عقد سامح شكرى، وزير الخارجية، لقاءً مع المفوض الأوروبى للهجرة والمواطنة والشؤون الداخلية ديميتريس أفراموبولوس، خلال زيارته لبروكسل، التى بدأت أمس الأول، وقال المستشار أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى باسم «الخارجية»، إن مباحثات الوزير مع المفوض الأوروبى تطرقت للموقف المصرى تجاه قضية الهجرة غير الشرعية، على ضوء اعتماد الجانب الأوروبى على القاهرة كشريك يمكن التعويل عليه فى وقف تدفق موجات الهجرة غير الشرعية، حيث اعتبر المفوض الأوروبى أن «مصر جزءٌ أساسى من منظومة الأمن الأوروبية»، كما ثمّن الدور المصرى فى ليبيا والذى يسهم فى معالجة تدفقات الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط، مشيرا إلى استعداد الاتحاد الأوروبى للتعاون مع مصر وتعزيز قدرتها فى مجال ضبط ومراقبة الحدود.
وأضاف «أبوزيد»: «شكرى» استعرض الجهود الكبيرة لمصر فى مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، بدءًا من تشكيل لجنة وطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية وإقرار القانون الخاص بذلك فى مجلس النواب، ومرورا بنجاح السلطات المعنية فى الحيلولة دون خروج أى مركب هجرة غير شرعية من مصر إلى أوروبا منذ سبتمبر 2016، مؤكدا ضرورة تبنى منظور أكثر شمولية فى التعامل مع هذه الظاهرة لا يقتصر على البعد الأمنى وحده، وإنما يأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية التى تدفع نحو الهجرة غير الشرعية، وبالتالى العمل على بناء القدرات وفتح قنوات الهجرة الشرعية.
وأوضح أن وزير الخارجية شدد على الموقف المصرى بعدم إقامة معسكرات احتجاز للاجئين أو المهاجرين فى مصر، حيث يقيم اللاجئون والمهاجرون على الأراضى المصرية بكل حرية ويتمتعون بجميع الخدمات المتاحة للمواطن المصرى، وأن المطلوب هو دعم قدرات مصر لتوفير الحياة الملائمة والخدمات للاجئين، وهو ما اتفق معه المسؤول الأوروبى، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبى لا يريد إقامة مراكز احتجاز فى مصر، وإنما يرغب فى توفير جميع سبل الدعم للقدرات المصرية، ويتطلع للتعاون مع مصر فى هذا الصدد من خلال مشروعات تنموية لبناء القدرات والتدريب المهنى ومعالجة جذور الظاهرة.
واستقبل «شكرى»، فى مقر السفير المصرى فى بروكسل، الممثلة العليا للشؤون الخارجية والأمنية بالاتحاد الأوروبى ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية فيدريكا موجيرينى، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية: «شكرى» أكد خلال اللقاء أهمية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى فى مختلف المجالات، وتطلع مصر للدعم الأوروبى فى المرحلة الدقيقة الحالية التى تمر بها المنطقة والعالم، معربا عن تقديره للجهود التى بٌذلت على مدار العام الماضى للتوصل إلى اتفاق بشأن وثيقة أولويات المشاركة، وهو ما تم الاتفاق بشأنه مؤخرا بما يفتح مجالا لتطوير العلاقات بين مصر والمؤسسات الأوروبية على نحو يعكس الأولويات المصرية وفقا لرؤية «2030 للتنمية المستدامة».
وأوضح أن «لقاء شكرى مع موجيرينى تضمن، فى شق كبير منه، الأوضاع فى منطقة الشرق الأوسط، حيث حرصت المسؤولة الأوروبية على الاستماع الى تقييم وزير الخارجية للأوضاع فى ليبيا وجهود مصر لتقريب المواقف بين الأطراف الليبية، ورؤية القاهرة لسبل توفير عوامل النجاح لمباحثات جنيف بين الأطراف السورية، وتقييم مصر لفرص استئناف عملية السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى وما تقوم به من جهود واتصالات فى هذا الشأن، كما تم تبادل الآراء حول سبل تعزيز آليات التنسيق بين مصر والاتحاد الأوروبى للتعامل مع الأزمات المختلفة فى المنطقة».
وتابع:«شكرى» قدم استعراضا لبرنامج الإصلاح الاقتصادى الذى تتبناه الحكومة، وما تم اتخاذه من إجراءات اقتصادية صعبة خلال الفترة الأخيرة، مؤكدا أن القاهرة تتطلع إلى تفهم الاتحاد الأوروبى لطبيعة عملية الإصلاح التى تمر بها مصر، والمساعى المتواصلة من جانب الحكومة لترسيخ المؤسسات الديمقراطية وتعزيز دولة القانون فى إطار الحفاظ على تماسك الدولة، وهو ما يصب فى مصلحة الجميع، خاصة الاتحاد الأوروبى فى ظل خصوصية العلاقة بين مصر والاتحاد.
كما التقى «شكرى»، مع نائب رئيس وزراء ووزير خارجية بلجيكا ديديه ريندرز، صباح أمس، وعقد الوزيران جلسة مشاورات لمتابعة مسار العلاقات الثنائية بين البلدين والتباحث حول سبل تطويرها فى شتى المجالات خلال الفترة المقبلة، خاصة الرغبة المصرية فى تعزيز التعاون الاقتصادى وتشجيع رؤوس الأموال البلجيكية على الاستثمار فى مصر.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية: «الوزيران تبادلا وجهات النظر تجاه القضايا والأزمات الإقليمية، حيث ثمن وزير الخارجية البلجيكى المواقف المصرية المتوازنة التى تحرص على تعزيز الاستقرار الإقليمى، كما اهتم بالتعرف على ملامح برنامج الإصلاح الاقتصادى للحكومة المصرية، معربا عن إعجابه بما تحقق حتى الآن، خاصة على صعيد إدماج الشباب فى الأنشطة الاقتصادية المختلفة، مشيرا إلى استعداد الجانب البلجيكى لإرسال بعثة تجارية إلى مصر فى أقرب فرصة لاستكشاف أفق تدعيم التبادل الاقتصادى والتجارى بين البلدين، وتطلع بلاده للتنسيق مع الأجهزة الأمنية المصرية لمراجعة إرشادات السفر البلجيكية إلى مصر».
وعقد وزير الخارجية اجتماعا مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبى الـ28، ظهر أمس، فى إطار زيارته للعاصمة البلجيكية بروكسل. وبدأ الاجتماع بكلمة لـ«شكرى» أعرب خلالها عن تقديره لعملية التفاوض التى تمت على مدار العام الماضى بين الجانبين المصرى والأوروبى، والتى تكللت بالتوصل إلى اتفاق حول وثيقة أولويات المشاركة وتمثل إطارا عاما للعلاقات بين مصر ومؤسسات «الاتحاد» خلال السنوات الثلاث المقبلة، معربا عن تطلعه لانعقاد مجلس المشاركة فى أقرب فرصة لبدء مرحلة جديدة فى العلاقات بين القاهرة والجانب الأوروبى.
وتناول وزير الخارجية «استراتيجية 2030 للتنمية المستدامة» التى تم الإعلان عنها فى فبراير 2016، باعتبارها مرجعية التفاوض للجانب المصرى بشأن أولويات المشاركة مع الاتحاد الأوروبى، بما يضمن تنفيذ الأجندة التنموية الوطنية، حيث تتضمن الاستراتيجية بلورة لأهداف محددة فى المجالات الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية بالتركيز على فئتى المرأة والشباب.
وأوضح المتحدث باسم «الخارجية» أن لقاء الوزير مع نظرائه الأوروبيين تضمن شرحا مستفيضا للأوضاع فى مصر على خلفية برنامج الإصلاح الاقتصادى للحكومة، وما تم اتخاذه من إجراءات اقتصادية مهمة خلال الفترة الأخيرة، وشرحا للتحديات الأمنية والاجتماعية، مؤكدا أن مصر تتطلع إلى تفهم الاتحاد الأوروبى لطبيعة عملية الإصلاح التى تمر بها وما يواكبها من تحديات.
وأضاف «أبوزيد» أن قضية الهجرة غير الشرعية استحوذت على جانب من النقاش بين «شكرى» والوزراء الأوروبيين، حيث تناول الجهود المصرية الناجحة فى تقليل موجات الهجرة غير الشرعية خلال الآونة الأخيرة، معربا عن تطلعه لمزيد من التنسيق بين مصر و«الاتحاد» عبر الحوار المتوقع تدشينه بين الجانبين خلال الفترة المقبلة، كما حرص الوزراء الأوروبيون على التعرف على القراءة المصرية للقضايا الإقليمية، خاصة جهود القاهرة لتقريب وجهات نظر الفرقاء الليبيين، ومحاولة التوصل إلى تسوية للأزمة السورية لإنهاء معاناة الشعب السورى، وكذلك جهود إحياء عملية السلام بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى واتصالات مصر فى هذا الشأن.
وأوضح أن وزراء الخارجية الأوروبيين أكدوا على الدور المصرى المحورى لتحقيق الاستقرار فى المنطقة، وكونها شريكا استراتيجيا للاتحاد الأوروبى، حيث أشادوا بالمواقف المصرية المتوازنة تجاه التعامل مع أزمات الشرق الأوسط وسبل حلها.