ذكرت وكالة «رويترز» في تحليل لها، السبت، أن الاضطرابات السياسية في تونس قد تمد واشنطن بذخيرة جديدة لمطالبة حكام عرب بتخفيف قبضتهم، لكن لم يتضح إلى أي مدى ستصر على هذا المطلب وما إذا كان هناك من سينصاع.
ووصف مسؤول أمريكي أزمة الإدارة في المنطقة بـ«المعضلة المصرية». وتساءل «أيهما أسوأ قمع رجل قوي أم تطرف إسلامي؟».
واتصل الرئيس الامريكي باراك أوباما بالرئيس مبارك يوم الثلاثاء وقال محللون إنه يبدو أنه يريد التحرك بحذر. وقال ستيفن كوك، خبير شؤون الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية «بكل تأكيد بعثت الإدارة برسائل مفادها أنها لن تستغل الفرصه التي أتاحتها تونس ... للضغط على المصريين أو الأردنيين».
وقال «كوك»: «ربما تجري حوارات خاصة لكن بكل تأكيد لا يبدو أنهم يميلون للقيام بذلك بشكل حقيقي وصريح». وتابع: «في ظل وجود مصالح استراتيجية كبيرة في أماكن مثل مصر أو الأردن أو الجزائر» لا تريد الولايات المتحدة القيام بأي عمل يجعل هذه الحكومات «تبدو غير مستقرة».
وقال مسؤولون أمريكيون إن من السابق لأوانه تحديد الدروس المستفادة من الإطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي فر من البلاد في 14 يناير بعد مظاهرات في الشوارع أججها قيام بائع فاكهة وخضر بإشعال النار في نفسه احتجاجا على مصادرة الشرطة عربة اليد التي كان يبيع عليها بضاعته.
وقاد احتمال، لم يتحقق بعد، بأن تمتد الاحتجاجات السياسية الواسعة في تونس لتشمل مناطق أخرى في الشرق الأوسط – إلى انخفاض العملات والأسهم والسندات في المنطقة وفي مصر بشكل خاص في بداية الأمر.
وقال مسؤولون أمريكيون إن إدارة الرئيس الأمريكي أوباما مازالت تراقب وتنتظر لمعرفة تطور الأحداث في تونس ولمحوا إلى أنه ربما يكون من السابق لأوانه استخلاص نتائج.
وقال مسؤول: «من قبيل العجلة استخلاص رسالة عامة من حالة تونس باستثناء القول بأن ثمة قضايا وموضوعات تتردد أصداؤها في المنطقة بأسرها»، مشيرا لرغبة الشعوب في حق التظاهر والمشاركة السياسية والحياة الكريمة. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه- «من التزيد نوعا ما أن نقول إن ثمة دروسا ينبغي استخلاصها من تونس».
لكن مسؤولين أمريكيين آخرين قالوا إن الولايات المتحدة يمكن أن تستغل النموذج التونسي لدعم مطالبتها الدول العربية بانفتاح أكبر لأنظمتها السياسية ومحاربة الفساد وإتاحة مزيد من الفرص الاقتصادية.
وقال مسؤول ثان «تمنحنا تونس مبررا (للمطالبة) وتمنح النقاط التي نطرحها صدى أكبر». وذكر المسؤول الأخير وآخرون أن من غير الواضح ان القادة العرب سيعتبرون الانتفاضة التونسية رسالة لتبني الحريات الديمقراطية وهو ما تطالب به الولايات المتحدة منذ فترة طويلة رغم استعدادها في نفس الوقت للعمل مع انظمة شمولية مثل تلك القائمة في مصر والسعودية.
وقال مسؤول بالكونجرس «سيحاولون استغلالها (الانتفاضة التونسية) لكن لست أدري مدى قوة الضغط في هذا الشأن إذ ينتابني شعور بأن الأنظمة في المنطقة ربما لن تستوعب الدرس بشأن حاجتها لانفتاح». وأضاف «ربما يستخلصون من هذا الدرس أنه تعوزهم مهارة أكبر في كيفية ممارسة سياساتهم الشمولية».
وأضاف المسؤول في الكونجرس: «لايزال الخوف من النموذج الإيراني كامنا. سيخفف من حدة رسالة الإدارة نوعا ما. يريد الجميع رؤية مزيد من الانفتاح في هذه الدول ولكن ليس هناك من يرغب في سيطرة إسلامية على السلطة».
والخطر الأكبر الذي يشغل تفكير صناع السياسات في الولايات المتحدة الذي نادرا ما يعبرون عنه في العلن هو أن يأتي مزيد من الديمقراطية في العالم العربي بحكومات إسلامية معادية للولايات المتحدة.
وأتت الثورة الإسلامية في إيران في عام 1979 بنظام معاد لأمريكا تتهمه واشنطن برعاية الإرهاب وتأجيج العنف في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية والسعي لإنتاج أسلحة نووية. وتقول إيران إن برنامجها النووي لا يهدف إلا لتوليد الكهرباء.
ويقول جورج كريستو، الخبير الاستراتيجي في «باركليز كابيتال» في لندن وتخصصه أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا- إن أسواق الأسهم الرئيسية في المنطقة مثل مصر والمغرب تراجعت إلى حد ما نتيجة الأحداث في تونس.
وقال: «على المدى القصير وأحدد تلك الفترة بما بين شهر وثلاثة أشهر، سيواصل المستثمرون إعادة تقييم المخاطر في المنطقة». وتابع: «بعد ذلك سيتوقف الأمر على كيفية تعامل بعض أكبر الدول مع الوضع وبصفة خاصة مصر».
وارتفع مؤشر البورصة المصرية 0.8 في المائة في نهاية أسبوع من التراجع شهد هبوطا نسبته 7.1 في المائة نتيجة مخاوف من احتمال استفحال الاضطرابات التونسية لدول أخرى.
ويحكم الرئيس مبارك القائد السابق للقوات الجوية مصر منذ اغتيال سلفه أنور السادات على أيدي إسلاميين متشددين في عام 1981.
ورغم إجراء انتخابات في مصر بصفة منتظمة لم يحدث تداول للسلطة منذ أن أطاح الجيش بالملك فاروق في عام 1952. والقوة المعارضة الرئيسية وهي جماعة الإخوان المسلمين محظورة.
وفي قطر قبل يوم من فرار «بن علي»، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إنه ينبغي تغيير المؤسسات الفاسدة في المنطقة وإعادة الحيوية للأنظمة السياسية الجامدة وإلا خاطرت بخسارة المستقبل لصالح إسلاميين متشددين.
ودعت إدارة أوباما لإجراء انتخابات حرة ونزيهة في تونس لكنها تجنبت اللهجة العنيفة التي استخدمتها هيلاري كلينتون.