حفتر رجل التحالفات الصعبة.. هل فقد السيطرة على الأرض؟

كتب: دويتشه فيله الخميس 09-03-2017 09:47

بدا المشهد في ليبيا لفترة من الزمن بأن المشير خليفة حفتر هو رجل ليبيا القوي ورجل التحالفات الصعبة الذي يحظى بدعم غربي وروسي وإقليمي، لكنّ التطورات الأخيرة تشير إلى فقدان حفتر للسيطرة على الأرض وعلى الحلفاء المحليين.

دعمَ المجتمع الدولي لفترة من الزمن المجلس الرئاسي الذي تقوده حكومة السراج، لكنّ المجلس لم يحقق سوى فشلٍ ذريعٍ على الأرض ولم يستطع السيطرة حتى على العاصمة طرابلس التي يفترض أن تكون رمز قدرته. وهكذا تغيرت التحالفات، فبدأت تميل إلى دعم المشير خليفة حفتر.

ومنذ نهاية عام 2016 دخلت روسا على خط القوى المتدخلة في المشهد الليبي وأرسلت حاملة طائرات إلى طبرق ما أتاح للمشير خليفة حفتر إجراء مباحثات عبر دائرة تلفزيونية مغلقة مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، ما شكل انعطافا غريبا في المشهد، حيث بات الغرب والشرق إلى جانب حفتر.

حسني اعبيدي الباحث والخبير في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في حديث لقناة DW عربية فسر دخول روسيا على خط الأزمة في ليبيا «بأنها تعي جيدا أنّ هناك حضورا أمميا غربيا من خلال الأمم المتحدة، وتعي (روسيا) أنّ الدور الغربي محدود، لاسيما أنّ جُلَّ الدول الأوروبية التي لديها القدرة على التأثير في الشأن الليبي، وهي فرنسا وايطاليا وبريطانيا، مشغولة بالانتخابات والبريكسيت، وهو فراغ استغلته روسيا، كما استغلت عجز الدول الأوروبية عن إيجاد أرضية مشتركة للعمل في ليبيا، ما سهّل المقاربة الروسية للمشهد الليبي».

حسابات الحقل الدولية لم تطابق حسابات البيدر الليبي ويبدو أنّ حسابات الحقل الدولية لم تطابق حسابات البيدر الليبي، فجاءت التطورات الميدانية الأخيرة في مناطق شرق ليبيا، درنة وأجدابيا لتسحب البساط من تحت قدمي المشير حفتر وأبنائه، وتحولت القوة على الأرض إلى مجموعات مسلحة، تباينت توجهاتها، لكنها اتفقت على عدم الوقوف إلى جانب حفتر، وهو ما حرمه من المنطقة الأغنى في ليبيا، وبالتالي سيحرمه من الموارد التي يحتاجها مشروعه لتوحيد ليبيا الممزقة المتحاربة تحت سلطته.

والى ذلك أشارت الإعلامية التونسية المتابعة للشأن الليبي صوفيا الهمامي في حوار مع DW عربيةعازية ذلك في البداية إلى «أنه صراع بريطاني روسي» عبر النوافذ في ليبيا. وقد لا يتفق متابعو المشهد في ليبيا مع ما ذهبت إليه الإعلامية الهمامي، لاسيما أنّ المصالح الدولية متشابكة في هذا البلد إلى درجة يصعب فيها الجزم بأيّ أولويات تتقدم على الأخرى، إذ أنّ حفتر خلال شهرين استطاع أن يحشد إلى صفه قوى غربية، كما أنّه قام بجولة مع الأدميرال كوتسينتسوف على ظهر حاملة الطائرات الروسية في مياه البحر المتوسط، ما مثل استعراضا للقوة غير مسبوق قد يفسره البعض بأنه دعم لا محدود للمشير حفتر، يضاف إلى ذلك الدعم المصري والإماراتي والجزائري ما يمثل جهدا محليا ودوليا تضافر للحرب على التنظيمات الإسلامية المتشددة. «الهلال النفطي قد أُخذ من خليفة حفتر» لكن صوفيا الهمامي عرضت وقائع مغايرة بالقول«المشير حفتر ميدانيا في تقهقر شديد، وفي الندوة الصحفية التي عقدها رئيس المنشآت أمس (الثلاثاء)- وهو الذي تم تخويله من قبل حكومة الوفاق الوطني لتأمين المنشآت النفطية- أعلن أنه أستلمها من سرايا سور بنغازي، وعادت قوات حفتر إلى الوراء أي بما معناه أنّ الهلال النفطي قد أُخذ من خليفة حفتر».

وذهبت صحيفة ديلي تلغراف في عددها الصادر في الأسبوع الأول من شهر فبراير 2017 إلى أنّ المساعي الأوروبية لتحسين العلاقات مع القوى الفاعلة شرق ليبيا، تعكسها زيارات سفراء هذه الدول للمنطقة الشرقية، وسببها تخوف من تفرد الولايات المتحدة وروسيا بالملف الليبي.

مقابل هذه التصورات، ترى الإعلامية صوفيا الهمامي أنّ حفتر«بدأ يخسر الحاضنة الاجتماعية في المنطقة الشرقية أي القبائل الموالية، وهي التي دفعت بأبنائها للمشاركة في الجيش المدافع عن المنطقة الشرقية لدحر الإرهاب وتأمين المنشآت النفطية، ويبدو أنّ الطريقة التي كان يتعامل بها خليفة حفتر وأبناؤه في المنطقة الشرقية كان فيها نوع من الديكتاتورية وفيها نوع من عدم الثقة (بالشركاء في العمليات».

ولعل المثير المشترك في نتائج هاتين القراءتين المتباينتين أنّ القوات التي طردت قوات حفتر من الهلال النفطي هي في الغالب قريبة من تنظيم القاعدة، أو من قبائل حاضنة للتنظيم، وهو ما يعني أنّ التحالف الدولي يخسر الهلال النفطي الليبي ويصبح حضوره في ليبيا للحرب على الإرهاب إلى جانب المشير خليفة حفتر معرضا للخطر.

هل عادت القاعدة و«داعش» بقوة إلى المشهد الليبي؟

نقلت صحيفة العرب اللندنية عن مراقبين أنّ الجزائر- كلاعب إقليمي- لجأت إلى المشير خليفة حفتر في ظل توجه دولي للاعتراف به باعتباره طرفا فاعلا خاصة في الحرب على الإرهاب، ساعية في الوقت نفسه إلى تحقيق مصالحة مجتمعيةعبر التواصل المباشر مع خليفة حفتر، منذ أسابيع، لأول مرة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تهدف إلى الضغط على حكومة فايز السراج، من جهة لتقديم تنازلات، ومن جهة أخرى للضغط على الكتائب المسيطرة عسكريا على غربي ليبيا، من أجل التعاون مع الجهود الدبلوماسية الجزائرية على حد وصف الصحيفة. وفي ظل هذا التداخل الدولي الشاسع، ليس بوسع المراقب إلا أن يتساءل إن كانت ليبيا ستشهد عودة تنظيم القاعدة وتنظيم «داعش» إلى الواجهة لاسيما أنها باتت اليوم هي الأقوى في منطقة الهلال النفطي بعد انسحاب قوات حفتر؟ وهو ما أجابت عنه الإعلامية المتابعة للشأن الليبي صوفيا الهمامي بالقول القوى التي دخلت إلى الهلال النفطي هي، سرايا ثوار بنغازي الموالية للقاعدة، وجزء من قبيلة المغاربة ظل في منطقة اجدابيا ولم يرحل مع إبراهيم البجران الذي كان يسيطر لسنوات على الهلال النفطي، وهناك المعارضة التشادية وهي موجودة في الهلال النفطي لأنّ حفتر تحالف مع بن جدي، وقد تحولت هذه المعارضة التشادية إلى معارضة لخليفة حفتر.

كما توجد ميليشيا الشركسي القريبة من عبدالرحمن السويحلي ويمثلون القاعدة في مصراته. وهذا يعني أنّ الغالب على التنظيمات المسلحة التي سيطرت على الهلال النفطي هو تنظيم القاعدة، ما يضع التحالف الدولي وروسيا ومصر والجزائر والإمارات أمام تحدٍ قد يزيد تماسكه، لكن اشتراطات الأرض تفرض عليه التحالف مع قوة تستطيع التأثير مجتمعيا وميدانيا وقبليا على هذه التشكيلات، لاسيما أنّ المشهد الليبي يمتاز بتميع يتداخل فيه القبلي والسياسي والإسلامي المتطرف بما يصطلح عليه بعض الخبراء بأنه «مشهد زلج».