«زي النهارده» وفاة الشاعر أمل دنقل ٢١ مايو ١٩٨٣

كتب: ماهر حسن الأحد 21-05-2017 04:38

«لا تصالح على الدم.. حتى بدم!.. لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ.. أكلُّ الرؤوس سواء؟.. أقلب الغريب كقلب أخيك؟!.. أعيناه عينا أخيك؟!.. وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك.. بيدٍ سيفها أثْكَلك؟.. سيقولون: ها نحن أبناء عم.. قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك».. هذا هو شاعرنا أمل دنقل الذي صارت قصيدته الكعكة الحجرية منشورا شعريا سياسيا ردده المتظاهرون في ميدان التحرير طلبا للثأر من العدو وهو مولود في ١٩٤٠ بقرية القلعة، مركز قفط على مقربة من مدينة قنا، وقد كان والده عالماً من علماء الأزهر الشريف مما أثر في شخصية أمل وقصائده بشكل واضح، وقد سمى أمل دنقل بهذا الاسم، حيث ولد بنفس السنة التي حصل فيها والده على إجازة العالمية فسماه باسم أمل تيمنا بالنجاح الذي حققه.

وورث عنه أمل دنقل موهبة الشعر وكانت لديه مكتبة ضخمة انكب عليها. هبط دنقل القاهرة بعد أن أنهى دراسته الثانوية في قنا، وفى القاهرة التحق بكلية الآداب ولكنه انقطع عن الدراسة منذ العام الأول لكى يعمل موظفاً بمحكمة قنا وجمارك السويس والإسكندرية، ثم بعد ذلك عمل موظفاً في منظمة التضامن الأفرو آسيوى، ولكنه كان دائماً ما يترك العمل وينصرف إلى الشعر، استوحى دنقل قصائده من رموز التراث العربى، وقد كان السائد في هذا الوقت التأثر بالأسطورة الغربية واليونانية خاصة. عاصر أمل دنقل عصر أحلام العروبة والثورة المصرية مما ساهم في تشكيل قناعاته السياسية، وقد صدم في نكسة ١٩٦٧ وعبر عن صدمته في رائعته «البكاء بين يدى زرقاء اليمامة» ومجموعته «تعليق على ما حدث»، كما عاصر نصر أكتوبر، ووقف ضد المصالحة في رائعته «لا تصالح» وكانت مواقفه السياسية سبباً في اصطدامه المتكرر بالسلطات، خاصة أن أشعاره كانت تقال في المظاهرات على ألسن الآلاف، إلى أن توفى «زي النهارده» فى ٢١ مايو ١٩٨٣ متأثرا بمرض السرطان الذي لازمه لأكثر من ثلاث سنوات صارع خلالها الموت دون أن يكفّ عن حديث الشعر، ليجعل هذا الصراع «بين متكافئين: الموت والشعر» كما كتب الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى، فكتب مجموعته الرائعة «أوراق الغرفة ٨»، وكانت عطيات الأبنودى قد نفذت فيلما تسجيليا عن دنقل، تحدث هو فيه عن تجربته وحياته.