قال الرئيس مبارك إن هناك سعياً محموماً لاختراق جبهتنا الداخلية، ومحاولات مستمرة للإرهاب لزعزعة الاستقرار آخرها ما حدث بالإسكندرية، فى أول أيام العام الجديد». وأضاف - فى حديث لمجلة الشرطة، بمناسبة الاحتفال بعيد الشرطة: «مصر تمارس دورها فى بيئة إقليمية ودولية مليئة بالأزمات والمتغيرات والمشكلات والتحديات، ونبذل أقصى جهودنا لتعزيز النظام الإقليمى العربى من أجل علاقات عربية متينة وراسخة».
وأشار «مبارك» إلى أن مصر تواجه تحدى تطرف الجماعات السلفية التى تريد العودة بنا إلى الوراء، إلى جانب الأزمات والصراعات التى تمر بها منطقة الشرق الأوسط ما بين تعثر جهود السلام واستمرار محاولات ضرب الاستقرار فى العراق واليمن، والتطورات فى السودان، والغيوم التى تتجمع فى سماء لبنان.
وعن الاحتقان الطائفى فى مصر، قال الرئيس: «هناك تجاوزات طائشة من جانب المسلمين والأقباط فى مصر تحاول إشعال الفتنة الطائفية، إلا أن محاولاتهم تبوء بالفشل لأن المصريين أكثر الشعوب اعتصاما بوحدتهم الوطنية»، مؤكداً أن الدولة مسؤولة عن التصدى لمحاولات المساس بالوحدة الوطنية، ولن تتهاون فى تطبيق القانون على الجميع بكل حسم إضافة إلى مسؤوليتها فى تعزيز مبدأ المواطنة قولا وعملا.
وحول الانتخابات البرلمانية الأخيرة وما حققته أحزاب المعارضة المصرية من نتائج، قال الرئيس مبارك: «كنت أتمنى من موقعى كرئيس للجمهورية أن تحقق المعارضة حضورا أكبر داخل البرلمان، لأن المشاركة لا المقاطعة هى الطريق الصحيح لاستكمال أركان الديمقراطية، وهى السبيل لتقوية الأحزاب وتدعيم فاعليتها داخل المجتمع». وحول سبل مواجهة التحديات والصعاب التى تمر بها مصر أوضح «مبارك» أن برنامج العمل الوطنى سيعمل على ثلاث أولويات فى المرحلة المقبلة، الأولى هى المزيد من الاستثمار ومعدلات النمو المرتفعة والمزيد من فرص العمل، والثانية توسيع قاعدة العدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن ومحافظاته، والثالثة: التوسع فى تطبيق اللامركزية وتطوير الخدمات على مستوى المحليات.
وقال «مبارك»: إننى أنحاز للفقراء ومحدودى الدخل، لذلك لا أسمح بأى إجراء يمس حياة المواطنين ويزيد من أعبائهم وكلفت الحكومة بالمزيد من الخفض فى عجز الميزانية والسيطرة على معدلات التضخم.
وحول رؤيته للمرحلة المقبلة فى تاريخ السودان، قال مبارك إنه كان يحرص على علاقة قوية ودائمة بين شمال وجنوب السودان، وأن يتم الاستفتاء بعيدا عن المواجهات والعنف وهو ما حدث بالفعل ماعدا المواجهات المحدودة التى وقعت فى منطقة «أبيى».
ونفى «مبارك» أن تكون مصر عارضت حق جنوب السودان فى تقرير مصيره، خاصة أن مصر سبق لها أن منحته للسودان عندما اختار الاستقلال عام 1956، و«سنحترم ما تقرره هذه الإدارة مع تأمين العلاقة المستقبلية لشعب واحد حتى لو اختار جانب منه أن يشكل كيانا سياسيا مستقلا لأنه فى كل الأحيان كيان مجاور بامتداد الأرض ومجرى النيل».
وحول صحة ما تردد عن توقف طائرة الرئيس التونسى السابق بن زين الابدين على بمطار شرم الشيخ، ورفض مصر لجوءه إليها، أوضح «مبارك» أنه تم إبلاغه فور دخول الطائرة المجال الجوى المصرى بأن الطائرة طلبت الإذن بعبور الأجواء المصرية دون أن تطلب ترخيصاً بالهبوط فى أى من المطارات المصرية، واستمرت متابعة الطيران المدنى لها إلى حين هبوطها بمطار جدة.
وتمنى «مبارك» أن تعبر تونس هذه المرحلة الدقيقة من تاريخها فى أسرع وقت لتحقيق حلم شعبها فى الحرية والديمقراطية والعدل.
وقال «مبارك»: «لقد أكدت دائما أن جوهر الصراع فى المنطقة هو القضية الفلسطينية، وأن تحقيق السلام والأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط يتطلب حل هذه القضية على نحو عادل»، مضيفا: «حل القضية الفلسطينية ليس فقط هو الطريق الموصل إلى سلام راسخ ودائم فى المنطقة ولكنه السبيل إلى نزع حجج وذرائع الإرهاب والتطرف داخل منطقتنا وحول العالم والطريق لوضع دول الشرق الأوسط على مسار جديد من التعاون الإقليمى لصالح شعوبها».
وأضاف: «مصر بذلت جهودها حيال القضية الفلسطينية وقضية السلام بالتزام راسخ وعزم لا يلين، لكن القضية بعد كل هذه الجهود لاتزال تقف فى مفترق طرق صعب، يمكن أن يؤدى إلى مزالق خطرة، وتداعيات غير محمودة العواقب لا يتوقف تأثيرها على الأرض الفلسطينية أو الشعب الفلسطينى وحده ولا تطال آثارها المنطقة وحدها وإنما العالم بأسره».
وتابع: إذا كانت هذه هى مسؤولية النظام الدولى كله، فإن الأطرافالأساسية فى هذا النظام تتحمل الجانب الأكبر من هذه المسؤولية، حفاظا على مصداقية هذا النظام من جانب، وعلى الأمن والسلام الدوليين على الجانب الآخر، لأن تدهورا جديدا فى الشرق الأوسط سيؤدى إلى تداعيات أكثر اتساعا، بحكم تداخل الأوضاع والقضايا فى ساحة واسعة ساخنة ومضطربة، تزخر بعوامل عديدة قابلة للاشتعال، كما سيؤدى لتصاعد غير مسبوق لقوى الإرهاب ستطال شروره دول العالم دون استثناء.
وعن مشاوراته الأخيره مع رئيس الوزراء الإسرائيلى فى شرم الشيخ قال الرئيس مبارك: «لقد أكدت مجددا خلالها أن على إسرائيل أن تتحمل مسؤوليتها فى الخروج بعملية السلام من مأزقها الراهن، وقلت له ذلك بقوة وصراحة ووضوح وتحدثنا فى البدائل المطروحة لتحقيق ذلك، والخطوات المطلوبة من جانب إسرائيل لإنقاذ جهود السلام، وأثرت معه الوضع الراهن فى غزة والتحرك المطلوب لتخفيف معاناة أهاليها.
وحذرت من أى عدوان إسرائيلى جديد على القطاع مشيرا للأصوات التى تروج لذلك مؤخرا داخل إسرائيل».
وأضاف: «فضلا عن اتصالاتنا مع إسرائيل، فإننى أقول مرة أخرى إن على الولايات المتحدة وباقى أطراف الرباعية الدولية أن يترجموا ما وعدوا به إلى تحرك جاد وفعال على أرض الواقع يقرن الوعود بالأفعال ويدفع بعملية السلام العادل والشامل إلى الأمام».