كشفت دراسة جديدة أعدتها وحدة منع الاتجار بالبشر بالمجلس القومى للطفولة والأمومة عن تزايد ظاهرة زواج الشباب المصرى من مسنات أجنبيات بشكل كبير فى الفترة الأخيرة فى كل المدن السياحية فى مصر.
وأشارت الدراسة إلى أنه حتى الآن لا توجد بيانات محددة يمكن التعرف منها على أعداد الشباب الذين تزوجوا من أجنبيات صغيرات السن أو مسنات، نظراً لأن غالبية هذه الزيجات تتم بعقد عرفى فى مكتب أحد المحامين، ولا يتم تسجيلها بالشهر العقارى بالقاهرة إلا إذا رغبت الزوجة فى التقدم لسفارة بلادها للحصول على تأشيرة زيارة أو إقامة لزوجها الشاب. وقد يقوم بعض المحامين بالحصول على صحة توقيع عقد الزواج فى حالات قليلة إذا كانت الزوجة ستقيم فى مصر أو ستقوم بزيارة زوجها عدة مرات خلال العام، أما غير ذلك فلا يتم الحصول على صحة التوقيع من المحكمة.
واعتبرت الدراسة زواج الشباب المصرى من مسنات أجنبيات نوعاً من الاتجار بالبشر، حيث يبيع الشاب دينه ودنياه وحياته الاجتماعية وعاداته وتقاليده مقابل حفنة من الدولارات أو اليورو أو مقابل تأشيرة سفر وإقامة فى بلاد أجنبية. بل إن الشاب المصرى المعروف بعزته وشرفه، تخلى فى هذا الزواج عن رجولته داخل المنزل وتحول إلى «خادم فراش» لسيدة تكبره بعشرات السنوات يلبى رغباتها دون أن يكون له رأى فى تصرفاتها ولا فى قضاء وقتها مع أصدقائها ولا فى كيفية ونوعية الأزياء التى ترتديها مقابل أن تغدق عليه السيدة الأجنبية الأموال والهدايا.
وأوضحت الدراسة أن الدافع الرئيسى وراء زواج الشباب المصرى بالأجنبيات المسنات، هو الرغبة فى الثراء السريع والاستيلاء على أموال الأجنبيات المسنات. لكن هناك دوافع أخرى مثل صعوبة الزواج من فتاة مصرية، نظراً لارتفاع تكاليف الزواج. ورغبة الشباب فى السفر والإقامة فى أوروبا. ظهر من الدراسة أن هناك نسبة قليلة جداً من الشباب يتزوج الأجنبيات لأنه يعجب بشخصية السيدة الأجنبية ويرى أن الفتيات المصريات محدودات التفكير والرؤية وأن الفتيات الأجنبيات أكثر تطوراً وتفهماً للرجل، كما أن متطلبات الزواج من الأجنبية محدودة.
أما عن دوافع زواج الأجنبيات المسنات من الشباب المصرى فهو الرغبة فى «العودة إلى الحياة»، فكثير من المسنات إما مطلقات أو أرامل منذ فترة زمنية طويلة، كما أن السيدات فى هذه السن غير مرغوبات من الرجال فى بلادهن، كما أن أولادهن فى انشغال بظروفهم المعيشية، ولذلك فهى فى الغالب تعيش وحيدة دون زوج أو أولاد فتصاب بالكآبة. وعند زيارتها لمصر تجد فى الشباب المصرى الحيوية والقدرة على إسعادها مرة أخرى فترغب فى إقامة العلاقات الحميمة معهم، فيتم الاتفاق على الزواج. وهناك قلة من هؤلاء المسنات، خاصة فى مدينتى الأقصر وأسوان يردن الإقامة الدائمة طوال فترة الشتاء فى مصر، للاستمتاع بالجو الدافئ والحياة البسيطة غير المكلفة مقارنة بالأسعار فى أوروبا.
أظهرت الدراسة أن التعارف بين الشباب والمسنات الأجنبيات يتم عادة فى الكافتيريات والمطاعم فى الفنادق أو فى البارات وصالات الديسكو، وأنه فى العادة تقوم الأجنبية بدعوة الشاب بعد أن تعجب به إلى إقامة علاقات حميمة فى غرفتها فى الفندق، وغالبية الشباب يستجيبون لرغبة الأجنبيات ويقيمون معهن علاقات حميمة قبل الزواج، والقليل من الشباب يرفض إقامة علاقات بدون زواج. وفى كلتا الحالتين يتم عقد زواج عرفى عند أحد المحامين وذلك لحماية الشاب من مطاردة رجال الأمن، خاصة إذا أقامت الأجنبية فترة طويلة فى مصر. وعادة لا يتم توثيق العقد فى الشهر العقارى بالقاهرة أو فى السفارات الأجنبية إلا إذا رغبت الزوجة فى دعوة الشاب للإقامة معها فى بلدها.
بالنسبة للشروط التى يتم الاتفاق عليها فى عقد الزواج فهم يتفقون عادة على عدم الإنجاب سواء شفهياً أو كتابياً لسببين، أولهما أن الشاب لا يريد أن يربى أولاده على التقاليد الأوروبية، وثانياً لعدم زرع الخلافات بسبب حضانة الأولاد. وبعض الشباب يصر على كتابة بند فى العقد أنه فى حالة وجود أولاد فإنهم يتبعون الأب فى الجنسية والديانة. كما أن بعض الأجنبيات يصررن على كتابة بند فى عقد الزواج يمنع الشاب المصرى من الزواج بأخرى دون موافقة كتابية منها، كما كتبت بعض الزوجات نصاً فى العقد لا يُسمح للشاب بتطليقها غيابياً. ومن أشكال استغلال الشباب المصرى للأجنبيات المسنات أن بعضهم اشترط على الزوجة إعطاءه مبلغاً كبيراً من المال عند الطلاق.
وعن الآثار الاقتصادية لزواج الشباب المصرى من الأجنبيات المسنات، ذكرت الدراسة أنه بالرغم من الظواهر التى قد يفسرها البعض بالظواهر الإيجابية الاقتصادية لزواج الشباب المصرى من أجنبيات مسنات والحصول منهن على أموال للبدء فى مشروع استثمارى أو شراء عقارات أو سيارات، إلا أنه من ينظر لهذا الوضع بعين الحكمة والنظرة المستقبلية يراه ظاهرة سلبية خطيرة، حيث إنه دعوة سلبية للشباب المصرى بترك التعليم والعمل والاجتهاد والبحث عن سيدة عجوز تنفق عليه المال مقابل المعاشرة الزوجية، أى أن الزوج الشاب تحول إلى «خادم فراش» عليه تلبية كل رغباتها مقابل المال. كما أن من الآثار الاقتصادية السلبية حصول كثير من السيدات الأجنبيات على حق الإقامة والعمل فى مصر مقابل هذا الزواج، وبالتالى يزاحمن الفتيات المصريات فى الحصول على أفضل الوظائف وأعلى الرواتب فى المدن السياحية المصرية، وليس خافياً على أحد معدلات البطالة المرتفعة فى بلاد أوروبا خاصة فى روسيا، لهذا فالسيدة فى العقد الخامس من عمرها ليس لها فرصة عمل بالخارج فتحصل عليها فى مصر من زواجها من شاب مصرى.
وأشارت الدراسة إلى أن زواج الأجنبيات المسنات من الشباب المصرى له الكثير من الآثار السلبية الاجتماعية على المجتمع المصرى، فهو يغير من عادات وتقاليد الشباب ويؤدى إلى التفكك الأسرى. فعلى الرغم من أن بعض الأسر لا تعارض هذا الزواج، خاصة فى مدينتى الأقصر وأسوان، فإن غالبية الأسر ترفض زواج أبنائهم الشباب من المسنات الأجنبيات. وأسباب رفض الأسر لزواج أبنائهم من الأجنبيات المسنات أنهم يعتبرون هذا الزواج زواجاً غير شرعى، وهناك سبب آخر وهو خوفهم من سفر أبنائهم للخارج وفقدان اتصالهم بهم. ومن الآثار السلبية الاجتماعية لزواج الشباب المصرى من المسنات الأجنبيات تغيير العادات والتقاليد بين الشباب، الذى يحاول استمالة زوجته الأجنبية من خلال تغيير قيمه فيتركها بحريتها فى السهر والأصدقاء والملابس التى لا تليق بالمجتمع المصرى، كما أن الكثير من هذا الشباب يدمن المخدرات وشرب الخمور ليجارى زوجته. أيضاً من الممكن أن يزيد زواج الشباب من أجنبيات من معدل العنوسة بين الفتيات المصريات.
وكشفت الدراسة أن من الآثار الخطيرة لزواج المسنات الأجنبيات بالشباب المصرى التأثير الصحى على هؤلاء الشباب، فالسيدات المسنات يرغبن فى إقامة العلاقات الزوجية بمعدلات كبيرة، فهدفهن من هذا الزواج هو المتعة الجنسية ولهذا فهن يحرصن على التزوج من الشباب ذو البشرة الداكنة للعودة إلى الحياة وأيام الصبا. وقد اشتكى عدد من الشباب من أن زوجاتهم الأجنبيات يطلبن المعاشرة الزوجية أكثر من مرة فى اليوم، بل ويأتين لهم بالمنشطات الجنسية والأدوية.
من أخطر الآثار الصحية على المجتمع أنه فى العادة لا يقوم الشباب بعمل تحاليل طبية لهم أو لزوجاتهم قبل الزواج، وقد أظهرت الدراسة أن الشباب ليست لديه معلومات كافية حول الأمراض التى تنقل عن طريق العلاقات الجنسية ومنها الإيدز، فغالبية الشباب الذين تمت مقابلتهم فى المقابلات المتعمقة يعتقد أنه طالما أن السيدة ليست مريضة ظاهرياً، فهى غير مصابة بأحد الأمراض التى تنقل جنسياً أو أنها قد تكون مصابة بمرض الإيدز.
أظهرت المقابلات المتعمقة والتى عقدتها الدراسة مع أرباب أسر الشباب المصرى والذى تزوج من أجنبيات مسنات أن غالبية هذه الأسر غاضبة من زواج أبنائها من الشباب من أجنبيات مسنات، وذلك لعدة أسباب منها الخوف على أبنائهم من السفر مع الزوجة الأجنبية إلى بلادها واستقراره فيها وترك أسرته وأهله فى مصر. كما تتخوف الأسر من التأثير على العادات والتقاليد والمعتقدات نتيجة زواج الشباب من مسنات أجنبيات تختلف عاداتهن وتقاليدهن عن تلك الموجودة فى مصر. كما يتخوف أرباب الأسر من أن زواج أبنائهم من أجنبيات لا يعلمن عنهن شيئاً سوى أن لديهن الآلاف من الدولارات وينفقنها على متعهن وملذاتهنا قد يتسبب فى بعض المشكلات القانونية للشباب، فالزوجات الأجنبيات قد تكون لهن مشكلات مادية أو أمنية ولا يعلم الشاب شيئاً عنها ويرتبط بالأجنبية دون وعى بها أو إدراك للعواقب القانونية عليه وبالأخص إذا هاجر معها للخارج. وأخيرا تخشى الأسر المصرية على صحة أبنائها، خاصة أنهم يعلمون أن الهدف الأول للسيدات الأجنبيات هو العلاقات الحميمية بإسراف.
أظهرت نتائج المقابلات المتعمقة مع المسؤولين الشعبيين الذين تمت مقابلتهم فى المدن السياحية الأربع أنهم جميعاً يرفضون زواج الشباب المصرى من الأجنبيات المسنات لعدة أسباب منها أن الهدف من زواج الأجنبيات من الشباب هو الحصول على الإقامة فى مصر وبالتالى إمكانية حصولهن على فرص عمل فى مصر بمرتبات أعلى من نظيرتها فى بلادهن خاصة الروسيات، نظراً للبطالة الشديدة التى تعانى منها بلادهن فى الوقت الحالى. ويرى المسؤولون الشعبيون أن العائد الذى يعود على الشباب من جراء زواجهم من أجنبيات مسنات لا يوازى الجوانب السلبية الصحية والاجتماعية والقانونية لمثل هذه الزيجات على المجتمع المصرى. والمسؤولون الشعبيون يعتبرون هذا الزواج نوعاً من أنواع الإتجار بالبشر فالسيدات الأجنبيات يستمتعن بإقامة علاقات حميمة مع الشباب مقابل المال. وبالرغم من كتابة عقود زواج لهذه الزيجات على يد محام ويتم توثيق العقود فى المحكمة، إلا أن المسؤولين الشعبيين يعتبرونه زواجاً محرماً، لأنه لا تتوافر فيه شروط الزواج الشرعى. ويخشى المسؤولون الشعبيون من تأثير هذا النوع من الزواج على زواج الفتيات المصريات واللاتى سوف يعانين ليجدن من يتزوجهن بعدما قام الشباب بالزواج من الأجنبيات. كما يخشى المسؤولون الشعبيون من انتشار الأمراض والأوبئة مثل الإيدز بين الشباب المصرى من كثرة ممارساته وعلاقاته الجنسية مع الأجانب.