احتدمت المعارك الميدانية على العديد من الجبهات فى سوريا، أمس، على الرغم من الهدنة التركية - الروسية، مما أسفر عن مقتل عشرات المدنيين والمسلحين، كما قتل 33 مدنيا فى غارة للتحالف الدولى على ريف الرقة، قبل ساعات من انطلاق مفاوضات «جنيف- 5» المقررة الخميس، بالتزامن مع انعقاد أول اجتماع لدول التحالف الدولى ضد تنظيم «داعش» فى واشنطن، منذ وصول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
ودارت معارك عنيفة بين قوات النظام والمعارضة المسلحة فى دمشق وحماة قبل ساعات من انطلاق الجولة الخامسة من المفاوضات غير المباشرة بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة فى جنيف، وسط آمال محدودة بتحقيق تقدم فى ظل عدم إبداء طرفى النزاع أى مرونة فى مواقفهما.
وفى دمشق، قالت وكالة الأنباء السورية «سانا»، إن وحدات الجيش تمكنت من قتل 150 مسلحا فى حى «جوبر» خلال العمليات العسكرية الأخيرة التى شهدتها أطراف العاصمة، وواصل الجيش النظامى عملياته على مواقع تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابى والمجموعات التابعة له شمال حى جوبر والغوطة الشرقية بريف دمشق، وشنت مقاتلات سورية غارات جوية مكثفة على خطوط إمداد المسلحين القادمة من عمق الغوطة الشرقية باتجاه شمال حى جوبر، وأوقعت بينهم خسائر كبيرة بالأفراد.
وفى المقابل، أعلنت فصائل المعارضة السيطرة على تلة الصفوح وقرية الشير فى حماة، وكانت الفصائل سيطرت فى وقت سابق على قرية معردس بعد صوران فى ريف حماة الشمالى ضمن حملتها الموسعة ضد قوات النظام، كما استهدف فصيل «جيش النصر» المعارض، مطار حماة العسكرى بصواريخ «جراد»، وأكد تدمير مقاتلتين حربيتين داخل المطار، وشنت «هيئة تحرير الشام» هجومين انتحاريين بسيارتين ملغمتين قرب بلدة صوران فى الريف الشمالى لحماة. وكشف المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات السورية، منذر ماخوس، عن مفاجآت ميدانية قريبا، مؤكداً أن المعارضة اخترقت قلب دمشق، فيما قال مصدر عسكرى سورى إن قوات الرئيس السورى بشار الأسد، أرسلت تعزيزات، فى محاولة لصد الهجوم الكبير على حماة.
وقال «المرصد السورى لحقوق الإنسان»، أمس، إن 33 مدنيا قتلوا فى غارة جوية للتحالف الدولى، استهدفت مدرسة تؤوى نازحين قرب الرقة التى يسيطر عليها تنظيم «داعش»، وأفادت حملة «الرقة تذبح بصمت»، التى توثق انتهاكات وممارسات تنظيم «داعش»، بأن المدرسة المستهدفة كانت تؤوى نحو 50 عائلة من النازحين.
وقال شهود عيان إن قوات التحالف الدولى نفذت عملية إنزال جوى فى عدة مناطق فى محيط مدينة الطبقة السورية، غرب مدينة الرقة. وأضاف الشهود أن طائرات أمريكية ألقت منشورات، أمس الأول، حذرت فيها السكان من التجول فى مدينة الطبقة والقرى المحيطة بها، وأكدوا أن «قوات سوريا الديمقراطية» اجتازت نهر الفرات لأول مرة عبر الزوارق من منطقة قلعة جعبر باتجاه قرية الكرين غرب مدينة الرقة.
وأعلن متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» أن التحالف الدولى سيحقق فى الغارة على المدنيين، وأفاد المتحدث «بما أننا نفذنا عدة ضربات قرب الرقة، سنقدم هذه المعلومات لفريقنا المختص بالضحايا المدنيين لإجراء المزيد من التحقيقات».
وقال التحالف إن عملية الإنزال تهدف إلى السيطرة على منطقة الطبقة الاستراتيجية على ضفة نهر الفرات المقابلة لمناطق تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» وللحد من تقدم القوات الحكومية السورية فى هذا الاتجاه.
وقال الرئيس السورى بشار الأسد، خلال استقباله وفد نواب الجبهة الشعبية للأحزاب الوطنية التونسية، إن «أحد أخطر أشكال الحرب الإرهابية التى تتعرض لها سوريا والمنطقة يتمثل فى محاولة ضرب الهوية والثقافة العربية وتشويه فكرة الانتماء للعروبة وللوطن من خلال بث الفكر المتطرف القائم على إلغاء الآخر».
وفى واشنطن، عقد وزراء خارجية 68 دولة فى التحالف الدولى ضد «داعش» وممثلون عنهم أول اجتماع، مساء أمس، منذ وصول ترامب للبيت الأبيض، وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن الدبلوماسيين سيراجعون الحملة ضد التنظيم حتى الآن ويبحثون استراتيجيات لزيادة تسريع هزيمة (داعش)، إذ كانت إدارة ترامب أعلنت أنها سترسل مزيدا من القوات للمشاركة فى الحملة على المتطرفين فى كل من سوريا والعراق.
وسياسيا، أعلنت إليساندرا فيلوتشى، الناطقة الرسمية باسم المبعوث الدولى إلى سوريا ستيفان دى ميستورا، أن كل المدعوين الذين حضروا الجولات السابقة من الحوار السورى- السورى، فى جنيف، أكدوا مشاركتهم فى «جنيف-5»، المقررة اليوم، وكانت مفاوضات «جنيف- 4»، اختتمت أعمالها باتفاق وفد الحكومة السورية وممثلى المعارضة على أجندة واضحة تشمل بحث 4 عناصر خلافية بين الجانبين، أعلنت الأمم المتحدة أنه سيجرى بحثها «بشكل متواز»، وهى: وضع دستور جديد، وإجراء انتخابات، ونظام الحكم، ومكافحة الإرهاب.
ونفى مساعد وزير الخارجية الكويتية لشؤون الوطن العربى، السفير عزيز الديحانى، فى رده على سؤال حول مقترح بعودة سوريا إلى مقعدها فى الجامعة، وجود حديث عن عودة كرسى «النظام السورى» فى القمة العربية، مؤكدا أن هناك قراراً اتخذ فى دورة غير عادية عام 2012.