«محتاجين دكتور».. بهذه الكلمة تكونت المستشفى الميداني في ميدان التحرير، والتي ضمت 10 نقاط تابعة لها في نفس الميدان، بدأت يوم «جمعة الغضب» 28 يناير لإسعاف المصابين في تظاهرات ذلك اليوم، ليتجلى دورها يوم «الأربعاء الأسود» والملقب في يوميات ثورة 25 يناير، بيوم «موقعة الجمل»، بإسعاف مئات الجرحى والمصابين من المتظاهرين في حربهم ضد البلطجية، واستمر دورها في متابعة الجرحى، وصرف علاجات للأمراض المزمنة والشائعة بين المعتصمين المقيمين في ميدان التحرير حتى لحظة التنحي.
وهاهي الآن تستأنف عملها لإعداد خطة لتطوير هذه الخدمة، وذلك بعقد اجتماع خاص يوم الجمعة 18 فبراير في نقابة الأطباء، يحضره الهيئة التطوعية القائمة على المستشفى الميداني بالتحرير من أطباء متطوعين في تخصصات مختلفة وصيادلة ومسعفين، لمناقشة مقترحات خاصة لتطوير هذا المشروع البناء.
ويشير د. عمرو محمد بهاء الدين المنسق العام للمستشفى الميداني بالتحرير إلى الدور الأهم الذي تلعبه المستشفى الآن، من خلال صفحتها على الفيس بوك وهي الواجهة الإعلامية الرسمية للمستشفى الميداني بالتحرير، حيث وجهت نداء تناشد فيه كل من يمتلك صور، أو فيديو، أو معلومات عن شهداء، أو مفقودين، أو مصابين، إرسال هذه الصور أو البيانات على البريد الإلكتروني للمستشفى -esfh-25@hotmail.com- للمساعدة في التوثيق والبحث عن المفقودين و الشهداء المجهولين، حيث يقدر د. عمرو عدد المفقودين بـ 650 ما بين جرحى ووفيات.
ويذكر د. عمرو أن دور المستشفى بدأ في التقلص منذ لحظة تنحي الرئيس مبارك عن الحكم، فهو الآن «يقتصر على وجود نقطة إسعاف ثابتة في الميدان».
نظام رعاية صحية تطوعي
ويروي د.هشام إبراهيم استشاري الأنف والأذن والحنجرة، وأحد الأطباء المتطوعين في المستشفى الميداني بالتحرير، قصة إنشاء هذه المستشفى والنقاط التابعة لها، قائلاً: «تكونت هذه المستشفيات من كلمة واحدة هي محتاجين دكتور، وقامت على المريض والمصاب، فأصبح هناك هيئة من الأطباء والمسعفين والصيادلة بدأت بالمتظاهرين من الأطباء».
وبنفس الكلمة «محتاجين...»، بدأت الإمدادات تأتي للمستشفيات، فالأدوية، والأدوات الجراحية، والأغذية كلها كانت تطوعية، ويؤكد د. هشام «أن هذه المستشفيات قائمة على التطوع بنسبة 100%، ولم تقبل تبرعات مادية».
المدهش في الأمر أن هذه المستشفيات الميدانية بالرغم من أنها نشأت بشكل تلقائي وسريع، إلا أنها لم تكن تدار بشكل عشوائي، حيث خضعت لنظام صحي يشرف عليه الدكتور المتطوع عمرو المنسق العام للمستشفى، واثنان من الأطباء المساعدين المتطوعين.
وكان يتم التنسيق مع المستشفى والنقاط التابعة لها بشكل مستمر، من خلال خطوط تليفون محمول، موزعة على كل الأطباء المشرفين على الوحدات المختلفة، لتلبية احتياجاتهم في أي وقت وبهدف سرعة التواصل ومواكبة الأحداث، يقول د. عمرو: «عندما بلغنا تجمع عدد كبير من المتظاهرين بجوار مجلس الشعب والشورى، استدعى الأمر إنشاء وحدة ميدانية جديدة بالقرب من هذا المكان للتعامل مع المصابين».
ليس فقط التعامل مع المصابين، فالمستشفى كانت تخدم أيضا أصحاب الأمراض المزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، لأن كثير منهم لم يصطحب علاجه معه.
هذا بالإضافة إلى علاج نزلات البرد التي انتشرت بين المعتصمين في ميدان التحرير، بينما كان انتشار النزلات المعوية محدودا.
ويؤكد د. عمرو أن أحد أدوار المستشفى كانت نشر الوعي الصحي بين المتظاهرين والمعتصمين، «فهناك عدد كبير من الأطباء كانت مهمتهم نشر الوعي الصحي المتعلق بالوقاية والإحجام عن التدخين قدر الإمكان خاصة أثناء الزحام الشديد»، لا سيما وأن علب السجائر كانت تباع على مداخل ميدان التحرير.
متطوعون موقوفون عن العمل
ومن أبرز المشكلات التي تواجه الأطباء المتطوعين في مستشفى ميدان التحرير هو التضييق عليهم من رؤسائهم في العمل، فهناك عدد من الهيئات الإدارية التابع لها هؤلاء المتطوعين قامت بتحويل الأطباء المتطوعين للشئون القانونية بحجة الانقطاع عن العمل.
يقول د. عمرو: «أنا أعمل بمستشفى الساحل التعليمي، وأبلغوني أني منقطع عن العمل ومحول للشئون القانونية، رغم أني أبلغتهم بأني أعمل متطوعا في المستشفى الميداني بالتحرير لآداء دوري المهني والطبي»، ومن هنا يوجه د. عمرو نداء لهذه الهيئات بمراعاة الظروف الحالية والتعامل بوعي وطني مع الأطباء المتطوعين ودعمهم لاستكمال دورهم في تطوير هذه الخدمة.