كتب وحكـايات: «عودة الروح».. رواية تنبأت بثورة وألهمت زعيماً

كتب: ماهر حسن السبت 03-06-2017 21:33

كتب توفيق الحكيم روايته «عودة الروح»، فى أعقاب ثورة 1919، عندما كان طالبًا فى فرنسا، ونشرها سنة 1933.

وكانت «عودة الروح»، نتاجاً لمجموعة عوامل أدبية وسياسية، تأثر بها الحكيم فى فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، من أهمها ثورة 1919 التى شكلت انتصاراً لفكرة الوطنية وبعثت فى نفوس المفكرين، أملاً بتحقيق الشخصية المصرية.

لم تكن «عودة الروح» مجرد رواية عاطفية ورومانسية واجتماعية، تدور أحداثها فى بيت ملىء بالشخصيات أو قصة حب محورها جارة جميلة شابة وإنما كانت رواية شعب ممثل فى أسرة جمعها نفس المشهد فى بدايتها ونهايتها، الأول فى منزل والثانى فى زنزانة.

وتجلت فى الرواية الروح الواحدة المتمثلة فى أسرة واحدة جسدت صفات الشعب المصرى، عندما مرت بمحنة، كما يمر الشعب بمرحلة المخاض التى عاشها عام 1919، فصارت كالجسد الواحد الذى عادت إليه الروح فى مواجهة اللحظات الفارقة، ملتفين حول رمز واحد وهو زعيمهم سعد زغلول.

بطل الرواية محسن، ترك دمنهور، حيث عائلته الثرية، ليلتحق بإحدى مدارس القاهرة، فى حى السيدة زينب ويعيش حياة بسيطة مع أعمامه الثلاثة وعمته التى ترعى شؤونهم بعد أن فاتها قطار الزواج، إضافة لخادم من القرية، ويقع الذكور جميعاً فى حب جارتهم سنية الفتاة العصرية التى تعزف على البيانو، ولكنها تخيب أملهم جميعاً وتقع فى حب جارهم وجارها مصطفى، ثم تندلع ثورة 1919 من أجل عودة سعد زغلول ورفاقه الذين نفوا بعيدًا عن الوطن، ويشارك «الشعب الصغير» محسن وأعمامه والخادم فى المظاهرات التى تؤيد الثورة وكما بدأت الرواية بهم مرضى فى الفراش فى غرفة واحدة تنتهى بهم فى زنزانة واحدة فى السجن ثم فى غرفة واحدة فى مستشفى.

ومن المعروف أن رواية «عودة الروح»، مثلت إلهاماً لجمال عبدالناصر قبل قيام ثورة 23 يوليو1952، وشكلت جزءاً من قناعاته، ولذا ظل عبدالناصر يكن الاعتزاز للرواية ومؤلفها، واستثناه من لجان التطهير بعد ثورة 23 يوليو، واستبقاه فى وظيفته رئيساً لدار الكتب.

حسب الدكتور مصطفى الفقى، مدير مكتبة الإسكندرية، فإن توفيق الحكيم ظل على عهده مع الرئيس عبدالناصر باستثناء المشاركة فى بعض المشاكسات الجماعية بعد هزيمة 1967، وعندما رحل عبدالناصر عن عالمنا نشرت الصحف فى أول أكتوبر 1970 بكائية حزينة كتبها الحكيم فى رثاء الزعيم البطل وخاطبه قائلاً: «اغفر لى يا سيدى الرئيس فيداى ترتعشان وأنا أكتب عنك» وطالب بالاكتتاب من أجل تشييد تمثال لجمال عبدالناصر يوضع فوق القاعدة الضخمة التى كانت موجودة فى ميدان التحرير.

والمدهش أن الحكيم تحول بعد فترة قصيرة لكى يكون واحدا من ناقدى عصر عبدالناصر والرافضين لسياساته، حيث أصدر كتابه «عودة الوعى»، منتقداً بشدة عبدالناصر وحكمه وسياسته فى وقت تعرض فيه الزعيم الراحل لحملة شرسة قلبت انتصاراته إلى هزائم وإنجازاته إلى أخطاء.

مما قيل عن رواية «عودة الروح» أنها تنبأت بثورة يوليو، قبلها بثلاثين عاماً، حيث تحدثت عن فكرة القائد أو الثورى الذى يجمع الشعب حوله، ليغير ما طرأ على مصر من أوضاع متردية.