شدد الرئيس الأمريكى الأسبق جيمى كارتر على حق الفلسطينيين فى أن تكون لهم عضوية كاملة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، موضحاً أن الفلسطينيين قد يندمون إذا تراجعوا عن مساعى الاعتراف بدولتهم. وأكد أنه لا توجد ضرورة لمراجعة الجزء الخاص بانتشار القوات المصرية فى سيناء فى المنطقة «ج»، التى تضمنتها اتفاقية «كامب ديفيد». وقال إن الاتفاقية جيدة لكل من «القاهرة» و«تل أبيب». ورفض «كارتر»، فى حواره مع «المصرى اليوم»، مقارنة هجوم المصريين على السفارة الإسرائيلية بالقاهرة باحتجاز إيران رهائن أمريكيين فى السفارة الأمريكية بطهران قبل ثلاثة عقود. وأكد التزام وحرص القادة العسكريين فى مصر وإسرائيل على استمرار العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وأضاف أنه سيكون من الغباء إقدام أى دولة على دق طبول الحرب مع إسرائيل. واستبعد فى الوقت نفسه أى تحرك من الدول العربية للقيام بمواجهة عسكرية مع «تل أبيب»، معتبرا محاولات تركيا لفرض تواجدها فى المنطقة كقوة إقليمية شيئاً إيجابياً لا يضر بالمصالح الأمريكية فى المنطقة.
وأعرب الرئيس الأمريكى التاسع والثلاثون عن خيبة أمله فى الرئيس الأمريكى باراك أوباما. وأبدى تعاطفه مع الرئيس السابق حسنى مبارك، الذى قال إنه يأمل أن يتلقى محاكمة عادلة تتحقق فيها العدالة وتراعى فيها الجوانب الإنسانية مضيفاً أن قلبه مع «مبارك» فى وضعه الحالى.. وإلى نص الحوار:
■ الفلسطينيون يؤكدون أنهم ماضون فى مسعاهم لطلب العضوية الكاملة فى الأمم المتحدة.. هل ترى ذلك خطوة أحادية قد تضر المصالح الفلسطينية؟
- أنا أؤيد بشدة هذا التحرك، وأعتقد أنه حان الوقت للفلسطينيين للإقدام على الحصول على اعتراف دولى للدولة الفلسطينية، وآمل أن تقبل الجمعية العامة للأمم المتحدة الطلب الفلسطينى، ويستجيب مجلس الأمن ويعطى الفلسطينيين العضوية الكاملة.
والحقيقة أن الناس تنسى أن اتفاقية كامب ديفيد هى اتفاقيتان منفصلتان، فقد مر ما يقرب من 3 عقود منذ مفاوضات كامب ديفيد بين رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق مناحم بيجن، والرئيس المصرى الأسبق أنور السادات، فى سبتمبر 1978 وقد وعدت إسرائيل خلال تلك المفاوضات بالانسحاب العسكرى من المناطق التى احتلتها ومنح الحكم الذاتى للفلسطينيين، وبعد 6 أشهر اجتمع «السادات» و«بيجن» فى مارس 1979 وتم التفاوض حول اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية، لذا هناك اتفاقيتان منفصلتان، الأولى تتعلق بحقوق الفلسطينيين والانسحاب الإسرائيلى من الأراضى الفلسطينية المحتلة، والأخرى تتعلق بالسلام بين مصر وإسرائيل.
وكل بنود الاتفاقية الثانية تم احترامها من قبل الدولتين، لكن إسرائيل لم تنفذ وعدها بالانسحاب من الأراضى الفلسطينية، لذا أنا أؤمن بأن اتجاه الفلسطينيين للأمم المتحدة سيأتى بنتائج إيجابية، لكن لن يكون الأمر إيجابيا فى مجلس الأمن.
■ هناك آراء تدعو لمراجعة الاتفاقية لأنها أعطت مصر سيادة منقوصة فى سيناء.. هل ترى ضرورة لإعادة التفاوض حول المسائل الأمنية؟
- لا أعتقد أن هناك حاجة لمراجعة الاتفاقية أو البنود المتعلقة بالمسائل الأمنية، فقد احترم الجانبان الاتفاقية ولم يحدث أى خرق لها، وأقدمت مصر طواعية على قرار تخفيض قوات الأمن المصرية فى سيناء أثناء المفاوضات، وشهدنا فى الأسابيع الماضية أن إسرائيل وافقت على زيادة عدد القوات المصرية فى سيناء، وأعتقد أن الاتفاقية جيدة ولا يوجد بها شىء سيئ لكل من مصر وإسرائيل.
■ فى 19 أغسطس الماضى قامت القوات الإسرائيلية بقتل ضابط و3 مجندين مصريين على الحدود.. هل ترى ما حدث خرقاً للاتفاقية؟
- ما حدث تهديد لاتفاقية السلام نعم، لكنه ليس شيئا جديا، وأنا قلق على فرص استمرار السلام بين إسرائيل ومصر، لكن بالرغم من هذه التصرفات المؤسفة، التى أجبرت السفير الإسرائيلى على مغادرة السفارة، فإننى أعتقد أن القادة المصريين والإسرائيليين سيستمرون فى الالتزام بالاتفاقية، وتوقعاتى أن العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل ستستمر، لأن جزءاً من بنود اتفاقية كامب ديفيد تبادل السفراء.
■ البعض قارن بين اقتحام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة واحتجاز إيران رهائن أمريكيين فى السفارة الأمريكية بطهران.. هل ترى وجهاً للمقارنة؟
- ليس بالضبط، فقد قدمت الولايات المتحدة المساعدة كما قدم القادة العسكريون فى مصر المساعدة لتأمين خروج السفير الإسرائيلى و5 أفراد من طاقمه، وتمكنوا من السفر إلى إسرائيل، لكن لدىّ خيبة أمل لأن القادة العسكريين لم يقوموا بحماية السفارة الإسرائيلية بالقدر الكافى، فالجدار الذى تم هدمه يبلغ طوله 12 قدما واستغرق المتظاهرون وقتا طويلا فى هدمه، ولدىّ خيبة أمل لعدم قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحماية السفارة، وما أؤمن به أنه على المدى الطويل ستستمر العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.
■ شهدت مصر ثورة أطاحت بنظام «مبارك» ويخشى البعض من مجىء الجماعات الإسلامية للسلطة، وأن تتخذ تلك الجماعات من إيران وحماس نموذجا للحكم؟
- أنا أتمنى أن يقوم القادة العسكريون فى مصر بإجراء الانتخابات البرلمانية وتنفيذ وعودهم أمام المصريين والعالم، وقد طلب مركز «كارتر» أن يكون مشاركاً فى مراقبة الانتخابات المصرية إذا تمت الموافقة على وجود إشراف دولى ودخول مراقبين دوليين، وهو قرار لم يتخذه «المجلس العسكرى» بعد.
وأنا لدىَّ آمال أن الثورات فى الدول العربية ستتوجه نحو الحرية والديمقراطية، دون أن تواجه إحباطات وأن تتم انتخابات حرة ومفتوحة، وأؤمن بأن المصريين عانوا كثيرا من الظلم ويريدون حكومة مدنية علمانية.
■ بدأت تركيا تحركات لملء الفراغ فى العالم العربى وترسيخ أقدامها كقوة إقليمية.. ما تأثير ظهور تركيا كقوة إقليمية على المصالح الأمريكية فى المنطقة؟
- أعتقد أن ما تقوم به تركيا شىء جيد، فقد نجحت فى تطوير وضعها، والوصول إلى مستوى متقدم من الديمقراطية والقوة الاقتصادية، ونالت احترام الولايات المتحدة من ناحية واحترام الدول العربية من الجانب الآخر، وكانت تتمتع بعلاقات قوية مع إسرائيل وقامت فى السابق بتنفيذ تدريبات عسكرية مشتركة، لكن انكسرت هذه العلاقة بين تركيا وإسرائيل، وبعد الهجوم على السفارة الإسرائيلية فى مصر أصبحت إسرائيل أكثر عزلة فى الإقليم وقل الترحيب بها، لذا أعتقد أن ما يسمى «الربيع العربى» سيعطى دفعة أقوى للفلسطينيين.
■ هل ترى خطورة من تصاعد لهجة التحدى فى تصريحات رئيس الوزراء التركى ضد إسرائيل وتهديده بمرافقة سلاح البحرية التركية للسفن المتجهة إلى غزة؟
- لا أعتقد أن ذلك قد يجر المنطقة إلى حرب، فعندما كنت رئيسا للولايات المتحدة كان العرب مروا بـ4 حروب مع إسرائيل، وكل هذه الحروب قادتها مصر عسكريا، وما قمت به أثناء تولى منصبى أننى قمت بوقف هذه الحرب، ووقف إنذارات وطبول الحرب فى المنطقة من خلال اتفاقية السلام.
وأنا أؤمن بأن هذه الاتفاقية كانت ناجحة لأكثر من 35 عاما، وأعتقد أنه سيكون من الغباء أى محاولة للدخول فى مواجهات عسكرية ضد إسرائيل، ولا أتوقع أن تقوم أى دولة عربية بأى تحرك لمهاجمة إسرائيل، لأن أى محاولة لابد أن تتضمن مصر، ودون مصر لن تكون هناك قدرات عسكرية قوية لمواجهة إسرائيل.
■ كيف ترى الرئيس السابق حسنى مبارك وهو خلف القضبان؟
- أتمنى أن يحصل «مبارك» على محاكمة عادلة، وأن يتجنب عقوبة الإعدام، فهو صديق شخصى وأعرفه منذ كان نائبا للرئيس الأسبق أنور السادات، ولا أعرف على وجه التدقيق الادعاءات التى يواجهها أو الجرائم التى قد يكون ارتكبها، لكن قلبى معه وآمل أن تتحقق العدالة ويراعى الحكم الجوانب الإنسانية.
■ ما نصيحتك للديمقراطيات الناشئة فى المنطقة فى وقت تتعالى فيه أصوات التحذير من تعرض حقوق الإنسان والأقليات للخطر؟
- كانت تلك الحقوق تواجه مخاطر فى الماضى، وما أراه أن تونس تستعد للانتخابات الشهر المقبل، وننتظر صدور قرار مصرى حول موعد الانتخابات والإجراءات التى ستتبعها كما هو متوقع فى نوفمبر المقبل، وهناك فرصة أمام الليبيين لإجراء عملية ديمقراطية لاختيار حكوماتهم، إذن هناك 3 اتجاهات إيجابية ومفيدة، ولا نعرف ما الذى سيحدث فى سوريا، فما يجرى هناك مرعب والنظام يقتل مئات المتظاهرين، ولا ندرى ماذا سيحدث فى اليمن، وهناك بعض التقدم فيما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية فى الأردن والمغرب، لذا أملى أن يكون التوجه باتجاه الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان واستمرار السلام.
■ ما رأيك فى تصريحات «أوباما» حول تجميد المستوطنات والعودة لحدود 1967؟
- لدىّ خيبة أمل فى «أوباما»، لأنه لم يتابع ويصر على تصريحاته التى أعلنها حولتجميد المستوطنات والعودة لحدود 1967 واعتبارها أساساً للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكن إسرائيل دولة ذات سيادة ولها الحق فى اتخاذ ما تراه من قرارات، ورفضت كل النداءات الصادرة من واشنطن، وأنا أشعر بالأسف لذلك، لكن هناك حدود لما يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة.
■ «الكونجرس» هدد بقطع المعونة الأمريكية للسلطة الفلسطينية إذا أقدمت فلسطين على التوجه للأمم المتحدة.. ما النتائج التى ستترتب على توجه الفلسطينيين للأمم المتحدة؟
- «الكونجرس» سيقدم على تنفيذ تهديداته ويقطع المعونة الأمريكية عن الفلسطينيين، ومعلوماتى أن الفلسطينيين مستعدون لتحمل نتائج توجههم إلى الأمم المتحدة، وأن خسارة المعونة الأمريكية لن تكون بحجم خسارة عدم الاعتراف الدولى فى الأمم المتحدة بدولة فلسطين، ويمكن للفلسطينيين أن يعيشوا دون المعونة الأمريكية، إذا كان لديهم التزام بالذهاب إلى الأمم المتحدة، وقد يندمون إذا تراجعوا عن هذا الالتزام.