أعادت قضية قتل الثوار، التى يحاكم فيها الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك ونجلاه علاء وجمال ووزير الداخلية السابق حبيب العادلى وستة من مساعديه، إلى الساحة الإعلامية مرة أخرى حالة حظر النشر من خلال السرية التى فرضتها محكمة الجنايات برئاسة المستشار أحمد رفعت على شهادة كل من المشير محمد حسين طنطاوى، رئيس المجلس العسكرى، والفريق سامى عنان، رئيس الأركان ونائب رئيس المجلس العسكرى، وعمر سليمان، مدير المخابرات العامة المصرية الأسبق، ومحمود وجدى، وزير الداخلية الأسبق، ومنصور العيسوى، وزير الداخلية الحالى.
مع التزام جميع وسائل الإعلام بحظر النشر فى الشهادات والاكتفاء بنشر ما يتعلق بوصول الشهود إلى مقر المحاكمة بأكاديمية الشرطة أو اعتذارهم وعدد ساعات الشهادة وتفاعل المتهمين مع الشهادات . وبرزت إشكالية التحايل على قرار حظر النشر مع محاولة البعض، مثل صفحة «أنا آسف يا ريس» التى أسسها مجموعة «أبناء مبارك» على موقع «فيس بوك»، نشر أجزاء من شهادة عمر سليمان.
وعن قرار حظر النشر يقول الدكتور محمد نور فرحات، أستاذ فلسفة القانون والفقيه الدستورى، إن خرق قرار حظر النشر الذى يتم فرضه بقرار من المحكمة يعد جريمة منصوصاً عليها فى القانون، ويعد القضاء المصرى هو الجهة المسؤولة، من خلال النيابة، عن تحريك دعوى قضائية ضد المسؤولين عن خرق القرار باعتبار الجريمة وقعت على الأراضى المصرية. وعن إمكانية قيام الصحف الأجنبية بتناول الشهادة إعلاميا بحكم أنها تصدر خارج الأراضى المصرية يقول د.فرحات إن غالبية الجرائد والمجلات الأجنبية توزع الآن داخل مصر مما يجعل محاكمتها ممكنة لأنها قامت بخرق الحظر داخل مصر. مضيفا أنه حتى الصحف التى لا تقوم بالتوزيع داخل مصر من الممكن مقاضاتها فى نفس القضية إذا قامت بخرق قرار المحكمة من خلال الاحتكام إلى قيامها بنشر المادة التحريرية على موقع الإنترنت الخاص بها حيث يمكن للمقيمين داخل مصر الاطلاع عليه، مؤكدا أن الإنترنت أضاف بعدا جديدا إلى قضايا النشر بحيث أصبحت المادة المنشورة عليه ركنا فى القضايا.
فى بيروت خضع مراسل مجلة التايم الأمريكية «نيكولاس بلانفورد» للتحقيق أمام المدعى العام التمييزى اللبنانى سعيد مرزا فيما نسب إليه من قيامه بإجراء مقابلة صحفية مع أحد المتهمين باغتيال رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق رفيق الحريرى والمطلوبين من المحكمة الدولية، وعند مثوله للتحقيق قال المراسل إنه لم يقم بإجراء المقابلة بنفسه، وإنما نشر مقالا تحليليا عن المقابلة التى أرسلتها له المجلة بدون اسم من أجراها. وعن إمكانية لجوء بعض الصحف إلى نشر مواد تخرق قرار الحظر بدون اسم المحرر الصحفى مثلما حدث فى تلك الواقعة يقول د.نور فرحات إن الموقف فى الحالة اللبنانية مختلف لأن الصحفى هنا استخدم حقه فى الحفاظ على سرية مصادره الصحفية، ولم يقم بخرق حظر نشر بقرار من المحكمة، وأنه إذا قامت أى صحيفة بخرق قرار بدون ذكر اسم الصحفى تقع المسؤولية الجنائية على المسؤول على النشر سواء كان رئيس التحرير أو رئيس التحرير التنفيذى.
من جانبه يقول صلاح عيسى، رئيس تحرير «جريدة القاهرة»، إن القانون يتيح للنيابة العامة والمحكمة سلطة حظر النشر فى بعض القضايا، وفى الحالتين لا يضع شروطا لممارسة هذه السلطة وهو ما كان محل اعتراض دائم من الجماعة الصحفية، لأنه ربما يستخدم فى غير مكانه، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بتحقيقات النيابة وعدم إحاطة الرأى العام بالحقائق. مشيرا إلى أن الصحفيين كانوا ولا زالوا يطالبون بتعديل قوانين الإجراءات والإجراءات والمطبوعات بحيث توضع شروط معينة لممارسة النيابة والمحكمة لحق حظر النشر بما يتناسب مع المصلحة العامة ومصلحة التحقيقات ووضع سقف زمنى لحظر النشر الذى قد يستمر فى بعض القضايا لسنوات مثلما يحدث فى بعض القضايا التى يستمر التحقيق فيها فى النيابة لفترات طويلة، ولهذا يجب وضع ضوابط لاستخدام هذا الحق من خلال النيابة بالذات.