فى مفاجأة من العيار الثقيل، أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» فى مؤتمر صحفي، مساء الأربعاء، عن كشف جديد فى مجال الكواكب الخارجية، التى لا تنتمى لمجموعتنا الشمسية.
وقالت وكالة الفضاء الأمريكية إنها اكتشفت سبعة كواكب شبيهة بالأرض، تدور حول نجم يبعد مسافة 39 سنة ضوئية عن الأرض، وهى مسافة صغيرة نسبيًا، بالمقارنة بالكواكب الشبيهة التى تم اكتشافها سابقًا.
وأضافت أن هناك عددًا كبيرًا من النجوم فى مجرة درب التبانة أقل حجمًا بكثير من الشمس، بكتلة تبلغ 80 مرة فقط أكبر من كتلة كوكب المشترى- أكبر كوكب فى مجموعتنا الشمسية- لكن تلك النجوم رغم صغر حجمها تستطيع تحويل الهيدروجين إلى هيليوم، بسطوع أقل من سطوع شمس الأرض بنحو 1000 مرة فقط، منها النجم TRAPPIST – 1 وهو النجم الذى يضم المجموعة التى اكتشفها العلماء فى ناسا.
وحسب الورقة العلمية التى قالت ناسا إنها سُتنشر فى مجلة نيتشر العلمية، ذائعة الصيت، فإن العقود الماضية شهدت اكتشاف ألوف الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية، عبر استخدام طريقة قياس الضوء العابر لرصد الكواكب الشبيهة بالأرض، فعندما يمر كوكب ما أمام نجم ما، يحجب الكوكب قدرًا من الضوء عن ذلك النجم، وهو الأمر الذى يوفر للعلماء مجموعة من المعلومات عن حجمه.
غير أن الباحثين فى ناسا استخدموا طريقة جديدة لكشف المجموعة الكوكبية الجديدة، إذ قاموا بعكس العملية برمتها، فمنذ عام 2010 إلى الآن؛ يقوم العلماء برصد النجوم القزمة صغيرة الحجم أولاً والتى تصلح لدعم الحياة فى الكواكب المحيطة بها، ثم يقومون برصد الكواكب بعد ذلك، واستنباط المعلومات الخاصة بتحليل الغلاف الجوى فى النهاية.
ورصد الباحث الرئيسى فى الدراسة «مايكل جاليون» منحنيات الضوء الصادرة من الكواكب فى 19 سبتمبر الماضى، بعد أن اكتشف وجود النجم قبل أكثر من عام، وتابع الباحث مسارات تلك الكواكب طيلة الشهور الماضية، حتى تمكن من التعرف بشكل لا لبس فيه عن فترات مرورها المدارية، التى تعرف بكونها الفترة اللازمة لأى جرم فلكى سواء كان كوكبا أو قمرا طبيعيا أثناء سيره فى المدار.
وقالت ناسا إنها لاحظت أن الكواكب الداخلية الستة الأولى المكتشفة حديثًا تدور حول نجمها فى فترة مدارية مُقدرة بـ1.5 إلى 13 يومًا، وقد استخدم الباحثون تلك المعلومة للحصول على كُتل تلك الكواكب.
واستخدم الباحثون طرقا متطورة متعلقة برصد الكواكب الخارجية للتنبؤ بالأطوار المدارية للكواكب السبعة المكتشفة حديثًا، وقالت ناسا إنها لا تزال بصدد دراسة احتمالية وجود مياه على سطح الكواكب الشبيهة بالأرض، وهو الأمر الذى ربما يكون داعمًا للحياة بشكل أو بآخر.
كانت ناسا قد أعلنت فى يوليو أن تلسكوب كبلر التابع لوحدة الرصد فى إدارة الطيران والفضاء الأمريكية اكتشف فى العام 2015 كوكبا جديدا شبيها بالأرض ويبعد عنها بنحو 1400 سنة ضوئية ويقع فى المجموعة الشمسية المعروفة باسم كوكبة الدجاجة، وقالت وقتها إن الكوكب الأحدث معروف باسم «كبلر بى 452» مشيرة إلى أن ذلك الاكتشاف تقدم هائل إذ إن الكوكب يماثل الأرض فى الحجم ودرجات الحرارة ويدور حول نجم يشبه الشمس، إلا أن بُعد المسافة بين ذلك الكوكب الصخرى وكوكب الأرض جعل ذلك الاكتشاف مُحبطا بالنسبة للجماهير المتابعة لـ«ناسا».
إلا أن المسافة القريبة نسبيًا- التى تقول ناسا إن الكواكب السبعة المكتشفة حديثًا تقع فى نطاقها- تعطى للاكتشاف بُعدًا آخر، خصوصًا مع الطفرة المنتظرة مستقبلاً فى وسائل السفر عبر الفضاء، والتى ستمكن رواد الفضاء بعد أقل من قرنٍ من الزمان من الوصول إلى كوكب المريخ.
كان فلكيون قد ادعوا فى العام الماضى اكتشاف كوكب شبيه بالأرض ويقع على بعد 4 سنوات ضوئية فقط، إلا أن ذلك الاكتشاف لم يُدعم بالأدلة العلمية اللازمة، ما جعله عُرضة للنقد من جانب المجتمع العلمى والباحثين فى مجال الفلك.
ومنذ عام 2009 وإلى الآن، اكتشف العلماء نحو 4000 كوكب، منها أكثر من 13 كوكبا صالحة للسكنى، ويعد الكشف عن الكواكب الشبيهة للأرض أحد أهداف علم الفلك الحديث، إذ يتوقع عالم الفيزياء الكبير «ستيفين هوكينج» أن البشر لن يبقوا أحياء على كوكب الأرض فى غضون الألف عام القادمة، بسبب الأخطار المتزايدة التى يتعرض لها الكوكب، واحتمالية نشوب حرب نووية مفاجئة أو ظهور سلالات جديدة من الفيروسات، ويشير العالم الشهير إلى ضرورة الاهتمام بالاكتشافات المتعلقة بالكواكب الشبيهة بالأرض؛ إذ إنها ربما تُمثل طوق النجاة للحياة البشرية.
ويأمل العلماء العثور على كواكب صالحة للسكنى على مسافات صغيرة من كوكب الأرض، وتشمل خصائص تلك الكواكب استقرار الظروف الجوية، وجود مصادر للطاقة، تكوينا فيزيائيا وكيميائيا شبيها بالأرض، بالإضافة إلى وجود أقاليم متسعة مليئة بالمياه السائلة وظروف تجمع الجزيئات العضوية لضمان استمرار عملية التمثيل الغذائى، ويعتقد العلماء أن الكواكب التى تستطيع احتضان حياة على سطحها هى كواكب صخرية، تقع فى نطاق قيمة أسية واحدة من كتلة الأرض، ولم يتراكم حولها الهيدروجين والهيليوم كما هو الحال فى كوكبى المشترى وزحل.
وقاد المؤتمر البروفيسيور «توماس زيريوش»، المدير المشارك فى إدارة المهام العلمية فى مقر ناسا بواشنطن، فيما تحدث «شون كارى»، مدير مركز سيتزر العلمى التابع لناسا فى معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، عن تفاصيل الكشف الجديد، وأجاب عن استفسارات الحضور كلاً من «نيكول لويس»، عالم الفلك فى معهد علوم الفضاء فى بالتيمور، بالإضافة إلى «سارة سيجر»، أستاذ علم الكواكب والفيزياء بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.