«26 يوليو» و«وكالة البلح» و«الصحافة» و«محمد على» شوارع ترى المظاهرات للمرة الأولى

كتب: سماح عبد العاطي الأربعاء 26-01-2011 23:46

عبر شوارع لم تطأها أقدام متظاهرين من قبل، اخترقت مظاهرة 25 يناير قلب القاهرة. بدأها بعض المتظاهرين الذين انفصلوا عن جسم المظاهرة الرئيسى الذى انطلقت هتافاته أمام محكمة النقض بشارع 26 يوليو وانتقلت إلى شارع الجلاء أسفل كوبرى أكتوبر، وتوجهوا إلى ميدان عبدالمنعم رياض، بعد أن فشلت قوات الأمن المركزى فى تطويقهم، بعد أن سارعوا بالعدو فى اتجاه الميدان تاركين طوابير الجنود تلهث خلفهم، غير أنه بمجرد وصولهم إلى ميدان التحرير كانت حشود الأمن المركزى فى انتظارهم، ليغلقوا الطريق المؤدى إلى كوبرى قصر النيل فى وجوههم، وحاصروا عدداً منهم عند الكوبرى ومنعوا التحامهم بالمسيرة التى واصلت انطلاقها فى طريق الكورنيش حتى موقف أتوبيسات عبدالمنعم رياض.


كان اللافت للنظر أن المسيرة غير منظمة، فالمتظاهرون ليس لديهم خط سير مسبق، فقط يسيرون حسب الطريق المفتوح أمامهم، أو حسب ما يسمح به الأمن، ولذا واصلوا السير فى طريق الكورنيش مارين بمبنى وزارة الخارجية إلى شارع 26 يوليو مرة أخرى حيث سوق وكالة البلح الشعبى الذى يصطف فيه باعة الملابس المستعملة على الجانبين، ومنه إلى شارع جانبى قادهم إلى شارع الصحافة حيث مؤسسة أخبار اليوم الصحفية، كانت المظاهرة تخترق شوارع هادئة ساكنة بدا أنها لم تشهد مظاهرات من قبل.


ومرة أخرى عاد المتظاهرون إلى شارع الجلاء فشارع رمسيس ومنه إلى 26 يوليو مرة أخرى أمام محكمة النقض. سارت المظاهرة لتجتذب أعداداً أخرى من المتظاهرين حاولوا النفاد إلى منطقة وسط البلد قبل تطويق قوات الأمن المركزى بعضهم لمنعهم من الالتحام بزملائهم.


على ناصية شارع عبدالخالق ثروت عند نقطة التقائه بميدان الأوبرا وقف خلف محمد مرسى «75 سنة» أمام فرشة الجرائد والكتب التى يمتلكها، وحاول جاهداً أن يغطى فرشته بمشمع بلاستيكى كبير، ألقى نظرة سريعة على المظاهرة التى اخترقت ميدان الأوبرا فى طريقها إلى العتبة ليردد بعدها: «الواحد شاف مظاهرات بعدد شعر راسه أيام الملكية»، ويتوقف قليلاً ليتابع المظاهرة بعينه ويقول «كانت الناس أيامها بتقلب الترومايات وتهتف ضد الملك وكان فيه منهم عايزين (النحاس) يرجع الحكم»، لا يعرف «خلف سبباً للمظاهرة التى تمر أمامه، ولا يسمع هتافات المتظاهرين ولا مطالبهم - ووفق تعبيره - «ما باخدش بالى»، غير أنه يعود فيقول «التظاهر السلمى كويس وهمة ماشيين فى حالهم ما بيعملوش حاجة والمفروض الحكومة تسيبهم».


تصل المظاهرة إلى ميدان العتبة المزدحم على الدوام بالباعة الجائلين، تكاد الحركة تتوقف تماماً عندما يلتزم الباعة الأرصفة ويفسحون الطريق للمظاهرة وهم يعلقون عيونهم بها فى اندهاش تام، تقطع المظاهرة الميدان وتصل حتى أول شارع محمد على لتدخله وسط محال الأثاث التى تعرف بسوق المناصرة، يفسح أصحاب المحال الطريق للمتظاهرين بإدخال معروضات الأثاث إلى المحال، ويلتزمون محالهم أسفل البواكى التى تزين عمارات الشارع.


وعندما وصلت المظاهرة ميدان باب الخلق تم توجيهها للسير فى الاتجاه المعاكس لمديرية أمن القاهرة، يخف عدد من قيادات الشرطة للسير بمحاذاتها حاملين أجهزة اللاسلكى فى أيديهم وتواصل المظاهرة سيرها فى شارع بورسعيد باتجاه السيدة زينب، تتجمع أعداد ضخمة من السكان فى الشرفات لتصوير المظاهرة بتليفوناتهم المحمولة فيما يبدو أن المشهد جديد عليهم تماماً، ويواصلون سيرهم حتى بداية شارع الشيخ ريحان أمام مستشفى أحمد ماهر التعليمى، تدخل المظاهرة إلى الشارع فى طريقها لقصر عابدين، يتدلى رجل عجوز بجسده من شرفة فى أحد المنازل ويرفع يديه الاثنتين لتحية المتظاهرين وواصلوا مسيرتهم التى لم تصمد طويلاً إذ لحق بهم جنود الأمن المركزى عند مدرسة الخديوية وحاصروهم، وضربوا عدداً منهم بينما فرت البقية فى اتجاه مسجد السيدة زينب ومنه إلى شارع المبتديان الذى اخترقوه صامتين.