حسب الله الكفراوى : أدعو متظاهرى التحرير إلى العودة لبيوتهم وأدعو المعارضة لحقن دماء المصريين

كتب: رانيا بدوي الخميس 03-02-2011 00:44


فى عام 2004، أرسلت خطاباً للرئيس مبارك قلت له فيه: «أنا خائف من الانفجار وأنصحك بإبعاد الفاسدين من حولك، الذين أعرفهم وتعرفهم أنت، كما أنصحك بأن تأتى بعمر سليمان نائباً لرئيس الجمهورية أو رئيساً للوزراء، وأن يتم الاتفاق على برنامج للإصلاح حددته وقتها فى خمس نقاط، وبعد أيام اتصل بى دكتور زكريا عزمى وقال لى خطابك وصل، والرئيس يقول لك اطمن البلد بخير وممسوكة كويس، فرددت عليه ربنا يخليلكم الأمن المركزى»، هذه القصة ذكرها لى المهندس حسب الله الكفراوى، وزير الإسكان والتعمير الأسبق، الذى أعلن عن اسمه ضمن الائتلاف الوطنى للتغيير فى بداية حوارى معه عن الأحداث التى تشهدها مصر، بعد خطاب الرئيس مبارك بعدم الترشح لفترة رئاسية جديدة.


■ التقطت طرف القصة وسألته إذن النظام كان شديد الوثوق بمتانة سيطرته الأمنية على البلد؟


- نعم، فلم يكن يتوقع أحد أن يقوم الشباب بما قاموا به، والذين أنحنى أمامهم احتراماً وتقديراً، فقد حققوا لنا فى لحظة تاريخية ما ظللنا ننادى ونطالب به منذ سنوات طويلة.


■ ما رأيك فى خطاب الرئيس الذى امتثل فيه لأغلب مطالب الشباب، وما ملاحظاتك عليه؟


- تأثرت بشدة بعد سماعى الخطاب، وبأمانة لم أنم الليل بطوله، ورغم فرحتى بما أعلن فى الخطاب من عدم التمديد وبالتالى عدم التوريث وتعديل للمادتين 76 و77 وتنفيذ الأحكام فى الطعون المقدمة على عضوية مجلس الشعب، فإنها المرة الأولى التى أرى فيها الرئيس مبارك مكسوراً بهذا الشكل.. فأنا أعرف الرئيس مبارك جيداً وعملت معه عن قرب 17 عاماً، 5 سنوات منهما عندما كان نائباً للرئيس السادات و12 عاماً فى عهده، ولا أستطيع أن أنكر أنه طيب القلب ولطالما كانت له لفتات طيبة معى لا ينكرها إلا قليل الأصل، وأنا لست كذلك، فقد اتصل بى أثناء مرضى، ومرة أخرى اتصل بى فى ليلة رأس السنة ليهنئنى بالعام الجديد، رغم علمه بمعارضتى الشديدة لنظامه، ومع ذلك لا أنفى عنه الأخطاء الجسيمة التى حدثت فى عهده وهو نفسه اعترف ببعضها فى خطابه، وهذا يكفى الآن.


■ لكن البعض يطالب برحيله ومحاكمة من تسببوا فى هذا الفساد؟


- مصر الآن فى حاجة إلى استقرار «وبلاش نخليه بحر دم»، فما طالبنا به طوال السنوات الماضية تحقق إلى حد كبير على يد شباب مصر.


■ الدكتور البرادعى قال إن خطابه التفاف للاستمرار فى منصبه.. والبعض شكك فى صدق نوايا الرئيس؟


- أعلم أن هذا ما يقال بالفعل، ولا أستطيع أن أنفيه ولا أستطيع أيضاً أن أصدقه، ولكن الضمانة الآن تكمن فى عمر سليمان وأحمد شفيق اللذين أعرفهما جيداً وأثق فيهما كثيراً، وأنصحهما بإبعاد كل الفاسدين وبعض حاشية النظام، وعلى رأسهم صفوت الشريف لتزداد الثقة بينهما وبين الناس.


■ لكن البعض يرى أن عمر سليمان امتداد للنظام الحالى؟


- هو ابن النظام لكنه لن ينزلق إلى خطأ فاجر، وأنا واثق أن عمر سليمان أولاً سيلبى المطالب الستة، كما سيطرد كل رؤوس الفساد خارج النظام.


■ ما رأيك فى تفويض عمر سليمان فى بدء الحوار مع المعارضة؟


- أى معارضة؟! لا توجد أحزاب معارضة فى مصر، فرفعت السعيد لا يملك غير صوتين أحدهما له والآخر لزوجته!! أما «الناصرى» فهم يتشاجرون بالشوم والصورة التى التقطت لهم مؤخراً على باب الحزب تؤكد أن هؤلاء هم الحزب.


■ وماذا عن الوفد؟


- أعتقد أن مليارات الكرة الأرضية لا تستطيع أن تصنع سعد زغلول آخر، فالزعامة موهبة. فى النهاية جميع الأحزاب هى أحزاب صفوت الشريف، لذا التفاوض يجب أن يكون مع الشباب أو بالأحرى مع ممثل عن الشباب يلتزم بالمطالب والمبادئ التى خرجوا من أجلها.


■ ألا تخشى من عقد أى صفقات أثناء التفاوض مع الحكومة؟


- أى صفقات لبيع البلد فى ظل الأزمة الحالية تبقى «سفالة».


■ إذن كيف السبيل إلى الخروج من المأزق الذى تعيشه مصر الآن بعد خطاب الرئيس وما قدمه من استجابات من ناحية وتشدد المعارضة وإصرارها على رحيله من ناحية أخرى؟


- لا جدال أنه قد تبقى 8 أشهر على نهاية الفترة الرئاسية الأخيرة للرئيس مبارك، وآمل أن يفوض الرئيس مبارك جميع اختصاصاته لعمر سليمان فهو رجل موثوق به ويحظى باحترام الناس وقادر على أن يلبى مطالب الشباب، على أن يحصل مبارك على إجازة براتب، وأن يعود المتظاهرون فى ميدان التحرير إلى بيوتهم، وأن تهدأ زعامات الغرف المغلقة وميخربوهاش وكفاية وقف حال، وعلينا ترقب ما سيحدث بحذر، وأن نثق فى الحد الأدنى مما قيل، ونعطى الفرصة لنتأكد من صدق النوايا.


■ ما الذى كنت تتوقع من الرئيس مبارك إعلانه ولم يعلنه؟


- كنت أتوقع أن يتوج خطابه بالقول بأنه ترك رئاسته للحزب الوطنى، لأنه فى هذه الحالة كان سيمحو كل الشكوك التى أثيرت حول نواياه فى الإصلاح والتغيير.


■ بمناسبة التشكيك فى العهود الرئاسية، البعض قال إن أى تعديل للدستور فى ظل سيطرة الحزب الوطنى لن يحقق مطالب الشعب؟


- الرئيس طالب فى خطابه بسرعة الفصل فى صحة عضوية مجلس الشعب، والمجلس معلق لحين البت فى الأمر، فمن ستثبت صحة عضويته سيعود إلى المجلس ومن ستبطل عضويته ستفتح وقتها الانتخابات التكميلية فى الدوائر التى تم الطعن عليها وعددهم كبير، وبالتالى نتوقع إجراء انتخابات نزيهة هذه المرة تأتى بمن يستحقون إلى المجلس لأنه فى ظنى لن يجرؤ أحد على تكرار ما حدث فى الانتخابات الماضية، ومن ثم تفتح المناقشات حول تعديل الدستور.


■ ما مواد الدستور الحالى التى ترى من وجهة نظرك حتمية تعديلها فى الوقت الراهن؟


- هناك 4 مواد يجب تغييرها فوراً، المادة 76 التى يجب ألا تزيد على سطر واحد يقال فيه إن من حق أى مواطن مصرى من أب وأم مصريين وتجاوز عمره الـ40 عاماً ومؤهله كذا أن يترشح لرئاسة الجمهورية، وإذا زاد الأمر على ذلك يصبح «عك»، والمادة الخاصة بنسبة 50٪ عمال وفلاحين، فيجب استبدالها بنظام القائمة النسبية، والمادة الثانية من الدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية التى يجب أن تكون لكل مواطن شريعته على أن تحكم الدولة بالمواطنة، كما كنت أتمنى أن يعلن تعديل المادة 88 أيضاً وإن كنت أتوقع أن يتم تعديلها بعدما يبدأ الحوار.


■ ما رأيك فى الاجتماع الذى عقد فى مقر حزب الوفد وضم أحزاب الوفد والتجمع والناصرى والغد؟


- لا أرفض أى اجتماع يهدف إلى خروج مصر من المأزق، ولكننى ضد ركوب الموجة وادعاء زعامات غير موجودة.


■ ولكن تم إعلان اسمك ضمن أعضاء الائتلاف الوطنى للتغيير؟


- نعم، لكننى اعتذرت عن عدم المشاركة فى هذا الائتلاف.


■ لماذا؟


- لأن هذه المرحلة لا تحتاج إلى زعامات من داخل الغرف المغلقة، كما لا يجب أن نتجاهل أن المبادرة الحقيقية قام بها الدكتور محمد البرادعى حين حصل على مليون توقيع لتفويضه للحديث عن مطالب الشباب، وكان أول من نادى بالمظاهرة المليونية والنزول للشارع، ويجب علينا نحن الشخصيات العامة أن نخدّم على هذه المبادرة ولكن من الصفوف الخلفية تماماً كما قال أخى وصديقى منصور حسن.


■ وماذا عن الانضمام لمجلس الحكماء؟


- «أنا خدام مش زعيم»، إذا طلب منى أن أدلى برأيى فى أى تجمع بما فيه صالح البلد فلن أتأخر ولكن لا يجب على الإطلاق أن نأخذ حقاً ليس بحقنا، وأن نتولى زعامة غير حقيقية فهى من حق البرادعى لأنه بدأ منذ حوالى عام وصاغ المطالب الستة وأخذ على عاتقه المطالبة بها وجمع الشباب حوله، ونادى بالإصلاح السياسى وتعديل الدستور وفتح الباب أمام من يريد الترشح لرئاسة الجمهورية وحل مجلسى الشعب والشورى، وإن كنت الآن أدعوه مع الآخرين إلى بدء الحوار والاكتفاء حالياً بما تعهد به الرئيس حقناً للدماء، والمرحلة الآن تحتاج إلى النقاش والحوار حول ما تحتاجه مصر فى المستقبل.


■ من ترشح لرئاسة الجمهورية بعد انتهاء مدة الرئاسة للرئيس مبارك؟


- أعترض على عدد كبير من الأسماء المرشحة للرئاسة الآن لأننى لا أجد فى تاريخهم شيئاً يؤهلهم للترشح لهذا المنصب الرفيع، ولكننى أرشح أربعة أسماء أجد فيها الاستحقاق لهذا المنصب ويترك اختيار أى منها للشعب وهم: عمرو موسى ومحمد البرادعى وأحمد زويل وبطرس غالى.


■ كيف تقرأ تشكيل الحكومة الجديدة؟


- تغيير الحكومة ضمن المطالب، فمن اللحظة الأولى كان الثوب واسعاً جداً عى الدكتور نظيف، ولكن هذه الحكومة تم تشكيلها على عجل، لدرجة أنهم نسوا وزارات مهمة.


■ لكنهم قالوا إنهم سيعلنون الوزارات المتبقية فيما بعد؟


- «ليه فيما بعد؟ لغاية ما تخمر»؟ تغيير الوزارات لا يتم بهذا الشكل ولا بهذه العجلة، عموماً أنا فى رأيى أن هناك اسمين ضمن هذه الوزارة آمل فيهما خيراً.. الوزير فتحى البرادعى، وزير الإسكان والتعمير، لأن تخصصه هندسى ويفهم فى التخطيط المعمارى، والثانى أيمن فريد أبوحديد، الذى كان رئيساً لمركز البحوث الزراعية وهو ابن ناس طيبين، أما عن أحمد شفيق، رئيس الوزراء، فقد أثبت فى مواقف كثيرة أنه جدع وبيفهم وقدم أشياء جيدة فى الطيران المدنى.


■ ما رأيك فيما قيل عن مؤامرة من الشرطة لضمان بقاء النظام وإطلاقهم البلطجية على الشعب؟


- هذه جريمة تحتاج لتحقيق فورى من النائب العام أو النيابة العسكرية، وأتمنى ألا تكون خيانة عظمى كما قال البعض.


■ كيف تقرأ التحول فى المواقف الأمريكية تجاه النظام؟


- باختصار شديد الخارج يحترم الدول التى تحترم نفسها.. وفور سماعى باسم الموفد الأمريكى إلى مصر والاتصالات التى جرت بين الرئيس مبارك والإدارة الأمريكية تنبأت بأنه سيخرج بهذا الخطاب.


■ ماذا لو التف النظام على عهوده ولم يستجب إلى مطالب الشباب؟


- أزفت الأزفة.. ليس لها من دون الله كاشفة.


■ أعود للقصة التى ذكرتها فى البداية.. ماذا حدث بعد رد دكتور زكريا عزمى على خطابك الذى أرسلته للرئيس مبارك عام 2004؟


- اتصلت بعدها بالدكتور يحيى الجمل وشرحت له ما جاء فى الخطاب والرد الذى وصلنى، وذهبنا سوياً إلى المرحوم عزيز صدقى الذى أشار إلى أن هذه المطالب لن يجدى أن يتبناها شخص واحد، بل علينا عقد اجتماع كبير لتبنى هذه المطالب، وقد كان، وهو الاجتماع الذى حضره المرحوم مراد غالى والمرحوم محمود محفوظ، وزير الصحة السابق والمستشار طارق البشرى وضياء رشوان وحسن نافعة، اقترحوا وقتها لتبنى المطالب تكوين حزب سياسى جديد، فقلت لهم مصر مش ناقصة أحزاب.. فيها 25 حزباً اغتيل أحدها وهو حزب العمل برئاسة إبراهيم شكرى، وثلاثة منها فى الإنعاش: الوفد والناصرى والتجمع، و21 حزباً مبتسرة تعيش فى الحضانات بالأنابيب والخراطيم.


■ وما الذى آلت إليه المطالب؟


- اقترحت عليهم أن تتم صياغة المطالب وأن يوقع عليها ما بين 25 إلى 30 شخصية عامة مشهود لها بالثقة والنزاهة، على أن نذهب سوياً ونسلمها فى عابدين وقلت لهم نصاً: «على أن يجلب كل منكم حقيبته لأنه ربما يرحلونا فوراً إلى طرة» ولم يكن أحد يتوقع أنه سيأتى يوم وتتحقق مطالبنا على أيدى شباب مصر.