«مرصد الإفتاء»: 10 أسباب حوَّلت «الإخوان» من جماعة دعوية إلى إرهابية

كتب: أحمد البحيري الخميس 16-03-2017 13:41

كشف العدد الجديد من نشرة «إرهابيون»، التي يصدرها مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، عن 10 أسباب حوَّلت جماعة الإخوان المسلمين من جماعة دعوية إلى جماعة إرهابية، جاء على رأسها الجمود، وتقديس الرموز، وعدم الاعتراف بالأخطاء، والتعامل مع الواقع من خلال تجارب الماضي المؤلمة، وأخيرًا التكفير، والصدام مع المجتمع.

وقال مرصد الإفتاء- في العدد الجديد من «إرهابيون»، والذي جاء تحت عنوان: «الإخوان من دعوية إلى إرهابية.. الأسباب والملابسات»: والصادر، الخميس- إن هناك عشرة أسباب التزمتها الجماعة على مدار تاريخها كانت السبب الأهم فيما وصلت إليه الجماعة الآن من تطرف وتكفير ورفض الآخر وصدام مع كل مكونات المجتمع.

وأوضح المرصد أن السبب الأول من هذه الأسباب يكمن في أن ولاء أفرادها للجماعة مُقدَّم على ولائهم للإسلام، بحيث تحوَّل الانتماء للجماعة إلي الأصل، والانتماء للإسلام هو الفرع، وإذا تعارضت مصلحة الجماعة مع مصلحة الإسلام قُدِّمت مصلحة الجماعة، وبرَّرت ذلك بأن الإسلام امتدح وحثَّ على العمل الجماعي، وأن التكاليف الشرعية لا تؤدَّى إلا في جماعة، وبالتالي تحوَّل هذا الانتماء إلى عصبية واقتتال لأجل بقاء هذه الجماعة، وتناسوا أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عن هذه العصبية، في قوله، صلى الله عليه وسلم: «مَن خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهلية، ومَن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقُتل، فقتلة جاهلية، ومَن خرج على أمتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده، فليس مني ولست منه».

أما السبب الثاني: فهو تقديم العمل التنظيمي على العمل الدعوي، حيث يرون أن العمل الدعوي يُعد الخطوة الأولى نحو الجهاد العسكري، وبالتالي يُستخدم وسيلة للتجنيد واستقطاب أفراد جدد ينضمون تحت لواء الجماعة، وقد بدأ العمل الدعوي قبل ثمانية عقود على المقاهي، وانتهى في عصرنا عبر منصات التواصل الاجتماعي وغيرها، وعليه تكون الغاية هي العمل العسكري، وهذا يبرر عنف الجماعة الموجود على الساحة حاليا، ويبرر صدامها العسكري مع الدولة وكل مخالف لها.

وذكر المرصد السبب الثالث: وهو التشبث بالأفكار القديمة للأوائل وتقديسها ورفض كل ما هو جديد، انطلاقًا من مقولة: «ما ترك الأول للآخر شيئًا! وليس في الإمكان أبدع مما كان!»، كما أن قبولهم أفكار القدامى منهم دون مناقشة أو تمييز بين الخطأ والصواب مما تحمله أصابهم بالجمود في التفكير وألغى دور العقل في التأمل والتفكر والتجديد، وهذا يفسر صدامهم مع الواقع ورفضهم أي فكر جديد، على الرغم من مدح الإسلام للعقل كما جاء في قوله تعالى: {إنا أنزلناه قرآنا عربيًّا لعلكم تعقلون}.

وأضاف العدد الجديد من «إرهابيون» أن الجماعة رفضت لهذا السبب التجديد، على الرغم من أن الفقه الإسلامي لم ينمُ ويتطور إلا بالتجديد الفقهي، وهذا يُحيلنا إلى قضية مهمة، وهي أن آفة فكر الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية- التي تنهل من معين واحد، وإن اختلفت مشاربها- هي الجمود، وهذا الجمود قبل أن يكون عائقًا خارجيا لهذه التيارات فهو يشكل في الأساس عائقًا رئيسًا في فكر هذه التنظيمات، ومَن يحاول أن يخرج عن هذا الفكر يكن عقابه القتل، أو الطرد في أحسن الأحوال من صفوف التنظيم، وما حدث في ثورة يناير والأحداث التالية من فصل الجماعة أعضاءها الذين أرادوا أن يخرجوا عن هذا المنهج لهو خير دليل على ذلك.

أما السبب الرابع الذي ذكره المرصد: فيتمثل في الصدام مع كافة التيارات المخالفة لها سواء أكانت إسلامية أو ليبرالية، وغياب أي وسيلة للحوار فيما بينهم، وما حدث في عامهم الأول للحكم في مصر خير دليل على هذا الصدام، وهذا الصدام مع المجتمع ناتج لتعصب شديد لأفكارهم وانحيازهم لها، ما يُعد ظاهرة مرضية كما يفسرها علماء النفس والاجتماع، لأنه يأتي غالبًا نتيجة تأثر الإنسان بميوله ودوافعه وانفعالاته وعواطفه، والتي بدورها تؤثر بشكل مباشر في تفكيره وإدراكه، وهذا التعصب نوع من أنواع العدوان والظلم، الذي يجعل الشخص يقاتل لأجل الانتصار لنفسه أو حزبه أو جماعته، أو حتى فكره القديم، الذي أصبح لا يتماشى مع التطور الحادث في المجتمع.

وبيَّنت «إرهابيون» أن فكرة حتمية الصدام لدى جماعة الإخوان قديمة حديثة، نشأت على يد مؤسسها، حسن البنا، لكنه أقر خطأها بعد مرور عشرين عامًا، إلا أن سيد قطب جاء بعده، فطورها ووسعها وضخمها، وأخذت الفكرة في التطوير حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن، حيث تطبقها جماعة «حسم» على أرض الواقع.

ويأتي السبب الخامس من الأسباب العشرة: حول تشويه الحقائق، وهي سمة يتسم بها الفكر المنحرف، فتعطيه القدرة على قلب المفاهيم وطمسها، وتقديم أدلة وبراهين غير كافية أو مناقضة للواقع، واستعمال الكلمات بمعانٍ مُبهمة غير محددة أو بمعانٍ متقلبة ومختلفة، وهذا تمثل في عقلية الجماعة المتجمدة وسياستها، التي تقف حجر عثرة أمام المراجعات الفكرية للجماعة لبعض أفرادها الآن.

والسبب السادس: هو تبرير الغايات، متأثرين بمقولة ميكافيلي: «الغاية تبرر الوسيلة»، وبالتالي ليس عيبًا أن تصدر فتاوى من قِبَل الجماعة تحرم أمرًا كانت تحله بالأمس أو تحرم أمرًا دأبت على فعله على مدار تاريخها، ومن ثَمَّ أخذوا يصدرون الفتاوى لقادتهم في صراعهم على السلطة يبررون لهم سفك الدماء على أنه جهاد في سبيل الله، أو يكفرون الناس ليستحلوا دماءهم وأعراضهم، وعلى الرغم من ذلك فقد أدى هذا السبب إلى جعل العديد من أتباعهم ينفضون من حولهم لهذه الازدواجية في التعامل مع الأمور، وفقدوا ظهيرًا شعبيا كانوا يحققون من خلاله نجاحات في الماضي في صراعهم السياسي.

وتابعت «إرهابيون» أن الانغلاق على النفس ورفض أي فكر مخالف حتى لو كان صوابًا مادام لم يخرج من بين صفوفهم هو دأب الجماعة، الذي تستخدمه وسيلة دفاعية عن النفس حتى تبقى بعيدة عن البناء الحضاري، في الوقت نفسه يغذي لديها فكرة الاضطهاد والعزلة، فيبرر لها احتماءها بالقوى الخارجية.

ويأتي السبب السابع: باستغراقهم في أفكارهم المنغلقة في ظل العالم المفتوح، وهذا جعلهم لسنوات كثيرة بمعزل عن أي تطور فكري، فهم بالأساس يرفضون فكرة التطور، وهذا ما فسر فشل الجماعة في عامها الأول في الحكم عن التواصل مع أي فكر، سواء كان داخليا أو خارجيا وبناء علاقات دولية ناجحة، على الرغم من نجاح الدولة المصرية بعد الثلاثين من يونيو في بناء علاقات دولية ناجحة تعاملت فيها الدولة مع الآخر بمبدأ الندية والقوة.

وذكر المرصد، في السبب الثامن: توظيف الجماعة للأعمال الاجتماعية والثقافية والتربوية والاقتصادية لخدمة الهدف السياسي، وهذا الأمر كان حاضرًا بشدة في المشهد الانتخابي، ما كشف عن فشلها الذريع في إدارة الملفات الحيوية للدولة، فكان وقع الصدمة على المواطن مؤلمًا وشديدًا.

والسبب التاسع: تمثل في غياب فكرة النقد الذاتي، وهو ما حوَّل الجماعة إلى أفكار متجمدة غير قابلة للتطوير، كان من نتاجها تقديس رموز الجماعة، الذي حال بين منتسبيها وبين التجديد، فبات فكر الجماعة متخلفًا بعقود عن الواقع، وبالتالي مع أول صدام للجماعة مع الواقع تحولت إلى العنف ضد المجتمع.

وأكد المرصد قائلاً: على الرغم من أن الفقهاء اختلفوا على فكرة الأخذ من السابقين في النواحي الفقهية، فإن الإخوان كان لهم رأي واحد في هذا الأمر، وهو التعامل مع فكر السابقين على أنه وحي، وأنه مقدس، ولا يمكن بحال من الأحوال تجاوزه أو إحلال فكر جديد محله، وبالتالي هذا الفكر الذي أُنتج قبل عقود لم يعجز فقط عن أن يدمج الجماعة في المجتمع، بل حوَّلها إلى داء عضال في المجتمع، ومعوق أمام البناء والتقدم.

واختتمت «إرهابيون» بالسبب العاشر: فقالت: إن غياب فكرة الحوار لدى الجماعة مع الآخر والتسامح معه ولَّد- فيما بعد- فكرة التكفير داخل صفوفها، وأسَّس للعنف وظهور محاولات الاغتيالات لكل مَن يخالفها، حتى ولو في الرأي، وأخذوا ينظرون إلى مجتمعاتنا على أنها مجتمعات كافرة، حيث يقول أحدهم- ويسمى أبوأسامة الأنصاري، المُكنى بسيف الدولة، في بحثه (وجوب الهجرة من ديار الكفر إلى دولة الإسلام): «إن بلاد المسلمين اليوم ليست ديار إسلام كما ذكرنا، بل هي ديار كفر، وتقصُّد (تَتَبُّع) حكامها المرتدِّين وجندهم بالقتال والجهاد واجب شرعي حتى يحكم دين الله... حيث إن الحرب مع هؤلاء الطواغيت جهاد لابد منه شرعًا»، والمقصود بدولة الإسلام هو ما يمثلهم ويمثل أفكارهم المنحرفة.