«زى النهارده» 10 مايو 1940.. ونستون تشرشل رئيسًا لوزراء بريطانيا

كتب: ماهر حسن الأربعاء 10-05-2017 00:49

«في السياسة ليس هناك عدو دائم أوصديق دائم هناك مصالح دائمة»، و«الشخص المتواضع هو الذي يمتلك الكثير ليتواضع به»، و«المسؤولية ثمن العظمة»، و«امبراطوريات المستقبل هي إمبراطوريات العقل»، و«سر الحقيقة ليس فعل ما نحب، بل أن نحب ما نفعل»، و«لديك أعداء؟ عظيم...هذا يعني أنك في أحد الأيام وقفت مدافعًا عن شيء ما»، و«إذا كنت خارج بلدك فلا تنتقد حكومتك».. هذه بعض مقولات رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، والذي فضلا عن كونه داهية سياسية وبالأخص في فترة الحرب العالمية الثانية، وربما من قبيل المفارقة أنه حينما حصل على جائزة نوبل حصل عليها في الأدب كان ذلك في عام 1945وكانت عن مجمل كتاباته التاريخية ففوق كونه ضابطا في الجيش البريطاني ومخططا استراتيجيًا وسياسيًا رفيعًا فقد كان كاتبًا ومفكرًا سياسيًا كبيرًا.

ولد ونستون تشرشل، في 30 نوفمبر 1874 في قصر بلنهايم في محافظة أكسفوردشاير في إنجلترا، ويعتبر أحد أهم الزعماء في التاريخِ البريطاني والعالمي الحديثِ، وكان خطيبا مفوها استطاع رفع معنويات شعبه أثناء الحرب، حيث كانت خطاباته إلهامًا عظيمًا إلى قوات الحلفاء، وربما لا يعلم معظم من خرجوا في الثورات أو المنتصرين في الحروب الحديثة حينما يرسمون علامة النصر بأصبعي السبابة والوسطى إشارة للنصر على شكل (v) اختصارا لكلمة Victory نصر بالإنجليزية أن تشرشل هو من ابتكر هذه الإشارة.

عمل «تشرشل» ضابطًا في سلاح الفرسان ثم نـُقِل إلى مصر في 1898 والتحق بسرية عسكرية في مصر كانت تعمل في السودان، وشهد ثورة الدراويش وحرب البوير بين، وأُسر وهرب، وسياسيا كان أول انتخابات يخوضها في 1899 وقد خسرها وبعد سنة فاز.

بدأ حياته السياسية في حزب المحافظين، وانتُخب عضوًا في مجلس العموم، وفي 1904 انضم إلى حزب الأحرار، الذي نجح في الانتخابات العامة ثم عُيّن وزيرًا للتجارة ثم وزيرًا للداخلية ثم وزيرًا للبحرية ثم حارب ضابطًا في الجبهة الغربية بفرنسا ثم عُيّن وزيرًا للذخيرة ثم للحربية والطيران في 1919 ثم عاد إلى حزب المحافظين، وفي 1924 عُين وزيرًا للمالية وبين 1929و1939، بقى بلا منصب وزاري، فتفرغ للتأليف.

أصدر أهم مؤلفاته، وكانت أهم مرحلة في حياته السياسية في الحرب العالمية الثانية، فقد عُين عند اندلاع الحرب سنة 1939 وزيرًا للبحرية، و«زي النهاردة» 10مايو 1940 أصبح رئيسًا للوزارة، وبعد أن عجزت بريطانيا عن صد الجيش الألماني في جزيرة كريت، ولما هاجم اليابانيون بيرل هاربر ودخلت الولايات المتحدة الحرب أسرع تشرشل للتحالف مع الرئيس الأمريكي روزفلت، واستمر التحالف ضد ألمانيا.

وفي نوفمبر 1943 حضر مؤتمر طهران مع روزفلت وستالين وفيه تقرر الهجوم على الألمان في أوروبا، وفي 8 مايو 1945 ربحت بريطانيا الحرب ضد ألمانيا، وفي 1945 قدم استقالته كرئيس للوزراء، وعاد مجددا إلى رئاسة الوزارة وبقى حتى 1955 مُنح تشرشل لقب «سير» كما حصل على جائزة نوبل عام 1953 (كاتبا ومؤلفا ومؤرخا لا محاربا)، وفي 1955 تقاعد وسلم الوزارة إلى أنطونى إيدن، لتقدمه في السن، إلى أن توفى في 24 يناير 1956عن 91 عاما.

ويقول الدكتور وحيد عبدالمجيد بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام أنه بجانب الإسهامات المتعددة لوينستون تشرشل لكن دوره المحوري في الحرب العالمية الثانية يظل علامة فارقة في تاريخه السياسي والعسكري وقد تميز تشرشل ببعدين الأول إحساسه بمسئولية بريطانيا في مواجهة المد النازي اجتياح النازي في أوروبا، حيث كان يتم النظر لمن سبقوه على أنهم ساهموا في تشجيع هتلر على هذا الاجتياح نتيجة لخنوعهم وسعيهم للتفاوض مع هتلر مما ممثل تأكيدا على عقدة ميونخ بسبب سياسات من سبقوه.

وقد نجح في تقويض هذه العقدة ولعل أمريكا بمواقفها مع إيران حاليا يمثل إحياء لهذه العقدة أما البعد الثاني الذي تميز به تشرشل هو امتلاك الرؤية والتي تميز القادة الكبار ولذلك وحينما تعرضت بريطانيا لغارات جوية نازية لا تهدأ دفعت البعض للتشكك أو التخوف من مصير بريطانيا ألقي تشرشل خطبة قصيرة ولكنها أعادت الأمل وبثت القوة في روح البريطانيين حيث قال أنه طالما هذه الغارات والهجمات النازية لم تمس ركيزتين مهمتين في بريطانيا فإنها لم ولن تقضي على بريطانيا وهاتين الركيزتين هما التعليم والجهاز القضائي وقال: «لو فقدنا أي شئ آخر فنحن قادرون على إعادة بناء كل شيء ونحن نستضضي بهذه الرؤية مادام التعليم قادر على بناء عقول جديدة وتحقيق ركيزة علمية للدولة ومادام القضاء قادر على إرساء دولة العدل فنحن قادرون أن نحقق قفزة جديدة وقوية».