صورة ضابط الشرطة فى الأعمال الفنية تؤثر بشكل كبير فى الرأى العام، وكلما تكررت الصورة السلبية ازدادت كراهية الناس لرجل الشرطة، والعكس صحيح، وهو ما يحمل صناع تلك الأعمال الفنية أمانة كبيرة، ويجعلهم بين مطرقة وسندان، فلا يصح للمبدع أن يغض النظر عن سلبيات جهاز الشرطة من أجل تحسين صورتها بحجة تحقيق الأمن والاستقرار، كما لا يصح أن يغض النظر عن الإيجابيات والتحامل عليها، خاصة فى ظل أوضاعنا الحالية التى تحاول خلالها كل جهات الدولة استعادة ثقة المواطن فى رجل الشرطة من أجل القضاء على الانفلات الأمنى. «المصرى اليوم» فتحت ملف الشرطة مع عدد من الفنانين لمعرفة ما إذا كان تجسيد رجل الشرطة سيتغير أم لا؟، خاصة أن هناك مبادرات تطلقها وزارة الداخلية نفسها من أجل إعادة صياغة العلاقة بين رجل الشرطة والمواطن تكون قائمة على الاحترام المتبادل.
فى البداية يقول الفنان ماجد المصرى الذى قدم شخصية ضابط الشرطة الشرير فى مسلسل «آدم» خلال رمضان الماضى: على المبدع إعادة النظر فى الصورة الفنية لضابط الشرطة سواء فى السينما والتليفزيون، لسببين، الأول أن هناك تغييرات كثيرة حدثت بعد ثورة 25 يناير، كما أن هذا الخطاب الفنى يكون له تأثيره الكبير فى الرأى العام، وهذا لا يعنى إظهار جهاز الشرطة بإيجابية فقط، بل نكون موضوعيين، نذكر السلبيات، والإيجابيات أيضا، ونحن كمواطنين نتمنى أن تكون تلك المبادرات جادة وتتغير معاملة جهاز الشرطة للمواطنين، بحيث تصبح قائمة على التعاون والاحترام المتبادل، إذا لمس الناس هذا التغير سيكون على المبدع رصده فى السينما والتليفزيون.
ويضيف ماجد: فى مسلسل «آدم» قدمت شخصية سيف الحديدى الضابط الشرير بجهاز أمن الدولة، ولم أستشر أى ضابط قبل تقديم الدور، وبعد عرض العمل كلمنى أكثر من ضابط أمن دولة وهنأونى على نجاح المسلسل وأكدوا لى على واقعية العمل وأن أمن الدولة كان يحدث به أكثر من ذلك بكثير.
أكد ماجد المصرى أن تخوفه الوحيد قبل تقديم هذا الدور كان من كراهية الناس له بعد مشاهدته بهذا الشر، وأوضح: البعض يخلط بين الممثل والشخصية التى يقدمها، لكن الخصوبة الدرامية لهذا الدور جعلتنى أقبله بلا تردد، كما أن العمل احتوى على صورة إيجابية لضابط الشرطة جسدها الزميل أحمد زاهر مما حقق نوعا من التوازن.
أشار المصرى إلى أن الصورة الفنية لضابط الشرطة لها تأثيرها الكبير فى الرأى العام، لذلك فهى أمانة ومسؤولية ليست على المبدع وحده وإنما مسؤولية على رجل الشرطة نفسه، الذى ينبغى أن يحسن علاقته بالمواطن حتى ينعكس ذلك فى الفن.
ويقول محمد شومان الذى سبق أن قدم دور ضابط الشرطة الشرير الانتهازى فى فيلم «واحد من الناس»: يجب ألا ننسى أن حبيب العادلى هو الذى أفسد هذا الجهاز، وأنه كان يعتبر نفسه وزير إعلام ويفرض وصايته على بعض الأعمال الفنية من أجل إظهار الشرطة بشكل إيجابى على عكس الحقيقة، ويجب أن نتذكر أيضا أن الصورة السلبية للشرطة فى الأعمال الفنية هى انعكاس لحقيقة فى الواقع وليس افتراء على رجل الشرطة، ولكن أعتقد أن حال مصر يتغير بعد ثورة 25 يناير مما يستلزم إعادة النظر فى صورة ضابط الشرطة، خاصة إن كانت لدينا نية حقيقية لإعادة البناء.
ويضيف: شخصية الضابط الشرير الانتهازى التى قدمتها فى «واحد من الناس» كانت واقعية جداً، أتمنى أن يتغير الواقع حتى نكون غير واقعيين حين نقدم صورة سلبية فيما بعد.
أشار شومان إلى ضرورة تكاتف الجميع من أجل تحسين العلاقة بين الشرطة والشعب، لينعكس ذلك من خلال الأعمال الفنية، وقال: البداية تكون من الواقع ثم نعكسه فنياً.
وقال السيناريست مجدى الإبيارى، مؤلف مسلسل «حضرة الضابط أخى» الذى ركز على الجانب الإيجابى فقط فى ضابط الشرطة: تعمدت تقديم الجانب الإيجابى فقط حتى يحدث توازن مع الأعمال الفنية الأخرى التى تعمدت تقديم الجانب السلبى فقط.
وأضاف: هناك جزء ثان من هذا العمل سيكون أكثر حيادية بحيث يظهر صورة إيجابية لضابط الشرطة وصورة أخرى سلبيةلضابط آخر، وتنتهى الأحداث باغتيال الضابط السلبى فى صورة 25 يناير - طبقا لدراما المسلسل - لأن هذا الضابط كان يستخدم العنف المفرط ويكيل بمكيالين فى تعامله مع المواطنين ويستغل نفوذه فى تحقيق مصالح خاصة.
وأكد الإبيارى: قطاع الشرطة مثل جميع قطاعات المجتمع بها نماذج سلبية وبها نماذج إيجابية أيضا، ومن العدل والإنصاف أن نرصد النموذجين فنياً.
وقال اللواء فؤاد علام - الخبير الأمنى: للأسف تم تشويه صورة ضابط الشرطة فى الأعمال الفنية على مدار السنوات العشر الأخيرة، أحيانا بقصد وأحيانا بغير قصد، حتى فى الأعمال القديمة كان المخرجون يستهزئون برجل الشرطة ففى بعض الأحيان نرى عسكرى ساذجً، وأحيانا مخبراً يثقب الجريدة لرؤية المجرم وغير ذلك من الصور التى تشوه صورة الشرطى.
أضاف: الاتجاه العام خلال السنوات الأخيرة كان إدانة رجال الشرطة، وكنت أحذر دائماً من أن هذا الاتجاه سيقود البلاد نحو كارثة، ولم يسمع لى أحد، والحقيقة أننى لست متفائلاً، ولو استمر الضغط على الشرطة وانسحبت بشكل كلى فقل على الدنيا السلام.
أشار علام إلى أهمية الدور الذى تلعبه الأعمال الفنية من أجل تحسين صورة الشرطة، وقال: الفن له تأثير كبير فى الرأى العام، وهناك مبادرات جادة من رجال الشرطة لإعادة صياغة العلاقة مع المواطن بشكل إيجابى، بالتالى ينبغى أن يتغير تناول الفن لصورة الشرطى، لا نريد مجاملته، ولكن على الأقل نكون محايدين، نذكر الأمور السلبية، وبالحماس نفسه نذكر الإيجابيات ولا ننسى أن الشرطة قدمت خلال الأشهر الستة الأخيرة عدداً كبيراً من الشهداء من أجل الحفاظ على أمن هذا الوطن.