هذه تفاصيل فضيحة أو قل جريمة ترتكب يومياً فى حق مصر.. بالطبع ليس مسؤولاً عنها أحد الآن فى الحكومة سواء وزراء أو جهات محددة.
الجريمة التى نتحدث عنها معروفة أسبابها منذ سنوات وتتعلق برسوم وتصاريح ومعوقات تصوير الأفلام السينمائية الأجنبية فى مصر التى تمنع التصوير رغم ما يمكن أن تدره على مصر من ملايين الدولارات، المشكلة أن الجريمة ليست فى وزارة الآثار وحدها أو السياحة وحدها ولكنها فى أكثر من 5 أو 6 جهات كلها تطلب رسوماً تعجيزية.. أضف إلى ذلك إجراءات أمنية ومحاذير فى التصوير أدت إلى أن «يطفش» كل من يريد أن يصور فيلماً فى مصر إلى المغرب.. والسؤال: لماذا المغرب؟ لأنها أقامت استديوهات للتصوير السينمائى فى مدينة «ورزازات» أصبحت تنافس الاستديوهات العالمية وتم بناء ديكورات لمعابد وآثار فرعونية.. وكل الأفلام والمسلسلات الدولية عن الفراعنة تصور هناك وللأسف ليس فى مكانها الطبيعى وتضيع علينا ملايين الدولارات سنوياً والأخطر الدعاية السياحية لمصر فى المواقع الحقيقية للأحداث التاريخية.
للأسف الفيلم يجرى تصويره الآن بالمغرب وليس فى مصر.. أليست هذه فضيحة وجريمة.. فيلم عن الفراعنة والمومياوات ويصور فى المغرب بدلاً من مصر.
وإحقاقاً للحق فإن الوزير خالد العنانى، وزير الآثار الحالى، أقدم على خطوة جيدة بتخفيض رسوم التصوير لإعادة هذه الأفلام وتصويرها فى مصر مرة أخرى.
وكان الدكتور زاهى حواس، وزير الآثار الأسبق، قد بدأ هذه الخطوة أيام توليه مسؤولية الوزارة من واقع خبرته فى هذا المجال واتصالاته بوسائل الإعلام الأمريكية، لكن المشكلة فى جهات أخرى عديدة.. جعلت المخرجين والمنتجين الأجانب لا يفكرون فى مصر بسبب هذه الرسوم والإجراءات البيروقراطية.
الدكتور حواس فى حوار معه اقترح أن تتولى مدينة الإنتاج الإعلامى هذه المسؤولية وأن يقوم أسامة هيكل، رئيس المدينة ووزير الإعلام السابق، بتذليل كل العقبات فى هذا الاتجاه وأن يكون مسؤولاً عن إصدار كل التصاريح اللازمة لتصوير مثل هذه الأفلام أو المسلسلات كجهة واحدة أو شباك واحد يتقدم إليه المنتج الأجنبى ويحصل على التصاريح وكل ما يلزم من مدينة الإنتاج الإعلامى.
لماذا نكتب هذا الكلام اليوم؟ الحقيقة أننى علمت من الدكتور زاهى حواس أنه أمضى 4 أيام هذا الأسبوع لتصوير نحو 5 دقائق فقط بين المتحف المصرى ومقبرة رمسيس الثالث فى البر الغربى بالأقصر لتذاع ضمن أشهر برنامج ناجح «توك شو» صباحى فى أمريكا وهو «Today›s Show» وذلك بمناسبة إذاعة فيلم أمريكى جديد اسمه «المومياء» بطولة النجم العالمى «توم كروز».
وهذا البرنامج سيذاع فى آخر يونيو المقبل تزامناً مع عرض الفيلم فى كل دور السينما بأمريكا والعالم وهو إنتاج ضخم.
المهم أن فريقاً من شبكة «NBC» حضر إلى مصر لتصوير فقرة الدكتور حواس بحضور المعلق التليفزيونى الشهير فى هذا البرنامج «كيرسيمونز» وصوروا مع الدكتور حواس فى المتحف المصرى عن مومياء الملك رمسيس الثالث وابنه وقصة قتل الملك من خلال ما يعرف باسم «مؤامرة الحريم» فى التاريخ الفرعونى رغم أن البرديات لم تشر إلى القتل ولكن الدراسات أثبتت أنه كان هناك 38 متآمراً وعشرة نساء فعلوا ذلك.
وفى البرنامج أيضاً ذهب الدكتور حواس إلى خبيئة المومياوات بالبر الغربى، والتى اكتشفت عام 1881 أسفل الجبل وبداخلها 40 مومياء وكذلك مقبرة رمسيس الثالث.
كل هذه الأحداث تم اختزالها وتصويرها فى 5 دقائق لتذاع فى البرنامج الأمريكى الشهير بمناسبة عرض فيلم «المومياء» بطولة توم كروز.
كل هذه الأحداث عن مصر لكنها للأسف تجرى بعيداً عن مصر لولا جهود الدكتور حواس.. فهل نستطيع الاستفادة؟ ومتى تنتهى آثار جريمة عدم تصوير الأفلام الفرعونية فى مصر!!