت دعوة رشيدة وواجبة الاتباع.

إذن، لماذا لم يقرر المجلس العسكرى إعداد الدستور قبل الانتخابات؟

- من الأفضل أن يتم توجيه هذا السؤال إلى المجلس العسكرى، وأنا لا أوافق على إدارة العملية السياسية برمتها، وكان من الأجدى اتباع ما نادى به حكماء الوطن، ومنهم: «محمد حسنين هيكل والدكتور البرادعى وأنا ثالثهما»، فقد نجحت الثورة واستطاع الجيش حمايتها، وكان الأفضل أن يعود الجيش إلى ثكناته وأن يشكل مجموعة من حكماء الوطن تحت اسم «مجلس أمناء الدولة والدستور أو مجلس رئاسى». يشارك فيه القوات المسلحة بعضو، تكون مهمته الأولى وضع الدستور ووقتها كنا سنوفر الوقت، لأن وضع الدستور لا يستغرق شهرين.

هل من الأفضل أن يعد مجلس الشعب الدستور؟

- مصدر الدستور هو الإرادة الشعبية، وهذا كان سبب الاستفتاء، وأرى أن قيام أعضاء مجلس الشعب بوضع الدستور اختيار غير موفق، لأن مجلس الشعب هو إحدى المؤسسات التى ينظمها الدستور، فكيف لهذه المؤسسة، التى ينظمها الدستور أن تقوم بوضع الإطار القاعدى؟ و«كيف يكون مجلس الشعب هو الخصم والحكم فى الوقت نفسه»، وهذه المؤسسات بطبيعتها غير محايدة بين مختلف المناهج الدستورية، الشىء الأسوأ هو أن مجلسى الشعب والشورى المقبلين سيتم انتخابهما والمجتمع المصرى فى حالة سيولة سياسية، كما أن القوى التى قامت بالثورة لم تتبلور أحزابها بعد، والقوى السياسية الفاعلة فى مصر مازالت هى القوى التقليدية القديمة، مثل القوى الدينية الممثلة فى حزب «الإخوان المسلمين» و«التيار السلفى» اللى طلع لمصر من تحت الأرض، والقوى القديمة، التى كانت تسيطر على الانتخابات من ممثلى القبائل والعشائر ممن كانوا أنصار الحزب الوطنى، أما القوى الجديدة التى نادت بالحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية فمازالت فى بداية طريقها للعمل مع الشارع المصرى، وهو ما يؤكد عدم وجود تكافؤ الفرصوالسؤال هنا: «كيف تقوم القوى التقليدية بوضع الدستور الجديد؟». لذلك طالبنا بالدستور أولاً، وبتعديل المادة 60 من الإعلان الدستورى.

ما تفسيرك القانونى بخصوص فرض السرية على جلسات محاكمة رموز النظام السابق؟

- هذه المسألة مطلقة للمحكمة، لاعتبارات الأمن القومى والنظام العام والآداب العامة، ولأن الإعلان عن شهادة بعض الشهود قد يضر بالقضية ويجعلها فى مصلحة المتهمين.

هل تؤيد السرية فى شهادة المشير؟

- بكل تأكيد لأنها سرية مؤقتة، ولأنه عندما تصدر المحكمة الحكم ستذكر مضمون هذه الشهادة، وستذكر ماذا قال شهود الإثبات والنفى والواقعة وستكتب الشهادة، وهذه الشهادات سيتم الكشف عنها بمجرد صدور الحكم، وأرى أن هناك سبباً مهنياً فى ذلك، وهو عدم تمكين الشهود اللاحقين من الاستماع إلى شهادة الشهود السابقين حتى لا يتأثروا بهم.

لماذا التصقت تهمة قتل المتظاهرين بالرئيس السابق، ولم توجه له تهم أخرى.. وهل ترى أن هذه التهمة كانت السبب الوحيد لمحاكمة الرئيس السابق؟

- هناك جرائم أكبر بكثير من تهم القتل للمتظاهرين، وكان لابد أن يحاكم «مبارك» بتهم الفساد المالى والسياسى والاقتصادى، لأنه متهم بالكثير، ومن السفه أن نلخص فساد 30 عاماً فى تهمة مثل هذه حتى لو كانت نهايتها الإعدام.

لماذا إذن لم تنسب له هذه التهم؟

- هو مقدم بتهمة واحدة، هى التصريح بتصدير الغاز إلى إسرائيل مقابل الحصول على فيلتين من رجل الأعمال حسين سالم بأسعار رمزية، وهذا لا يكفى من وجهة نظرى، لأن ما ارتكبه النظام السابق ورموزه من جرائم فى حق مصر طوال 30 عاماً أكثر من هذا بكثير.

ماذا عن تزوير الانتخابات والاستفتاءات طوال 30 عاماً؟

- معك تماماً فى ذلك، والأدلة موجودة على هذا الكلام، فقد تم التلاعب فى الأدلة فى الفترة بين اندلاع الثورة وتقديم المتهمين إلى المحاكمة، من سيديهات تم مسحها وأفلام صورتها الكاميرات تم إخفاؤها، يكفى ما أعلنه نائب الأمين العام للمركز القومى لحقوق الإنسان فى تقريره، الذى أصدره عن «موقعة الجمل»، الذى قال إنه تم التلاعب فى الأدلة المادية، فمثلاً تم تغيير طلقات الرصاص، وهناك احتمال أن تصدر أحكام لصالح عدد كبير من المتهمين بالبراءة، لأن القاضى يحكم بالأدلة التى أمامه، والمستشار فتحى صادق، الذى ينظر إحدى قضايا قتل المتظاهرين، قال للمحامين قبل بدء الجلسة، إننى لا أحكم بميدان التحرير، ولا ثورة 25 يناير، وأحكم بقانون العقوبات وما تحت يدى من أوراق، وأنا أؤيده فى ذلك، لأن القاضى يحكم بما يمتلكه من أدلة وأحراز، فإذا تم التلاعب فى الأدلة والأحراز أصدر حكماً بالبراءة، وهناك قانونان لا يقترب منهما أحد، قانون صدر سنة 56 بمحاكمة رئيس الجمهورية، وقانون 58 بمحاكمة الوزراء لمعاقبتهم على الخيانة العظمى والفساد السياسى وتزوير الانتخابات، والتلاعب بالدستور، والحصول على مزايا من الوظيفة العامة، وهذا القانون نافذ حتى الآن، لكن مشكلته أنه يستلزم وجود أعضاء سياسيين فى تشكيل المحكمة، ولابد من تعديل تشكيل المحكمة، وأن نجعل محكمة الجنايات هى المختصة، ويحاكم هؤلاء المسؤولون بالجرائم السياسية التى ارتكبوها.

وأسأل النائب العام.. لماذا لا تتم محاكمة مبارك ورموز نظامه على جرائم الإفساد السياسى، التى تضمنها قانون محاكمة رئيس الجمهورية لسنة 56، وقانون محاكمة الوزراء لسنة 56؟

وأوجه سؤالاً آخر للمجلس العسكرى باعتباره صاحب السلطة التشريعية فى مصر: لماذا لم يتم تعديل قانون 56 وقانون 58 بإعادة تعديل تشكيل المحكمة، لتصبح محاكم الجنايات هى المختصة بالمحاكمة على هذه الجرائم؟

هل تفضل نظام القائمة النسبية على النظام الفردى؟

- بالطبع، لأن النظام الفردى سوف يعيد مجلسى شعب «2005 و2010» بحذافيرهما، مع إضافة بعض المقاعد للإخوان المسلمين.

هل تعتقد أن الشعب غير واعٍ لدرجة تجعله يدلى بصوته لصالح فلول الحزب الوطنى؟

- الناخب يمتلك الوعى الكافى، لكن عندما تطلبين منه أن يُحكم وعيه وهو لديه مشاكل فى الإسكان والصحة والتعليم، ويمكن للمال أن يسيطر فى ذلك الوقت، ونحن بذلك نطلب ما لا يستطاع، والمثل يقول: «إذا أردت أن تطاع فامر بما يستطاع»، وفترة «عبدالناصر» كان هناك ما يسمى «ميثاق العمل الوطنى» صدر عام 1961 قال: «حرية رغيف الخبز مقدمة على صندوق الانتخابات» أنا لم أقل هذا ولكننى أقول «رغيف الخبز لا شك أنه عامل مؤثر فى اختيار الشخص أمام صندوق الانتخابات».

لكن ألا ترى أن القوائم النسبية ستكون صعبة الفهم على البعض؟

- لا.. وأرى أن الناخب سيجد كل ما يريده فى القائمة التى أمامه.

لكنه يعتبر تمييزاً للأحزاب عن المستقلين؟

- سنسمح للمستقلين بحرية إعداد قوائم.

ألا توجد صعوبة تواجه المستقلين فى حالة الموافقة بالقوائم النسبية؟

- بصراحة مينفعش أكون «مستقل» تجاه مشاكل الوطن، أو ليس لدى توجه سياسى، وعلى المستقل أن ينشئ حزباً، لأن الحياة السياسية الناضجة لابد أن تقوم على أساس تعدد الأحزاب والاختيارات السياسية اختيارات حزبية، يعنى إزاى واحد يقول لنا مستقل وفيه مشكلة تعليم.

ما نسبة المقاعد المتوقعة للإسلاميين فى المجلس القادم من وجهة نظركم؟

- أتوقع أن يحصدوا 40٪ من نسبة المقاعد فى البرلمان المقبل.

يتخوف البعض من استحواذ الإسلاميين على نسبة أكبر من المقاعد البرلمانية، ماذا تقول فى ذلك؟

- تأجيل الانتخابات هو الحل للقضاء على مخاوف الشارع من استحواذ التيار الدينى على مقاعد البرلمان، وهذا يفسر أن رموز التيار الإسلامى ضد تأجيل الانتخابات يوماً واحداً، والخريطة السياسية سوف تتغير، إذا تأجلت الانتخابات 6 أشهر، كل القوى سوف تعرف حجمها الحقيقى، لكن الآن نحن مجتمع يعانى فوراناً اجتماعياً، كلما استغرق تأجيل الانتخابات وقتاً أطول، وكلما اقتربت القوى السياسية الجديدة وتلاحمت مع الجماهير وقدمت برامجها سوف يكون هذا خصماً من رصيد التيار الإسلامى، لأن هذا الأمر يظهر الوجه الآخر للإسلاميين كل يوم، ونتذكر ما قاله الشيخ محمد حسين يعقوب عن غزوة الصناديق، وهناك من قام بالدعاء على الليبراليين والعلمانيين خلال جمعة 29 يوليو، فمثلاً نحن نعلم أن الإسلاميين أرادوا تعديل المادة الثانية من الدستور، وهم بذلك يتجهون إلى تغيير الدستور.