سعد الحريري للجنة التحقيق: بشار الأسد أصدر قرار اغتيال والدي

كتب: أ.ف.ب الإثنين 17-01-2011 09:08

 

بثت قناة «الجديد» التلفزيونية اللبنانية مساء الأحد تسجيلا صوتيا لإفادة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أمام لجنة التحقيق الدولية في اغتيال والده يتهم فيها الرئيس السوري بشار الأسد ومسؤولين سوريين آخرين بالتخطيط لاغتيال والده رئيس الوزراء وقتذاك رفيق الحريري العام 2005.

وقال الحريري بالإنجليزية، بحسب التسجيل الذي بثته القناة  القريبة من قوى 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه)، أمام المحقق في لجنة التحقيق الدولية «محمد لجمي علي»- «أعتقد أن آصف شوكت (صهر الرئيس السوري) وماهر الأسد (شقيقه) لهما دور كبير في (...) عملية الاغتيال والتحضير لدفع بشار (الأسد) في اتجاه أخذ هذا القرار».

وكان الحريري يرد على أسئلة المحقق. ومما قاله إن السوريين نظموا حملة ضد رفيق الحريري قبل 14 فبراير 2005، تاريخ الاغتيال، مسميا بين المشاركين في هذه الحملة «رستم غزالي (مسؤول جهاز الأمن سابقا في القوات السورية في لبنان)، آصف شوكت، وأدواتهم المتمثلة بجميل السيد (المدير العام السابق للأمن العام) وإميل لحود (الرئيس اللبناني السابق).

كما سمى (النائب) سليمان فرنجية «وهو قريب جدا من النظام السوري وقد وصف رفيق الحريري بالمشروع المشبوه»، و(النائب) طلال أرسلان.

وقال سعد الحريري الذي يعود تاريخ إدلائه بهذه الإفادة إلى 29 و30 يوليو 2007، بحسب التسجيل، إن «آصف شوكت كان رجلا سفاحا» وإن السعوديين يقولون عنه «إنه مثل محمد بن نايف (نائب وزير الداخلية السعودي)... هو رجل قوي».

واتهم الحريري في الإفادة السوريين بــ«ابتزاز» والده للحصول على المال لهم ولأعوانهم في لبنان، وللصحف اللبنانية الموالية لهم.

وفي معرض أجوبته، قال الحريري إن وزير الخارجية السوري وليد المعلم «أصبح أسوأ من بشار الأسد نفسه».

وأشار إلى أن موفد الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن حذر والده إثر زيارة إلى سوريا بأن السوريين يريدون اغتياله. كما تحدث عن تحذير من الرئيس الفرنسي جاك شيراك لرفيق الحريري بالانتباه إلى أمنه.

وفور بث الشريط، صدر بيان عن المكتب الإعلامي لسعد الحريري أكد «بلسان الرئيس الحريري، أن هذه الإفادة المسجلة تعود إلى سنوات عدة، وهي أدليت في ظروف سياسية معروفة، وتناولت عددا من الشخصيات والوجوه البارزة التي يعتز الرئيس الحريري بصداقتها، وبالعلاقة المتينة التي بناها معها خلال السنوات الأخيرة».

وتوجه الحريري في البيان «بالاعتذار الشخصي من كل الأصدقاء الذين طاولهم حديثه خلال تلك السنوات»، معددا أسماء تطرق إليها في إفادته مشككا بحسن نواياها تجاه رفيق الحريري، وبينها الأمير وليد بن طلال.

ولم يعلق البيان على الكلام الذي طال المسؤولين السوريين، علما أن الحريري قال في إفادته المذكورة إن والده كان يحاول بناء «حوار مع حزب الله»، وإنه كان يعتبر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله «جديرا بالثقة».

ويأتي بث الشريط في وقت يزداد الاحتقان في لبنان مع الإعلان أن مدعي المحكمة الدولية دانيال بلمار سيسلم القرار الاتهامي في اغتيال الحريري الذي يتوقع أن يوجه الاتهام في الجريمة إلى حزب الله، إلى قاضي الإجراءات التميهيدية دانيال فرانسين، اليوم الاثنين.

وكان تلفزيون «الجديد» بث السبت تسجيلا آخر لمحادثة رباعية بين سعد الحريري والشاهد في جريمة اغتيال والده محمد زهير الصديق المتواري عن الأنظار والمحقق الدولي جيرهارد ليمان والضابط في قوى الأمن الداخلي وسام الحسن.

وقال إن الهدف من بث التسجيل إثبات وجود صلة بين سعد الحريري والصديق الذي تصفه قوى 8 آذار بأنه «شاهد زور» تسبب بتسييس التحقيق وتوجيه أصابع الاتهام إلى دمشق.

وأفاد مكتب الحريري أن المحادثة المذكورة «تمت بطلب مباشر من لجنة التحقيق الدولية... للوقوف على حقيقة الإفادات التي يدلي بها الصديق» التي كان مشكوكا بها.

ولم تعط قناة «الجديد» تفاصيل حول كيفية حصولها على التسجيلين، وذكرت أنها ستبث المزيد.

من جانبه، اعتبر  حسن نصر الله أن توقيت تسليم القرار الظني في اغتيال رفيق الحريري الاثنين، هو «توظيف سياسي» لصالح تسمية سعد الحريري مجددا رئيسا للحكومة.

وأكد نصر الله أن حزبه «سيتصرف للدفاع عن كرامته ووجوده وسمعته» في مواجهة القرار الظني الذي يتوقع أن يوجه الاتهام في الجريمة إلى حزب الله.

وقال نصرالله في كلمة ألقاها عبر تلفزيون «المنار» التابع لحزبه، إنه «تم استخدام توقيت القرار الظني لمصلحة الاستشارات النيابية» التي يبدأها رئيس الجمهورية ميشال سليمان الاثنين بهدف تسمية رئيس حكومة جديد.

وأضاف «المطلوب أن يعلن القرار الظني كجزء من التوظيف السياسي لصالح مرشح معين»، في إشارة إلى سعد الحريري الذي سقطت الحكومة التي كان يترأسها الأربعاء نتيجة استقالة 11 وزيرا منها بينهم عشرة يمثلون حزب الله وحلفاءه.

وقال نصر الله إن «القيامة قامت» و«لم تبق عاصمة في العالم لم تتحرك» بعد سقوط حكومة الوحدة الوطنية «لمجرد احتمال... أن ترشح المعارضة إحدى الشخصيات من الطائفة السنية الكريمة (لرئاسة الحكومة) ولا يأتي سعد الحريري».

ووصف «استعجال إصدار القرار الظني» الذي يصب في الإطار نفسه بأنه «فضيحة» و«أسوأ من التدخل الدولي والإقليمي» الهادف إلى تسيمة الحريري.

وعن مرشح قوى 8 آذار لترؤس الحكومة، رفض نصر الله تحديد الاسم، إلا أنه قال «من الواضح أن المعارضة مجمعة على عدم تسمية سعد الحريري لتكليفه تشكيل الحكومة الجديدة».

ولم يسم حزب الله والتيار الوطني الحر المتحالف معه في 2009 سعد الحريري لرئاسة الحكومة، إلا أنهما لم يسميا شخصية أخرى، فيما سمى عدد من حلفائهما الآخرين الحريري.

ويبدأ رئيس الجمهورية ميشال سليمان الاثنين استشارات مع النواب لتسمية رئيس حكومة جديد. وتسمي كل كتلة خلال الاستشارات مرشحها لرئاسة الحكومة الذي يفترض أن يكون سنيا، ويختار الرئيس إجمالا من يحظى بأعلى نسبة من التأييد.

والحريري هو السياسي السني الأكثر شعبية، لكن لا يعرف ما إذا كانت ستتم تسميته مجددا في ضوء هشاشة التحالفات داخل البرلمان.

وتتجه الأنظار نحو كتلة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي خرج في صيف 2009 من قوى 14 آذار (الحريري وحلفاؤه) إلى موقع وسطي، كونها تحتل 11 مقعدا في البرلمان ولا يعرف أين ستصب أصوات نوابها، ما يجعلها بيضة القبان في تحديد اسم رئيس الحكومة المقبل.

وقوى 14 آذار ممثلة حاليا في البرلمان بــ 60 من أصل 128 نائبا، مقابل 57 نائبا لقوى 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه).

وحمل نصر الله في كلمته الولايات المتحدة مسؤولية إفشال المسعى السعودي- السوري الذي كان قائما لإيجاد حل للأزمة اللبنانية منذ أشهر، ما تسبب باستقالة الحكومة.

وقال إن المسعى كان وصل إلى تفاهم حول «كيفية حماية لبنان من تداعيات القرار الظني»، وإن السعودية الداعمة للحريري أبلغت سوريا الداعمة لحزب الله، موافقة الحريري عليه.

إلا أن السعودية عادت، بحسب نصر الله، وأبلغت فجأة توقف المسعى بعد سفر الحريري أخيرا إلى الولايات المتحدة.

وأشار إلى أن التفاهم الذي كان تم التوصل إليه ينص على أن «تجتمع الحكومة اللبنانية وتقول: [نظرا للتطورات والأخطار والاحتمالات وبمعزل عن تقييمها للقرار الظني والمحكمة، يتم سحب القضاة اللبنانيين من المحكمة ووقف التمويل اللبناني للمحكمة وإلغاء مذكرة التفاهم بين الحكومة اللبنانية والمحكمة الدولية]».

وأوضح أن إلغاء مذكرة التفاهم يعني امتناع الحكومة اللبنانية عن التعاون مع المحكمة لا سيما لجهة توقيف الأشخاص الذين يتم اتهامهم.

ورفض الكشف عما كان مطلوبا منه في المقابل، مكتفيا بذكر بند وحيد هو «إغلاق ملف الشهود الزور» في اغتيال الحريري الذي كانت قوى 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه) تطالب بإحالته على المجلس العدلي، وهي محكمة تنظر في قضايا تمس أمن الدولة، الأمر الذي رفضه فريق الحريري قبل صدور القرار الظني لتبين الوقائع وحقيقة الاتهامات.

وجدد نصر الله وصف المحكمة بأنها «أمريكية إسرائيلية» والقرار الظني بأنه «أمريكي إسرائيلي».

وفي مواجهة الاتهامات التي ستوجه إليه، قال الأمين العام لحزب الله «سنتصرف للدفاع عن كرامتنا ووجودنا وسمعتنا».

وأضاف «لن نسمح بأن تمس سمعتنا وكرامتنا وأن يتم التآمر علينا وأن يلبسنا أحد- ظلما وعدوانا- دم الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولو ظنا ولو اتهاما».

وأشار إلى أنه سيترك «للغد (الاثنين) وبعد غد (الثلاثاء)» تحديد «كيفية التصرف».

ويخشى مراقبون تداعيات سلبية واهتزازات أمنية لتوجيه الاتهام باغتيال الزعيم السني، إلى الحزب الشيعي، القوة اللبنانية المسلحة الوحيدة إلى جانب الدولة، ما يثير قلقا في عدد من دول العالم.

واقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مساء الأحد تشكيل «مجموعة اتصال» تضم دولا مستعدة لبذل جهود مشتركة بهدف مساعدة لبنان في تجاوز الأزمة الحكومية، وفق بيان لقصر الرئاسة الفرنسية.

وأوضح البيان أن «اجتماعا سيقترح في أقرب فرصة» وأن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون «على علم بهذه المبادرة».

وفي أنقرة، أفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية الأحد أن اجتماعا سيعقد الاثنين في دمشق بين قادة تركيا وسوريا وقطر لبحث الأزمة السياسية في لبنان.