قالت الدكتورة سهير حواس، رئيس هيئة التنسيق الحضارى السابق، إن مصر خلال الـ 10 سنوات الماضية، أصبحت تهتم وتسعى للحافظ على مبانيها التراثية، وذلك بعدما صدر قانون رقم 144 والذى يتعلق بكيفية تنظيم أعمال هدم المبانى الآيلة للسقوط وكيفية المحافظة على التراث المعمارى. واضافت ان العالم كله حاليا يستخدم التراث الأحدث، modern heritage، ويتراوح عمره بين 40 الى 50 سنة اما فى مصر فالتراث الحديث يكون عمره حوالى 200 سنة، وتعد المبانى التراثية هى المبانى التى تكون ذات قيمة تاريخية فريدة من نوعها.
وقالت حواس إن الأماكن فى القاهرة الفاطمية وشارع المعز، معظمها مبان مختلطة، منها مبان تراثية وأخرى أثرية، مسجلة وفقاً للقانون وتمثل قيمة متميزة، والفرق بينها ان الاماكن الاثرية هناك قانون يمنع السكن فيها لانها تعد مزارا سياحيا، أما الاماكن التراثية فيمكن العيش فيها مثل مبانى وسط البلد، وكل المبانى التراثية هى مبان ذات قيمة مثل المعادى.
وأضافت أن هناك عدة معايير يتم على اساسها تحديد المكان بكونه تراثيا أم لا، وهو تاريخ المكان نفسه وقيمته المعمارية وطرازه المميز وارتباط المكان بشخصية مشهورة، مشيرة إلى أنه يمكن للمبنى الواحد جمع كل هذه المعايير فيتم اختياره كمبنى تراثى، ويمكن أن يمتاز بمعيار واحد فقط، وفى هذه الحالة أيضاً سيعد مبنى تراثيا.
وطالبت حواس بإخلاء المبانى الإدارية من القاهرة ونقلها الى العاصمة الادارية الجديدة، وإعادة النظر فيها مرة أخرى وتوظيفها بطريقة أكثر مناسبة لها، حيث معظم الوزارات الحالية تم بناؤها فى حدائق الأماكن الأثرية والقصور الأثرية.
وتمنت حواس عودة المبانى التراثية فى القاهرة إلى سابق عهدها، ورونقها الأصلى، مشيرة إلى أن مبانى باريس، مثلا، يتواجد بها أغلى المحال و«البرندات» لأنها تعد مدينة تراثية ولديها خبرة كبيرة فى الحفاظ عليها عكس المصريين، ولفتت إلى ان هناك الكثير من المبانى التراثية يقوم المواطنون بتشويهها بالاعلانات، وتستخدم كمخازن، وأكدت أن الحفاظ على تلك المبانى سيتم من خلال تفعيل قانون اتحاد الشاغلين، مشيرة إلى أن دور هذا الاتحاد عمل صيانة دورية على المبانى التراثية، كما يحتاج التطوير دراسة ووضع استراتيجية واضحة حتى تعود تلك المبانى مرة أخرى لرونقها وتعود لقوامها السياحى وحالتها الاولى، وقالت: «بصراحة هناك الكثير من المصريين يتعاملون مع المبانى بقسوة شديدة، وهذا يدل على الجهل وفقدان الحس الجمالى عند الجميع والحس التذوقى للجمال».
وأشارت إلى أن التطوير لا يحتاج مبالغ باهظة من الدولة بقدر المحافظة على تلك المبانى من خلال هذا القانون وتفعيل قانون الصيانة للمبانى، وصيانة اصلاحية، بالاضافة لتفعيل قوانين تجبر السكان على إصلاح تلك المبانى، وإعادة النظر فى قوانين الإيجارات، لأن سكان العمارات التراثية يدفعون أموالا زهيدة للغاية.
واعتبرت حواس أن السياج الحديدى يعد فكرة خاطئة وغير مرضية، لجأت إليها الدولة فى السنوات الأخيرة، بسبب الغياب الأمنى، وشددت على أنه لا يجوز أن تتحول شوارع القاهرة إلى متاريس مسلحة ليعيش الإنسان يعيش فيما يشبه الأقفاص الخرسانية.
وأكدت الدكتورة سهير حواس على أنه بالرغم من الجهود التى يقوم جهاز التنسيق الحضارى، الذى يمتلك قانون الضبطية القضائية، وله الحق فى فرض الغرامات والحبس لمن يسىء لتلك الأماكن، إلا أن أصحاب المحال لا يلتزمون بالقوانين على الإطلاق، ويعرضون بضاعتهم متى يشاءون، واشارت إلى أن هذا يدل على غياب الوعى لدى المواطنين، وإعلاء مصلحتهم الشخصية، وإهمال الدولة ووضعها بآخر أولوياتهم.
ورفضت حواس دخول مترو الأنفاق إلى منطقة الزمالك لاعتبارها من المناطق الأثرية، بما سيؤثر على رونق المنطقة.