تصاعدت حدة الانقسامات بين مكونات الطبقة السياسية والمجتمع المدنى فى تونس، حول صلاحيات ومدة عمل المجلس الوطنى التأسيسى (البرلمان) مع بدء العد التنازلى للانتخابات العامة المقررة فى أكتوبر المقبل، وسط تصعيد أمنى وسياسى مع تظاهر المئات من رجال الشرطة احتجاجاً على قرار الحكومة المؤقته فى البلاد بحل النقابات الأمنية.
ووفقا لتقارير للصحف التونسية، ترى مجموعة من السياسيين يدعمها تيار من الأحزاب الليبرالية واليسارية أن المجلس المنتخب سيكون «سيد نفسه»، لأنه منتخب مباشرة من الشعب، وبالتالى لا داعى لتقييد صلاحياته، بينما يؤكد فريق آخر يقوده الإسلاميون ضرورة وضع ضمانات «خوفا من المستقبل»، وحتى لا تتكرر تجربة المجلس التأسيسى الأول، الذى كان قد انتخب غداة استقلال تونس سنة 1956، واستمر 3 سنوات بعد أن هيمن عليه اتجاه سياسى واحد، بزعامة الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.
وفى هذا السياق الذى يشبه إلى حد كبير معركة البنود فوق الدستورية المثيرة للجدل فى مصر، دعت قبل أيام مجموعة من الأحزاب السياسية والشخصيات المستقلة فى تونس إلى استفتاء شعبى يكون موازيا مع الاقتراع الخاص بانتخاب المجلس التأسيسى، يوم 23 أكتوبر المقبل، حول تحديد مدة عمل المجلس والصلاحيات الموكولة للمجلس.
وتبنى هذا الموقف حوالى 50 حزبا سياسيا والعديد من الشخصيات السياسية والحقوقية، من بينها عبد الفتاح مورو، القطب الإسلامى المنشق عن حزب حركة النهضة.
ودعا أصحاب هذه المبادرة، فى وثيقة أوردت مضامينها وسائل الإعلام التونسية، إلى حصر عمل المجلس التأسيسى فى مدة لا تتجاوز 6 أشهر، وتحويله بعد الانتهاء من وضع الدستور إلى مجلس رقابى على أداء الحكومة المؤقتة، والتحضير للانتخابات الرئاسية والتشريعية فى مدة لا تتجاوز 6 أشهر، بعد الانتهاء من وضع الدستور الجديد.
وفى المقابل، ترفض عدة أحزاب وفعاليات سياسية وحقوقية أخرى هذا التوجه، معتبرة ذلك «التفافا على الثورة التونسية». وفى هذا السياق، دعا الناطق باسم حركة النهضة، نورالدين البحيرى، إلى الالتزام بما جرى التوافق بشأنه بين مكونات المجتمع التونسى، بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق، فى 14 يناير الماضى.
وترى مجموعة من الأحزاب، من ضمنها حركة النهضة، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وحركة الوحدة الشعبية، وحزب الإصلاح والتنمية، فى بيان مشترك، أن أطرافا داخلية وخارجية تحيك ما وصفته بـ «مؤامرات تهدف إلى الانقلاب على الثورة والالتفاف على أهدافها».
دفع قرار رئيس الوزراء التونسى المؤقت الباجى قايد السبسى بمنع قوات الأمن من الانضمام إلى نقابات، مئات من الشرطة للاحتجاج ضد الحكومة المؤقتة، التى يقول بعض التونسيين إنها خانت انتفاضتهم التى استهلت انتفاضات ما يعرف باسم «الربيع العربى». وكان «السبسى» قد قال فى خطاب وجهه إلى الشعب التونسى، إن حظر أى نشاط نقابى لقوات الأمن سيسرى على الفور، نظرا للمخاطر التى يشكلها على أمن البلاد. وسرعان ما تجمع مئات من أفراد الشرطة أمام مكتب رئيس الوزراء فى العاصمة، وكان بعضهم يرتدى ملابس مدنية، وطالبوا قايد السبسى بالاعتذار لهم.