لم يكن عبدالناصر قائداً فذاً فى مضمار التاريخ العربى وفى تغيير مساره وإحداث تغيير نوعى وكمى لحركته فقط بل كان أيضاً شخصية كاريزمية إلهامية وزعامة سياسية استحوذت على قلوب الجماهير العربية وعقولها من المحيط إلى الخليج خلال عقدين من الزمان، هذا ما يوضحه المؤلف نجاح العشرى فى كتابه (شخصية عبدالناصر وحياته- كاريزما الزعامة وسيسولوجيا التكوين والنشأة) والصادر مؤخراً عن مكتبة جزيرة الورد. يضم الكتاب أربعة فصول يتناول الفصل الأول الظروف الموضوعية لانبثاق قائد الثورة وفكره من سأم سياسى واعوجاج فكرى طيلة النصف الأول من القرن العشرين، ويعرض لميلاد عبدالناصر ونشأته وانطباعات الأحداث على وجدانه وفكره.
ويناقش الفصل الثانى حقيقة شخصية عبدالناصر وما المقصود من اصطلاح الكاريزما ومحاولة لفهم شخصيته من منظور اجتماعى سياسى وإلى أى نخبة ينتمى عبدالناصر ودور الصفوة العسكرية فى تغيير الأحداث وحركة المجتمعات. الفصل الثالث يبحث دور عبدالناصر فى التاريخ المصرى والعربى وحقيقة هذا الدور وآفاقه ومداه.
وأخيراً الفصل الرابع بعنوان (عبدالناصر بين محبيه وشائنيه)، وهو محاولة لإعادة النظر الموضوعى فى نقد عبدالناصر وتاريخه.
يوضح المؤلف أن فلسطين وحرب 48 واشتراك عبدالناصر ورفاقه من الضباط الأحرار فى هذه الحرب وما شهدوه من أحداث جسام كان من الأسباب التى قامت من أجلها ثورة يوليو 52، وبعد الثورة أصبح عبدالناصر زعيماً عربياً على مستوى عالمى أحاط الجدل بشخصه أثناء حياته وعند موته فقد كان الاعتراف بعظمته عالمياً حتى من الذين كانوا على اختلاف مع سياساته، ويضيف مازالت شخصيته محل اهتمام الباحثين والمفكرين شأنه فى ذلك شأن الشخصيات التاريخية الفذة كصلاح الدين الأيوبى ومحمد على، ولكن هذه الدراسات كان لها منحنيان متناقضان فى المعالجة أحدهما جارف فى حبه حتى الإفراط وثانيهما كاره مبغض حتى الإفراط وتجاوز الحد، وبينهما عدول يقدرون الأمور بمقدار الإنصاف وينظرون للرجل شأن كل البشر، له حسناته وسيئاته وإيجابياته وسلبياته يخطئ ويصيب، ينجح ويفشل، يصادق ويعادى وتقييم قرارات عبدالناصر على غير هذا الأساس فيه ظلم للرجل والتاريخ.