قال الدكتور عبدالباسط محمد صالح، أستاذ الأمراض الصدرية بجامعة المنصورة، مدير مشروع مركز طب وأبحاث النوم، ممثل مصر بمجلس المحافظين بالجمعية الأمريكية لأطباء الصدر، إن أمراض النوم من أخطر أمراض العصر، وإن الشخير والأرق واضطراب الساعة البيولوجية تؤثر على حياة الإنسان، وتتسبب في كثير من الأمراض أهمها أمراض القلب والضغط والسكر والضعف الجنسى والسرطان. وأوضح صالح، في حواره لـ«المصرى اليوم» أن 30% من البالغين في مصر يعانون من أمراض النوم، ما يتسبب في تعطل ثلث الطاقة الإنتاجية، ويتسبب لدى الأطباء في نسبة أخطاء بالجراحة تصل لـ14%.. وإلى نص الحوار:
■ ما أمراض النوم ومتى تم اكتشافها؟
ـ هي الأمراض التي تصيب الإنسان أثناء النوم ولا يشعر بها وهو مستيقظ، وعلم النوم موجود في العالم منذ أكثر من 50 سنة ولكن لم ينتبه له العالم العربى سوى من حوالى 10 سنوات فقط، وبدأ هذا العلم مع اكتشاف الموجات الخاصة بنشاط المخ وبعدها بدأت دراسة النوم نفسه ومراحل النوم التي يمر بها الإنسان الطبيعى، وتبين أن الأمراض التي تصيب الإنسان أثناء النوم تتراوح ما بين 86 إلى 88 مرضا ويتم تقسيمها إلى 6 أو7 مجموعات لتسهيل الدراسة والتشخيص والعلاج.
■ ما أشهر تلك المجموعات؟
ـ أشهر المجموعات الأرق ومجموعة الأمراض المرتبطة بالعملية التنفسية أثناء النوم ومن بينها الشخير والسدة التنفسية أو توقف التنفس أثناء النوم ومجموعات كثرة النوم والتى نمثلها بسائق الحنطور البدين الذي كان يظهر في الأفلام القديمة «وهو بينام على نفسه على الحنطور»، بالإضافة إلى الخلل في الساعة البيولوجية وهو أي تغيير في مواعيد النوم الطبيعية أو فرق التوقيت ونقص تشبع الأكسجين في الدم أثناء النوم، وهذه المجموعات يندرج تحتها عدد كبير من الأمراض يصل إلى 88 مرضاً.
■ هل يتم الشفاء من أمراض النوم؟
ـ نعم وبنسبة 100% ويعود الإنسان بعدها لممارسة حياته الطبيعية كما أن علاج بعض أمراض النوم يسبب الشفاء من بعض الأمراض الأخرى مثل الضغط والسكر والضعف الجنسى.
■ هل لديكم إحصائيات خاصة بانتشار أمراض النوم في مصر؟
- لا توجد إحصائية محددة في مصر، وأنا حاولت عمل إحصائية لمحافظة الدقهلية كمثال لمصر كلها لأن وحدة أمراض النوم في جامعة المنصورة لها شهرة ومميزة في هذا التخصص، فوجدت أن عدد السكان 6.25 مليون نسمة ولتحديد عدد البالغين أرجعتها لعدد الأصوات الانتخابية «من 18 سنة لما فوق» فوجدت متوسط عدد البالغين 4.2 مليون، ووجدت أن نسبة الإصابة في مصر أعلى من نسبة الإصابة في أمريكا وتصل إلى 30% من البالغين والذين يعانون من الشخير والسدة التنفسية أثناء النوم وهى توزع بنسبة 40% في الرجال و20% في السيدات أي متوسط الإصابة في مصر 30% من البالغين.
■ كم عدد من تم علاجهم وشفاؤهم من هذا العدد؟
ـ للأسف في السنوات العشر الماضية لم تشخص جامعة المنصورة سوى 2000 مريض فقط، وبالتالى نسبة الذين تم علاجهم لم تتعد 0.02% ويضاف إلى ذلك أن هناك تأخيراً في التشخيص للمرض لأكثر من 10 سنوات، يعنى المريض يبدأ يبحث عن علاج لنفسه متأخراً جدا بعدما يكون أصيب بأمراض أخرى لأن تأخير التشخيص يسبب ضرراً صحياً بالغاً للإنسان.
■ ما الأمراض الأخرى التي تتسبب فيها أمراض النوم؟
ـ أمراض النوم من أهم أسباب الإصابة بمرض السكر والضغط والقلب والضعف الجنسى وأيضاً السرطان وأمراض المناعة في الكبار وكذلك أمراض التغذية ونقص النمو والقلب في الأطفال، وكنت أجريت دراسة مع زميلة في الأطفال عن أثر الشخير والسدة التنفسية أثناء النوم نتيجة تضخم اللوز واللحمية على عضلة القلب عند الأطفال ومدى تحسنها بعد إجراء الجراحة وكانت النتائج ممتازة ونشرت الدراسة في فانكوفر بكندا وحصلت على الآورد وهى جائزة تقديرية كبيرة.
■ ذكرت أن نسبة الإصابة بأمراض النوم في مصر تصل إلى 30% فما تأثير ذلك على المجتمع؟
ـ كما ذكرت أمراض النوم لها تأثير سلبى كبير على المجتمع لأنها تؤثر على كفاءة وأداء المريض ولدينا في مصر 30% من البالغين مصابون فهذا يؤدى إلى تأثر 30% من طاقتنا الإنتاجية البشرية، كما أن الدراسات أكدت مثلاً أن عدم النوم بشكل طبيعى وكافى لدى الجراحين يتسبب في 14% من الأخطاء الطبية ويزيد وقت الجراحة عن المعتاد بنسبة 20%، وأكدت الدراسات العالمية أن نسبة كبيرة من حوادث الطرق والتى تسبب عددا كبيرا من الوفيات سببها انتشار أمراض النوم بين السائقين وهى نسب أكبر من التي يتسبب فيها تعاطى المخدرات، ولذلك لجأت دول أوروبا وأمريكا إلى إلزام السائقين قانونا بإجراء فحوصات أمراض النوم قبل استخراج رخص القيادة العامة، خاصة عندما أجروا دراسات على السائقين الذين يعانون من الشخير والسدة التنفسية أثناء النوم، وهذا ما يجب أن يحدث عندنا أيضا، كما أن العلماء وجدوا ارتباطا كبيرا بين عدم النوم الكافى وحوادث عالمية كبيرة مثل انفجار مفاعل تشيرنوبل ومكوك الفضاء، حيث وجدوا أن أحد المهندسين لم يأخذ كفايته من النوم، وثبت ذلك في 4 حوادث نووية وانفجار مفاعل تشيرنوبل.
■ هل يتم منع المريض بأى من أمراض النوم من العمل؟
ـ نعم إذا كان هذا يمثل خطورة على نفسه أو على غيره ولكن بعد العلاج يمكنه أن يعود لعمله بشكل كبير وعندما كنت أتدرب في أمريكا سألت المدرب هل يمنع الطيار المصاب بأمراض النوم من العمل فقال نعم ويعود بعد العلاج حيث يحصل المريض على شهادة بأنه تم علاجه ويمكن ممارسة حياته وعمله بعد ذلك بشكل طبيعى.
■ ما أهم أسباب الإصابة بأمراض النوم؟
ـ هناك عوامل وراثية وأخرى بيئية منها السمنة وكبر السن وحتى العوامل الوراثية تسمح بوجود جينات المرض ولكن لا يظهر المرض وأعراضه إلا بالعوامل البيئية.
■ ما أهم تأثيرات اضطراب الساعة البيولوجية؟
ـ هناك تأثير سيئ على قطاع عريض من شبابنا بعد تغيير عادات النوم المبكر واللجوء للسهر طوال الليل والنوم في الصباح وهذا سيؤثر بشكل مباشر على مستقبلنا ومستقبل وصحة شبابنا لأنه يتسبب في عدد كبير من الأمراض أهمها السكر والضغط والسرطان والقلب والضعف الجنسى ولذلك نجد انتشاراً لهذه الأمراض بين عدد كبير من الشباب، ونتعجب من ذلك رغم أن السبب معروف وهو إصابتهم بأمراض النوم مثل الأرق والشخير واضطراب الساعة البيولوجية، وثبت علميا أن نسبة كبيرة من أمراض السرطان عند النساء سببها اضطراب الساعة البيولوجية، وتمكنت مجموعة من الممرضات بأوروبا من مقاضاة حكوماتهن بسبب إصابتهن بسرطان الثدى بسبب نوبتجيات السهر في المستشفيات.
■ نحن مقبلون على امتحانات الثانوية العامة والطلاب يسهرون للتحصيل فهل يؤثر ذلك على تركيزهم؟
ـ بالتأكيد، وللأسف الكثير منهم لا يتمكن من الإجابة في الامتحانات بشكل جيد بسبب إصابتهم بأمراض النوم بسبب السهر الزائد وعدم النوم الكافى، ونحن جميعا نعانى من ذلك مع أولادنا حيث يفقد الطالب التركيز ويصاب بضعف التحصيل وعدم القدرة على استرجاع المعلومة.
■ ما الروشتة التي تنصح بها طلاب الثانوية العامة لتلافى ذلك؟
ـ يجب أن ينام الطالب 8 ساعات في الليل وينام القيلولة وهى نوعان قيلولة قصيرة وطويلة، والقصيرة هي ألا يتعدى النوم 45 دقيقة وهى الأفضل وتعطى نتائج أكبر في التركيز والتحصيل وتعيد النشاط، والقيلولة الطويلة أكثر من 150 دقيقة ولابد أن يستيقظ الطالب وقت الفجرية بعدما يكون نام من 7 أو 8 ساعات كاملة وهو أنسب وأفضل وقت للتركيز، وأيام الامتحانات يجب أن ينام الطالب بشكل جيد قبل الامتحان حتى يستعيد نشاطه وتركيزه في الامتحان ويتمكن من استرجاع المعلومات، لأن السهر طول الليل قبل الامتحان مباشرة يفقد الطالب التركيز ويقلل من قدرته على استرجاع المعلومات ويضيع مجهود عدد كبير من الطلاب وهو ما تشتكى منه الأسر والطلاب ولا يعرفون أسبابه.
■ هناك عدد كبير من المصريين يعانى من الشخير ومع ذلك يتعايش معه ويعتبره أمرا طبيعيا فما ردك؟
ـ الشخير أحد أمراض النوم وهو يندرج تحت مجموعة المشاكل التنفسية أثناء النوم ويطلق عليه الحنش الكامن لأنه يدمر صحة الإنسان دون أن يشعر، وهو إما مرض مستقل ويحدث دون سدة تنفسية ودون مشاكل في النوم أثناء النهار أو يكون أحد أعراض مشاكل التنفس أثناء النوم وفى الحالتين هو له علاج ولكن للأسف لا يلجأ المريض للعلاج منه إلا بعدما يؤثر على صحته ويتسبب له في أمراض أخرى مثل السكر والضغط والقلب.