ابحث عن إسرائيل

عبد الناصر سلامة الجمعة 02-06-2017 19:38

الوحدة الإسرائيلية (8200) يُشار إليها أحيانا باسم وحدة (SIGINT)، هى فيلق الاستخبارات الإسرائيلية المسؤولة عن التجسس الإلكترونى عن طريق جمع الإشارة وفك الشفرة، وأيضاً هى الوحدة المسؤولة عن قيادة الحرب الإلكترونية، ويُعتبر التنصت على أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية من المهام الأساسية للوحدة، الهواتف الأرضية والموبايل وأجهزة اللاسلكى يتم التنصت عليها بشكل دائم، أهم أهداف هذه الوحدة التجسسية التنصت على الاتصالات اللاسلكية ومراقبة حركة السفن فى البحر المتوسط، إضافة إلى اعتبارها مركزاً مهماً لشبكات التجسس عبر الكوابل البحرية.

إحدى أهم مهامها أيضاً إنشاء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعى تساعد فى إذكاء الصراعات الطائفية والمذهبية والعرقية فى العالم العربى بأسماء أصبحت مألوفة مثل، سنى شيعى، مسلم مسيحى، أردنى فلسطينى، كردى عربى، قبطى مسلم، وكتابات بأسماء شيعية تحط من قدر الصحابة وتسب أهل السنة وتسميهم «النواصب»، وكتابات أخرى بأسماء مختلفة تسب الشيعة وتسميهم «الروافض» وتتهمهم بالكفر، إلى غير ذلك من حكايات مشابهة فيما يتعلق بالعرب والأكراد أو المسلمين والمسيحيين.

أذكر فى عام 2009، وخلال أزمة مباريات كرة القدم بين مصر والجزائر، وقد ساءت على أثرها العلاقات بين البلدين على المستوى الشعبى، أن وجدنا مواقع التواصل الاجتماعى تعجّ بمواجهات استُخدمت فيها أبشع الألفاظ، إلى الحد الذى ألقت فيه بظلالها سلباً على علاقات البلدين سياسياً واقتصادياً، بل أصبحت مثل هذه الأنباء السلبية تتصدر نشرات الأخبار على المستوى الإقليمى على الأقل، وبعد أن هدأت الأوضاع إلى حد كبير ظهرت دراسة متخصصة تؤكد أن معظم هذه المواجهات على السوشيال ميديا لم يكن مصدرها مصر ولا الجزائر، بل كان مصدرها إسرائيل، وعلى أثرها كانت تشتعل البرامج التليفزيونية كل مساء من خلال تعليقات النقاد والجماهير على السواء.

تذكرت هذه الواقعة تحديداً مع ظهور هاشتاج يتبادل التهانى!! بعد الحادث الإرهابى الأخير بصحراء محافظة المنيا، ذلك أنه سلوك لا يتوافق أبداً مع العقل ولا المنطق، فقد كانت النداءات الشعبية من كل مكان تدعو إلى إعلان حالة الحداد الرسمى، ووقف بث المسلسلات والبرامج التليفزيونية الرمضانية، وسط حالة من الحزن والغضب العام، لأننا لم نكن أمام مواجهة أو صراع من أى نوع، بل كان الأمر يتعلق بقتل أبرياء لا ذنب لهم ولا علاقة لهم من قريب أو بعيد بذلك الذى يجرى على الصعيد المحلى ولا الصعيد الإقليمى.

ما هو مؤكد أن وحدة الحرب الإلكترونية الإسرائيلية 8200 موجودة على مدار الساعة على مواقع التواصل الاجتماعى فى كل شؤون الوطن العربى وليس فى الشأن المصرى فقط، نراها فى نوعية غريبة من فتاوى العلماء السنة والشيعة على السواء، نراها فى تبادل الشتائم والسباب بين أقطار الوطن العربى المختلفة، بل بين أبناء القطر الواحد، نراها فى الأزمة العراقية، كما فى الأزمة السورية، كما فى الأزمة اليمنية، نراها الآن بقوة فى الأزمة السياسية بين السعودية والإمارات من جهة وقطر من جهة أخرى، نراها أيضاً فى الأزمة الداخلية المصرية، فى التعليق على التصريحات، كما فى التعقيب على المقالات، كما على الأحداث عموماً.

كنت أتمنى على القائمين على أمر السوشيال ميديا فى مصر بصفة رسمية أن يتابعوا بدقة مثل هذا التداخل، وإصدار بيانات دورية من خلال تحليلات علمية، توضح الحالة اليومية لذلك الذى يجرى، بما يرفع من سقف الوعى لدى المواطن بما يدور حوله، إلا أن العكس هو الذى حدث، فقد أصبح لدينا من الكتائب الإلكترونية الرسمية أيضاً الكثير، إلا أنها تساهم فى مزيد من الاستقطاب والتغييب، مما اختلط معه الحابل بالنابل، ليصبح من الصعب التمييز بين ما هو إنتاج الداخل وما هو وارد من الخارج، ويظل المواطن الطبيعى هو الضحية لكل ذلك الذى يجرى على الساحة حتى عندما يتعلق الأمر بالكوارث.

أيضاً كنت أتمنى أن نتعامل مع إسرائيل بنفس ممارساتها، وذلك بتوجيه كل هذا الجهد فى مواجهة ما تقوم به ضدنا، إلا أننا للأسف نتعامل مع الوضع الراهن باعتباره سلاماً دافئاً، فى الوقت الذى لم تكلّ أو تملّ فيه محاولاتهم يوماً ما لاختراق المجتمع المصرى على كل المستويات، سواء بتجنيد ضعاف النفوس كعملاء، أو استخدام ضعاف الهوية كمرتزقة، أو بتأليب العوام على بعضهم البعض، من خلال استخدام العامل الدينى تارة، أو الانقسام والاستقطاب السياسى الحاصل فى الشارع تارة أخرى.

هاشتاج حادث المنيا يجب أن نتعامل معه بجدية، ذلك أنه قد يكون امتداداً للحادث نفسه، وحين ذلك يمكن أن نجد أنفسنا أمام الخيط الحقيقى الذى نصل من خلاله إلى الجناة، كما أن التعليقات عليه هى الأخرى يجب أن تجد الاهتمام الكافى بالتحليل والربط، ذلك أن كل الملابسات تشير إلى أن هناك حلقات عديدة مفقودة فى العديد من قضايانا الداخلية، وقد تكمن الشفرة فى وحدة الجاسوسية الإسرائيلية، التى أصبحت تشن هجماتها من الوضع جالساً، من على مسافة تبعد أكثر من 1000 كيلومتر.