حث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الزعماء العرب والمسلمين، الأحد، على توحيد صفوفهم وتحمل نصيبهم لإلحاق الهزيمة بالإسلاميين المتشددين، ودعا إلى «طرد» الإرهابيين وخفف من لهجته الحادة التي كان يتحدث بها عن المسلمين.
وقال ترامب إن إيران مصدر لتمويل ودعم الجماعات المتشددة. وجاءت كلماته متوافقة مع وجهات نظر مستضيفيه السعوديين، وبعث برسالة شديدة اللهجة إلى طهران بعد يوم من فوز الرئيس الإيراني حسن روحاني بفترة ولاية ثانية.
ولم يستخدم الرئيس الأمريكي في الخطاب عبارة «الإرهاب الإسلامي الأصولي» التي دأب على استخدامها خلال حملته الانتخابية وقرر استخدام لهجة أكثر اعتدالا.
وقال ترامب لزعماء نحو 50 دولة مسلمة تمثل أكثر من مليار شخص: «الإرهاب انتشر في أنحاء العالم. لكن الطريق إلى السلام يبدأ من هنا. على هذا التراب العتيق. في هذه الأرض المقدسة».
وأضاف: «لن يكون هناك مستقبل أفضل إلا إذا طردت دولكم الإرهابيين وطردت المتطرفين».
وأردف قائلا: «اطردوهم! اطردوهم من أماكن عبادتكم. اطردوهم من مجتمعاتكم. اطردوهم من أرضكم المقدسة واطردوهم من هذه الأرض».
ومثل أول خطاب لترامب في الخارج فرصة لإظهار قوته وعزمه على خلاف الصعوبات التي يواجهها لاحتواء فضيحة سياسية آخذة الاتساع في بلاده بعد إقالته مدير مكتب التحقيقات الاتحادي (إف.بي.آي) جيمس كومي قبل نحو أسبوعين.
ووصف ترامب الصراع بأنه صراع بين الخير والشر وليس بين الحضارات وأوضح بنبرة قوية أن واشنطن ستدخل في شراكة مع دول الشرق الأوسط، لكنه توقع مزيدا من العمل في المقابل.
وقال في خطابه: «لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين فعله. وهذا يعني بصدق مواجهة أزمة التطرف الإسلامي والإسلاميين والإرهاب الإسلامي بكل أشكاله».
ونقلت المقتطفات المسبقة لخطابه عنه قوله عبارة «تطرف الإسلاميين»، لكن لم يتضح لماذا حاد في خطابه الفعلي عن النص. وألقت مسؤولة بالبيت الأبيض باللوم على شعور ترامب بالإجهاد قائلة للصحفيين إنه «مجهد فحسب».
وتشير عبارة «تطرف الإسلاميين» إلى الإسلام كحركة سياسية وليس الإسلام كدين، وهو فارق كثيرا ما انتقد ترامب إدارة سلفه باراك أوباما بسببه.
وكان ترامب اقترح حينما كان مرشحا حظرا مؤقتا على دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة. وأمر بعد توليه السلطة بفرض حظر على قدوم أشخاص من بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة، وهو أمر عرقلته المحاكم لانطوائه على تمييز.
ويأتي خطاب ترامب الذي ألقاه في قاعة مذهبة ومزينة بالثريات في إطار مسعى يستهدف إعادة تعريف علاقته بالعالم الإسلامي.
وساعدت فلسفة «أمريكا أولا» التي يتبعها ترامب الرئيس الأمريكي في الفوز بانتخابات 2016 وأثرت على الحلفاء الذين يعتمدون على الدعم الأمريكي في دفاعهم.
ولقي ترامب استقبالا حارا من الزعماء العرب الذين نحوا جانبا تصريحات حملته الانتخابية بشأن المسلمين وركزوا على رغبته في كبح جماح نفوذ إيران في المنطقة وهو التزام يعتبرون أن إدارة سلفه باراك أوباما كانت تفتقر إليه.
وقال الرئيس الأمريكي: «إيران تغذي منذ عقود نيران الصراع الطائفي والإرهاب. إنها حكومة تتحدث صراحة عن القتل الجماعي وتتعهد بتدمير إسرائيل وتتوعد أمريكا بالموت وبالدمار للعديد من الزعماء والدول في هذه القاعة».
ولم يتحدث ترامب علنا عن أي انتهاكات لحقوق الإنسان في السعودية أو دول الخليج العربية الأخرى في خطابه.
وقال مسؤولون في البيت الأبيض إنه لم يكن يريد أن يلقي محاضرة، الأمر الذي يعتقدون أن أوباما كان يفعله دون جدوى.
ورد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، على ترامب في تغريدة على تويتر قائلا إن ترامب هاجم إيران في السعودية «معقل الديمقراطية والاعتدال»، وأشار إلى أن ترامب «حلب» مئات مليارات الدولارات من مضيفيه.
* معركة مشتركة واستقبال ملكي
في تقديمه لترامب وصف العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عدوهما المشترك إيران بأنها مصدر الإرهاب الذين يتعين مواجهته معا.
وقال «إن مسؤوليتنا أمام الله ثم أمام شعوبنا والعالم أجمع أن نقف متحدين لمحاربة قوى الشر والتطرف أيا كان مصدرها.. النظام الإيراني يشكل رأس حربة الإرهاب العالمي».
واتفقت الولايات المتحدة والدول الخليجية العربية، يوم الأحد، على تنسيق جهودها لمكافحة تمويل الجماعات الإرهابية وهو هدف رئيسي بالنسبة للبيت الأبيض.
واجتمع الرئيس الأمريكي أيضا مع دول مجلس التعاون الخليجي الست في إطار جهوده لمعادلة قوة إيران بقوة عربية على غرار حلف شمال الأطلسي.
وقوبل ترامب بحفاوة بالغة من الزعماء العرب أثناء اجتماعات فردية معهم.
وأشاد ترامب بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وقال له: «لقد قمت بعمل هائل في ظل ظروف صعبة».
وكانت لإدارة أوباما علاقة صعبة مع السيسي الذي أتى إلى السلطة بعد إطاحته بالرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين عقب احتجاجات حاشدة على حكمه عام 2013.
وتعهد ترامب بزيارة مصر قريبا كما أبدى إعجابه بالحذاء الأسود اللامع الذي كان ينتعله السيسي قائلا له «يعجبني حذاؤك.. ياله من حذاء!»
وفي اجتماع مع عاهل البحرين الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أعلن ترامب أن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين البلدين، وأنه على الرغم من التوتر السابق بينهما «فلن يكون هناك توتر مع هذه الإدارة».
وأشاد الملك بالعلاقات بين البلدين، وقال إنها أدت إلى «استقرار كبير في المنطقة ورخاء». وتستضيف البحرين الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط. وتحكم أسرتها السنية الحاكمة دولة يغلب الشيعة على سكانها وتعرضت من حين آخر لانتقادات من جانب إدارة أوباما بسبب تعاملها القاسي مع المعارضين.
وتأكيدا على مسألة الصفقات الاقتصادية الأمريكية قال ترامب لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثان إنهما سيتناقشان بشأن «الكثير من المعدات العسكرية الجميلة.. لأن لا أحد يصنعها مثل الولايات المتحدة».
وخلال اجتماع مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح أشار ترامب إلى أن الكويت اشترت كميات كبيرة من العتاد العسكري الأمريكي، وأشار الأمير إلى ترامب قائلا «أخي».
وهذه هي أول زيارة خارجية لترامب بعد توليه الرئاسة. وتمثل السعودية المحطة الأولى في جولة الرئيس الأمريكي التي تستغرق تسعة أيام في الشرق الأوسط وأوروبا.
يأتي الخطاب في وقت يحاول فيه ترامب التغلب على تداعيات قراره في التاسع من مايو آيار وسط اتهامات بأن ترامب يحاول وقف تحقيق اتحادي في روابط حملته الانتخابية مع روسيا العام الماضي.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن ترامب وصف كومي بأنه «مخبول» خلال اجتماع مع وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، الأسبوع الماضي. وقالت صحيفة واشنطن بوست إن التحقيق وصل إلى البيت الأبيض ليشمل أحد مستشاري ترامب دون أن تذكر اسمه.