تحدثت أمس عن التأثير الإيجابى لعائلتى في انطلاق مشوارى الكروى، سواء كانت أمى التي كانت تخشى على والدى عندما كان لاعبا أو مسؤولا في الزمالك، فتعلمت منها عشق الزمالك وأهمية النادى الكبير منذ أن كان عمرى خمس سنوات، ودور شقيقى الأكبر «أشرف» في اصطحابى معه إلى نادى الجزيرة ثم نادى الصيد الذي بدأت به مرحلة الناشئين، فضلاً عن دور والدى «حمادة إمام» من خلال الحرية التي كان يتركها لنا كى نحدد مصيرنا دون تدخل منه، وقلت لكم إننى تدرجت في مراحل الناشئين حتى انضممت إلى فريق تحت 13 عاما بنادى الصيد، ولم تكن كرة القدم تحظى بالاهتمام الكبير داخل النادى الاجتماعى الشهير، وكانت فرق الناشئين تتلقى نتائج ثقيلة من الفرق الكبيرة، وأذكر أن الصيد تلقى هزيمة بنتيجة 0- 7 من الزمالك قبل أن ألتحق بالفريق في أعوام سابقة، وهو أمر كان طبيعياً لفارق الإمكانيات الكبير بين الفريقين في الدعم والاهتمام، المهم أن فريقنا بدأ الموسم برغبة في تحقيق نتائج طيبة، وكان يضم لاعبين مميزين كما ذكرت، لم يكمل مشواره الكروى منهم سوى أحمد عبدالله لاعب الزمالك السابق، وخلال الموسم واجهنا الزمالك وحققنا مفاجأة كبيرة بالفوز عليه بهدف مقابل لا شىء وكنت من اللاعبين البارزين في هذا الموسم، وكنت أحصل على كأس أفضل لاعب في البطولات التي كنا نشارك فيها، وفى إحدى المواجهات الودية أمام النادى الأهلى ظهرت بمستوى مميز وقتها، وكنت أراوغ الفريق بأكمله وقدمنا عرضا طيبا، وعقب المباراة فوجئت بالكابتن إبراهيم عبدالصمد يدخل علينا غرفة خلع الملابس، وكان بصحبة الكابتن مصطفى أبوجبل أحد المدربين الذين تولوا تدريبى في مرحلة الناشئين بنادى الصيد، ودار بينهما حوار قبل أن يدخلا إلى الغرفة علمته فيما بعد كان على النحو التالى:
■ كابتن إبراهيم متحدثاً: «كابتن مصطفى أنا عاوز الولدين اللى ظهرا بشكل مميز في ماتش النهارده».
■ كابتن مصطفى: «مين دول».
■ كابتن إبراهيم: الولد اللى في نص الملعب- وكان يقصد هشام حنفى نجم الأهلى الأسبق- والولد اللى بيرقص كتير- كان يقصدنى-
■ كابتن مصطفى: «معنديش مشكلة في الولد الأول، ويقصد هشام حنفى الذي انتقل بعد ذلك للأهلى.. لكن أنت عارف الثانى اسمه إيه تعالى ما نروح له الغرفة.
ودخلا الثنائى إلى الغرفة وأثنى علىّ الكابتن إبراهيم عبدالصمد وقالى: اسمك إيه يا حبيبى.. قلت له حازم.. فرد كابتن مصطفى أبوجبل وقال لى: لأ يا حازم قوله اسمك بالكامل، فقلت له: حازم حمادة إمام، فابتسم الكابتن إبراهيم عبدالصمد وقالل لى «سلم على بابا يا حبيبى»، وخرج من الغرفة دون أن يتحدث معى في شىء، فهو علم أننى نجل حمادة إمام، وهو ما يعنى أنه من الصعب أن ألعب للأهلى.. فهذه كانت أول مرة فاوضنى فيها الأهلى، وهناك مرة أخرى سأرويها لكم في وقتها.
واستمر تألقى في فرق الناشئين بنادى الصيد حتى اختارنى الكابتن حمادة الشرقاوى، نجم الزمالك الأسبق، إلى منتخب الناشئين، وكنت وقتها في غاية السعادة، وتوجهت معهم إلى معسكر مرسى مطروح.. وهذه كانت المرة الأولى التي أترك فيها أسرتى وكنت متوقعاً أننا سنتوجه إلى فندق خمس نجوم لإقامة المعسكر باعتبار أننى اعتدت الذهاب إلى مثل هذه الفنادق مع والدى ووالدتى في بعض الإجازات.. فقد كنت مرفهاً وأعيش حياة مختلفة تماما «م الآخر خنفس».. وعندما وصلنا إلى المعسكر فوجئت بالصدمة فقد كان المعسكر عبارة عن «خيم» على البحر، وكنا كل ثلاثة لاعبين في غرفة ومشتركين في حمام واحد.. أمور لم أعتد عليها نهائيا.. ولم أرها في حياتى.. لكن في اليوم الأول حدثت واقعة خففت عنى المعاناة نسبياً عندما سلمنى الكابتن كمال حافظ «تى شيرت» منتخب مصر، وهذا اليوم لم أذق طعم النوم من شدة الفرحة.. وكنت حريصاً على الـ«تى شيرت» لدرجة أننى كنت أقوم بتغييره فور انتهاء موعد الغداء أو العشاء خوفاً من يحدث له شىء.. لكن ظلت المعاناة في المعسكر مستمرة بسبب التدريبات البدنية المرهقة التي كنا نخوضها مع المنتخب.. فقد كنا نقوم بالجرى على رمال الشواطئ في مرسى مطروح لزيادة القوة البدنية وكانت هذه الأمور بالنسبة لى صعبة جداً وكنت دائماً أحتل المركز الأخير بين اللاعبين.. وكان يعنفنى الكابتن حمادة الشرقاوى.. وكنت أبكى من قسوة التدريبات والعذاب الذي أتعرض له، وعندما عدت من المعسكر كنت طائراً من الفرحة لأننى انتهيت من المعاناة التي نتعرض لها.. فلم أكن أفهم وقتها أن هذه التدريبات سيكون لها دور في بناء العضلات وستساعدنى في مشوارى الكروى بعد ذلك، وجاء موعد المعسكر الثانى وكانت الأسماء تعلن في الصحف اليومية.. ففوجئت بوالدى يدخل علىّ الغرفة حزينا ويبلغنى أن الكابتن حمادة الشرقاوى لم يقم باختيارى للمعسكر.. وشعرت بمدى الحزن الذي أصاب والدى لعدم اختيارى للمنتخب لكنه لم يظهر ذلك لى.. وعدت إلى نادى الصيد وانتظمت خلالها في التدريبات وحاولت التركيز مع الفريق حتى جاءت واقعتان الأولى عندما فاوضنى الكابتن «زمزم» نجم المقاولون العرب الأسبق من أجل الانضمام إلى صفوف ذئاب الجبل، وتوجهت إلى والدى لإبلاغه بالأمر وسأروى لكم غداً ماذا كان رد فعله، فضلاً عن المفاوضات التي بدأت من أجل انضمامى للزمالك رغم أننى لم أتوقع هذا الأمر نهائيا.