قال الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، إن زيارة بابا الفاتيكان، فرنسيس الأول، لمصر كانت بمثابة دعاية مجانية تعادل ملايين الدولارات، مشيراً إلى أن البابا أصر على أن تكون زيارته قصيرة حتى لا يرهق البلد والشعب المضيف له.
وأضاف «إسحق» فى حوار خاص لـ«المصرى اليوم» أن البابا رفض أى تأجيل للزيارة، وكما يقول المثل الشعبى (الصديق يظهر وقت الضيق)، مشيراً إلى أن الجميع ساهم فى إنجاح الزيارة وخروجها بهذا الشكل المشرف.
وتطرق للحديث عن قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، مؤكداً صعوبة إصدار قانون موحد لكل الطوائف المسيحية.. وإلى نص الحوار:
■ هل كان هناك خوف من تأجيل زيارة بابا الفاتيكان لمصر بعد تفجير كنيستى طنطا والإسكندرية؟
- عندما زار الرئيس عبدالفتاح السيسى الفاتيكان فى 2014 دعا البابا فرنسيس لزيارة مصر، كما أن الكنيسة الكاثوليكية المصرية دعته شفوياً أكثر من مرة، فضلاً عن الدعوة التى تم توجيهها له خلال لقاء استمر لمدة أسبوع فى الفاتيكان لكل الكنائس، حيث قضت الكنيسة الكاثوليكية يوما كاملا مع بابا الفاتيكان، وقدمت له دعوة مكتوبة باسم السنودس فى فبراير الماضى، وقبل الدعوة دون تحديد موعد معين، أما بالنسبة للتفجيرات الإرهابية التى وقعت يوم أحد السعف (9 أبريل الماضى)، فالبابا فرنسيس لا ينتظر تعليمات ولا يخاف من تحذيرات، وكما نقول فى مصر (الصديق الحقيقى يظهر وقت الشدة)، وقد أصر على استكمال الزيارة لأن إيمانه وحياته يسلمهما لله ولا يخشى شيئا، ومن حبه لمصر والمصريين قرر المجىء فى موعد الزيارة رغم قلق الكثير من تأجيلها.
■ كيف تم التنسيق لاستقبال البابا خصوصاً أن برنامج الزيارة حفل بالعديد من اللقاءات سواء الرئيس أو شيخ الأزهر والبابا تواضروس؟
- كان هناك 3 لجان الأولى من (الفاتيكان)، والثانية من (رئاسة الجمهورية)، والثالثة من الكنيسة الكاثوليكية فى مصر، وعقب ذلك عقد مجلس الأساقفة الكاثوليك فى مصر اجتماعاً لوضع تصور لبرنامج الزيارة، وكانت الملامح الرئيسية هى زيارة الرئاسة ومشيخة الأزهر والكنيستين «الأرثوذكسية والكاثوليكية»، وبالفعل تم التنسيق بين جميع الجهات، وكانت هناك لقاءات مشتركة وحدثت بعض التغييرات البسيطة لأسباب بعضها أمنى وآخر لوجيستى، وكل شىء تم بالتنسيق بين الثلاثة عناصر، وكانت هناك لجان فرعية، فالكنيسة الأرثوذكسية شكلت لجنة خاصة لتنسيق الصلاة المسكونية، وشكل الأزهر لجنة لتنسيق مؤتمر السلام، وكان هناك تناغم تام بين الجميع لإنجاح الزيارة، خاصة المسؤولين وقوات التأمين من الجيش والشرطة الذين بذلوا مجهودات كبيرة فى تأمين الزيارة، وإنجاحها وكان هدف الجميع إظهار مصر فى أحسن صورة.
■ هل تدخل الأمن المصرى فى تغيير مسار بعض اللقاءات للبابا؟
- لم يحدث أى تغيير لقاءات، ولكن الأمن يفهم عمله وكما نقول فى مصر «إدى العيش لخبازه»، وكان يقول رؤيته ولم يفرض شيئاً، وهناك مواقف استمعنا فيها لنصيحة الأمن وهو جزء من التنسيق لإنجاح الزيارة.
■ كيف تقيم التأمين لزيارة بابا الفاتيكان؟
- القوات المسلحة والشرطة قامتا بمجهود كبير بالتنسيق مع رئاسة الجمهورية، وهو ما ظهر واضحاً فى كل اللقاءات، وكذلك الصلاة التى ترأسها بابا الفاتيكان فى استاد 30 يونيو، وحضرها 25 ألف شاب، وبالرغم من الإجراءات الأمنية المشددة فإن التنظيم كان رائعاً، ولم نجد شكوى أو مضايقة للمصلين، وهو قداس شاركت فيه كل طوائف الشعب المصرى وكان يوم فرح وسعادة للجميع.
■ وما رأيك فى عمل اللجنة المنظمة من الكنيسة الكاثوليكية؟
- قامت اللجنة بعمل رائع وبالرغم من الضغوط فإنها أخرجت الاستقبال والزيارة فى أحسن صورة لها، وضمت اللجنة كفاءات من أبناء الكنيسة فى كل المجالات.
■ ماذا عن رد فعل البابا عن زيارته لمصر.. ولماذا كانت الزيارة قصيرة نسبياً؟
- البابا عبر عن فرحته وامتنانه لمصر والمصريين، وهو يحب المصريين وحتى فى لقائه فى الاستاد أصر على ركوب سيارة مكشوفة، وكان يتجه للأطفال لمصافحتهم، وكان سعيداً بالزيارة وعبر عن ذلك ثانى يوم مباشرة عقب قداس الأحد فى الفاتيكان، حيث تحدث عن زيارته لمصر بشكل إيجابى، أما فيما يخص قصر الزيارة فقد سألته عن السبب، وهو رجل واقعى جداً، حيث قال لى إنه يعلم أن زيارته تسبب إرهاقا للبلد من ناحية التأمين وغيرها، وربما لو كانت أطول سترهق الناس، ولذلك فضل عدم تحمل البلد أكثر من ذلك، وهو أسلوب يتبعه البابا.
■ بعض المحبين اقترحوا خلال الزيارة الترويج لمسار العائلة المقدسة بزيارة البابا لموقع أو اثنين فى القاهرة خاصة أن البابا قال إنه يأتى لمصر كحاج للسلام.. فلماذا لم يتم ذلك؟
- ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وكلنا كنا نتمنى بقاء البابا مدة أطول ولكن زيارة مكان واحد فى مسار العائلة المقدسة يتطلب نصف يوم على الأقل مع تأمين أكثر، كما أن البابا كان له برنامج آخر عقب زيارته للقاهرة، وفى كل الأحوال لا يقاس نجاح الزيارة بالأماكن التى زارها البابا أو الوقت الذى قضاه فى مصر، وأعجبنى تعبير للكاتب (طارق الشناوى) فى مقاله فى «المصرى اليوم»، حيث قال إن الزيارة من حيث العقل فهى كانت سريعة جداً أما من حيث القلب فالبابا مازال فى قلوب المصريين حتى بعد سفره.
■ كيف يمكن استغلال الزيارة للترويج للسياحة، خاصة الدينية ومسار العائلة المقدسة؟
- أشكر بالمناسبة وزارة السياحة على مجهودها فى إنجاح الزيارة ومشاركتهم فى التنظيم، وأعتقد أن الزيارة كانت بمثابة إعلان بملايين الدولارات خلال 27 ساعة قضاها البابا فى مصر، وفيما بعد أتوقع من المتخصصين أن يستغلوا الزيارة، وأتمنى أن يحصل التغيير فينا كأشخاص، خاصة أننا معجبون بالقيم والكلمات وسمات البابا، وكيف نقبل أن نعيش مع بعض باختلافاتنا دون تكفير بعض، وأعتقد أن العمل الشاق يكون فى تربية النشء.
■ هل تمت مناقشة أوضاع الأقباط فى مصر بين البابا والرئيس، خاصة أن الحديث عن الأقباط سبّب خلافا بين الأزهر والفاتيكان بكلمات بابا الفاتيكان السابق بنديكت؟
- ليس دفاعا عن البابا بنديكت، ولكن هناك لبس فى تصريحاته، هو قال وقتها أدعو مصر للدفاع عن مواطنيها المسيحيين، وبعض الآراء السلبية انتشرت على ما قاله، وأعتقد أن هناك تواصلاً مستمراً بين البابا والرئيس، خاصة أننا سنحتفل قريبا بمرور 70 عاما على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وأظن أن تلك القضايا لن تغيب عنهم، ولكن لن يقول البابا للرئيس مثلا ماذا يفعل.
■ هل هناك توثيق للزيارة التاريخية للبابا؟
- تقوم اللجنة المنظمة الآن بالإعداد لإصدار كتيب يتضمن اللقاءات والصور والزيارات التى قام بها البابا لمصر، إضافة لفيلم وثائقى يرصد الزيارة التاريخية من نزول البابا من الطائرة حتى رجوعه لروما.
■ كيف ترى أوضاع الأقباط فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى؟
- ليس فى عهد الرئيس السيسى، ولكن بشكل عام، فالمسيحيون فى مصر مصريون بالدرجة الأولى، والمسلمون مع المسيحيين فى تعايش، شاءوا أم أبوا، فى نفس الصعوبة وفى بناء المستقبل.
■ إلى أى مدى وصلت الكنائس لقانون موحد للأحوال الشخصية للمسيحيين.. وهل هناك أمل فى خروجه قانونا موحدا أو خروج القانون للنور؟
- لا يوجد قانون موحد للأحوال الشخصية فى مصر، فالإخوة المسلمون لهم الشريعة الإسلامية، ومنذ فترة طويلة من الأربعينيات وكل كنيسة لها لائحة خاصة بها، وربما المسؤولون يرغبون فى لائحة موحدة ولكن هناك اختلافات، فمثلا لو تحدثنا عن الطلاق، فالكنيسة الكاثوليكية لا يوجد لديها طلاق.
■ ما عدد الكاثوليك فى مصر؟
- لا توجد فى مصر أرقام دقيقة على المستوى العام، وينطبق ذلك على التعدادات الخاصة بالكنيسة الكاثوليكية، وأنا بقول نتكلم عن 250 ألفا، والمشكلة أن الهجرة الداخلية تلعب دورا مهما فى عدم رصد الرقم الحقيقى، فعلى سبيل المثال، تكون لدينا أعداد من الصعيد تهاجر القاهرة دون أن نعلم عنها شيئا، وفى اعتقادى الأهم هو حضورنا فى المجتمع ومدى المساهمة فى بناء مصر.