أكد اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، أن المنطقة العربية تتعرض في الفترة الحالية إلى مؤامرات، ومواقف متباينة، ومعايير مزدوجة، فرضت على الأمة العربية طريقًا مشوبًا بالأخطار.
وأضاف، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية للدورة الـ34 لمؤتمر وزراء الداخلية العرب المنعقد في تونس، أن تلك المؤامرات هددت المجتمعات العربية، وبنيتها الأساسية وتركيبتها السكانية، واستهدفت المؤسسات الأمنية والسياسية والاقتصادية، بل إنها سعت لإثارة النزاعات الطائفية والمذهبية التي تأتي على الأخضر واليابس، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن تلك المواقف خلقت بيئة خصبة حاضنة وراعية للإرهاب، وأوجدت ملاذًا آمنًا لتنظيماته وعناصره، وأغدقت عليه بالمال، ووفرت له أحدث الإمكانات والسلاح.
وأضاف أن موجة الإرهاب غير المسبوقة التي تشهدها المنطقة، تمثل واقعًا لا يمكن أن يغيب عنه بحال حجم المؤامرة التي تتعرض لها الأمة العربية، إقليميا ودوليا، حتى أحيطت بمحنة لم يشهدها العالم منذ زمن بعيد، لافتا في الوقت نفسه إلى أن إعادة قراءة التاريخ ترسخ يقينًا بأن يد الإرهاب الغاشم سترتد حتمًا على تلك الدول التي غذت انطلاقه ودعمت وجوده.
وأشار وزير الداخلية إلى أن استخدام الإرهاب بمختلف كياناته ومسمياته لأسباب ذات أبعاد متباينة، وتسخيرها لغزو عقول الشباب تحت مظلة الدفاع عن الدين، يجعل من تجفيف منابع الإرهاب واقتلاع جذوره مسؤولية مشتركة، تقتضي رؤية عربية، بل دولية شاملة تتسع فيها دوائر المواجهة، ويتضافر فيها الجهد الأمني المباشر مع جهود مكافحة الفقر والجهل، وإحداث تنمية حقيقية، وتجديد الخطاب الديني لنشر مفاهيم الوسطية والاعتدال.
وأكد اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية، أن الواقع الاستثنائي للإرهاب وسيطرته على رقعة كبيرة من الأرض، مآله إلى زوال، مشددًا على أن تحقيق النصر على الإرهاب يستلزم اعتماد استراتيجية شاملة، تتوحد فيها كل الجهود، سواء الإقليمية أو الدولية لمحاربته على كل جبهاته ومواطنه دون استثناء، وتقطع منابع تمويله ودعمه دون تردد.
وأشار إلى أن خطة وزارة الداخلية المصرية في مكافحة الإرهاب اعتمدت على تفعيل جهود كل أجهزة الوزارة، وفق نسق متكامل الأدوار، موحد الهدف، لمكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه وروافد دعمه على كل المستويات، والاعتماد على مبدأ الحسم الأمني، والإجهاض المبكر لحركة التنظيمات الإرهابية، وإحباط مخططاتها العدائية في إطار القانون، ودون أي إجراءات استثنائية، وكذلك إحكام السيطرة الأمنية على الموانئ الجوية والبحرية والمنافذ البرية، والاستعانة بكل أساليب وتدابير المواجهة الأمنية المتطورة في مكافحة الإرهاب.
وتابع وزير الداخلية أن الخطة تعتمد أيضًا على تفعيل دور الإعلام الأمني ووسائل الإعلام المختلفة، للارتقاء بالوعي لدى المواطنين، وتعميق إدراكهم بخطورة الأفكار المتطرفة والتهديدات التي تشكلها التنظيمات الإرهابية على أمن واستقرار البلاد، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في كل المجالات المتصلة بعمليات المواجهة.
وأضاف أن الوزارة تسعى لتوطيد دعائم الأمن والاستقرار اللازمين لدعم توجه الدولة المصرية إلى الإصلاح الاقتصادي والنهوض بالبلاد وصياغة استراتيجية أمنية شاملة للارتقاء بالمنظومة الأمنية بشكل متكامل، من أجل تحقيق تطلعات المواطنين في إقامة دولتهم العصرية الديمقراطية، والتي ارتكزت أبرز محدداتها على تحقيق الاستقرار الأمني بمفهومه الشامل لمكافحة الجرائم ذات الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لحماية مقدرات الوطن وتهيئة المناخ الآمن للاستثمارات الوطنية والأجنبية، والتطور التكنولوجي لكل عناصر المنظومة الأمنية، للنهوض بالأداء الأمني في مختلف المجالات، فضلًا عن استكمال منظومة ميكنة الخدمات الشرطية المقدمة للمواطنين، والارتقاء بالدعامة البشرية وفق أحدث المعايير والنظم التدريبية، بالإضافة إلى تعظيم مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان في كل مجالات العمل الأمني، وتفعيل أطر المشاركة المجتمعية.
وأكد وزير الداخلية أن أبناء مصر من رجال الشرطة الأبطال، ورجال القوات المسلحة البواسل، يسطرون اليوم ملاحم وطنية جديدة بإصرارهم وعزيمتهم على تطهير البلاد من دنس الإرهاب، مهما بلغت في ذلك الصعوبات، وعظمت التضحيات، معربًا عن تحيته لكل الشهداء الأبرار، والمصابين الذين كتبوا بدمائهم الزكية أعظم معاني البطولة والفداء، صونًا لأمن وطنهم واستقراره.
وشدد على إدراك مصر لأهمية العمل العربي المشترك، لتجاوز التحديات الأمنية الراهنة، التي تحالفت فيها الجرائم الإرهابية مع الجرائم المنظمة العابرة للحدود الوطنية، مما يفرض على الأجهزة الأمنية العربية قدرًا أعلى من التعاون وتكامل الجهود، خاصة في مجال تبادل المعلومات والخبرات وبناء القدرات، وهو ما يستلزم صياغة منظور عربي شامل للتعامل مع الشركات العالمية للاتصالات وشبكات الإنترنت، بما يعزز جهود الأجهزة الأمنية العربية في منع استغلال مواقع التواصل الاجتماعي، كساحة مفتوحة تستخدمها التنظيمات الإرهابية للتنسيق والتدريب والتجنيد والترويج لثقافة التطرف والعنف، فضلًا عن الحصول على التمويل المادي والدعم المعنوي.