ما بين الرئيسين!

سليمان جودة الثلاثاء 04-04-2017 21:00

مساء أمس الأول، كنت ضيفاً من القاهرة على قناة الحرة الأمريكية، التى تبث برامجها من العاصمة واشنطن، وكان هناك ضيف آخر من الولايات المتحدة، وكان الواضح من كلامه أثناء البرنامج، أنه من معارضى الرئيس دونالد ترامب.. ثم كانت هناك ضيفة ثالثة من موسكو، وكانت الحلقة بيننا الثلاثة، عن زيارة الرئيس إلى أمريكا، وعما يمكن أن تذهب إليه العلاقة بين البلدين، فى مقبل الأيام، فى ضوء ما قيل فى لقاء الرئيسين.

كان تقديرى أن بينهما لغة مشتركة، وأن هذه اللغة تؤسس لتعاون بين العاصمتين، غاب لسنوات، ليس فقط فى أيام أوباما، وإنما أيضاً فى أيام بوش الابن، وأن إدارة أوباما، إذا كانت قد خذلت المصريين فى مواقف كثيرة، وكذلك إدارة بوش الابن من قبلها، فإن إدارة ترامب تبدو راغبة فى تعويض أيام الخذلان!.

ولأن كلاماً كثيراً شاع عن لغة خاصة بين ترامب والسيسى، ولأن كلاماً أكثر قد قيل، ولايزال يقال «عن كيميا» من نوع ما بينهما، منذ التقيا للمرة الأولى فى نيويورك، سبتمبر الماضى، فإن مذيع الحلقة فى «الحرة» وصف العلاقة بين الرئيسين، بأنها أقرب ما تكون إلى ما يوصف فى العادة بأنه «حب من أول نظرة» بين شخصين!.

والمقصود فى هذا السياق، أنه من الوارد جداً، أن يلتقى شخصان مائة مرة، ثم يشعر كلاهما تجاه الآخر بأنه رغم لقاءات المرات المائة لا يكاد يعرفه!. ثم من الوارد كذلك، فى المقابل، أن يلتقى شخصان آخران، لمرة واحدة، فيشعر كل واحد منهما، بأنه يعرف الآخر، منذ زمن، وأن علاقتهما يمكن أن تدوم لسنين، وإن تناءت وتباعدت بينهما اللقاءات!.

شىء من هذا يمكن أن يفسر هذه الدرجة من الارتياح المتبادل بين الرئيس السيسى وبين الرئيس ترامب، رغم أنهما لم يلتقيا من قبل، إلا لمرة واحدة.. مرة واحدة كانت عابرة، لأن ترامب وقتها كان لايزال مرشحاً، وكان نجاحه أو عدم نجاحه فى علم الغيب، وكان ذهاب الرئيس إلى نيويورك، لحضور الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة، وليس من أجل لقاء ترامب بالذات، بدليل أنه التقى يومها مع هيلارى كلينتون، فى اليوم نفسه وفى ذات المكان!.

هذا كله مع أهميته، يظل حديث عاطفة لننتقل بعده إلى حديث العقل، الذى لا يجوز أن يغيب، ومن بين حديث العقل، ما قالته الضيفة الروسية فى حلقة البرنامج، عن أن الحب من أول نظرة، لا يقع من جانب ترامب، إلا مع النساء.. وأن الحب بينه وبين الرجال، إذا جاز أن يوصف بأنه حب، إنما يقوم على لغة المصالح فى المقام الأول، لأنها اللغة الوحيدة تقريبا التى تفهمها إدارات الولايات المتحدة المتعاقبة بوجه عام، ويفهمها ترامب بوجه خاص، وربما لا يفهم غيرها، لأن عقليته تبقى عقلية رجل أعمال لا رجل سياسة!.

بالتالى، فالسؤال الذى علينا أن ننشغل به هو: ماذا سوف نعطى ترامب، إذا كان هو قد حدد ما سوف يعطينا إياه؟!

هذا سؤال إجابته هنا.. لا هناك!.