نشرت القوات العراقية قناصة على مبان لاصطياد الجهاديين الذين يستخدمون مدنيين دروعاً بشرية في غرب الموصل، فيما باشر العراق التحقيق في سقوط عدد كبير من الضحايا جراء ضربات جوية في هذا الجانب من ثاني مدن البلاد.
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول لوكالة فرانس برس إن تنظيم الدولة الإسلامية الذي يدافع عن آخر أكبر معقل له في العراق «بدأ يستخدم المواطنين كدروع بشرية، ونحاول استهدافه بضربات من الرجال القناصة للقضاء عليه».
وتابع «تقدمنا يجري بدقة وحذر للمحافظة على أرواح المواطنين»، موضحا «نعتمد على استخدام أسلحة متوسطة وخفيفة وبينها القناصة، لاصطياد عناصر داعش وتحديدهم».
واتهم رسول تنظيم الدولة الإسلامية بقتل المدنيين العزّل، مؤكدا أنّ «هذا التنظيم الإرهابي يستخدم الصهاريج المخففة (...) يقوم بجمع المواطنين وإجبارهم ووضعهم في بيوت معينة ثم يبدأ بتفجير هذه العجلات على هذه البيوت».
وتابع «الغاية هي إيصال رسالة إلى الرأي العام، أنّ القوات العراقية هي التي تستهدف المواطنين الأبرياء».
وقال مسؤولون عراقيون وشهود عيان إن الضربات الجوية ضد الجهاديين خلال الأيام الماضية أدت إلى سقوط ضحايا مدنيين تترواح أعدادهم بين عشرات ومئات، غير أنه لم يكن ممكناً التثبت من الحصيلة من مصدر مستقل.
وتقصف مقاتلات القوة الجوية العراقية والتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن مواقع تنظيم الدولة الإسلامية لإسناد تقدم القوات العراقية.
وكشف المتحدث أنّ لجنة تحقيق تدقّق في تقارير عن مقتل مدنيين بضربات جوية في غرب الموصل. وقال إن «وزارة الدفاع فتحت تحقيقا في هذا الموضوع»، مشيرا إلى أن «هناك لجان تحقيق ستصدر بيانا عند انتهاء عملها».
وأكدت قوات التحالف السبت أنها وجهت ضربات إلى القطاع الذي سقط فيه هذا العدد الكبير من المدنيين.
وقال التحالف في بيان إنه «بعد الاستعراض الأولي لبيانات الضربات (...) ضربت قوات التحالف مقاتلين تابعين لتنظيم الدولة الاسلامية ومعداتهم بناء على طلب من القوات العراقية في 17 مارس في غرب الموصل في موقع حيث قيل إن ضحايا مدنيين سقطوا».
واعتبر قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الأحد أن مقتل عدد كبير من المدنيين في ضربات جوية في الموصل العراقية يشكل «مأساة رهيبة»، من دون أن يقر رسميا بأن التحالف الدولي شنّ هذه الغارات.
وقال الجنرال جو فوتل في بيان «نجري تحقيقا حول هذا الحادث لنحدد بالضبط ما حصل، ونواصل اتخاذ اجراءات استثنائية لتجنب ضرب المدنيين».
ــ نزوح هائل ــ وذكرت تقارير مطلع الشهر الحالي أنه من المرجح مقتل ما لا يقل عن 220 مدنيا من طريق الخطأ جراء ضربات التحالف الدولي الجوية.
فيما ذكر شاهدان هربا من غرب الموصل أن نحو 170 شخصا طمروا تحت أنقاض مبنى انهار بالكامل.
وقال أحدهما، منهل سمير، إن طائرة استهدفت المكان بصاروخ لأنّ قناصاً من تنظيم الدولة الإسلامية كان يطلق النار منه على القوات العراقية.
وقال ضابط برتبة عميد من القوات العراقية، إن 27 مبنى سكنياً تعرضت لضربات على مدى أيام عدة في غرب الموصل، ودمرت ثلاثة منها بالكامل.
وقال بشار الكيكي رئيس مجلس محافظة نينوى، كبرى مدنها الموصل، إن «عشرات» الجثث ما زالت مدفونة تحت الأنقاض، فيما تحدث محافظ نينوى عن مئات القتلى خلال الأيام القليلة الماضية.
وأشار مسؤولون آخرون إلى مقتل مئات المدنيين جراء المعارك في غرب الموصل.
ولم تسمح القوات الأمنية للصحافيين السبت بالوصول إلى المنطقة التي تعرضت للقصف.
وأبدت الأمم المتحدة «قلقها العميق» إزاء هذه التطورات، داعية جميع الأطراف إلى حماية المدنيين.
ووفقاً للسلطات العراقية، فر أكثر من 200 ألف شخص من الجانب الغربي للموصل منذ انطلاق عملية استعادة هذا الجانب من المدينة.
لكن ما زال هناك نحو 600 ألف شخص في مناطق سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية في هذا الجانب من المدينة، وفق مسؤول في المفوضية العليا للاجئين في العراق.
وبدأت القوات العراقية في 19 فبراير عملية كبيرة لاستعادة الجانب الغربي من الموصل الذي يعد أكثر اكتظاظا من القسم الشرقي، وما زال تحت سيطرة الجهاديين.
واستولى التنظيم على مساحات شاسعة في شمال البلاد وغربها في هجوم كاسح منتصف 2014، لكنه تراجع وخسر معظم الأراضي التي سيطر عليها.
وشنت القوات العراقية عملية عسكرية كبرى في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لاستعادة مدينة الموصل أكبر معاقله، أسفرت عن استعادة الجانب الشرقي من المدينة، وتخوض منذ 19 فبراير معارك في الجانب الغربي الذي وصلت إلى منتصفه.