قال قضاة وقانونيون إن تراجع الشهود أمام المحكمة عن أقوالهم السابقة أمام النيابة أو التحقيقات، أمر وارد لا تحكمه قواعد، لأن الحكم فى النهاية للمحكمة، وفقاً لما يستقر فى عقيدتها وتطمئن له من هذه الأقوال، وأضافوا أن للمحكمة أن تأخذ بما تراه يتفق وظروف الدعوى ووقائعها من أقوال الشهود مهما كانت، سواء كانت متفقة مع ما سبق وشهدوا به فى التحقيقات أم لا.
قال المستشار الدكتور فتحى عزت، رئيس محكمة أمن الدولة العليا طوارئ بالإسماعيلية، إن الشهادة فى معناها القانونى هى كل ما يدلى به أى شخص من أقوال ذات صلة بالواقعة محل التحقيق، أمام جهة التحقيق والمحكمة، وأن من يسميهم القانون «شهود إثبات» هم من تستند جهة التحقيق إلى أقوالهم فى إدانة المتهم بارتكاب تلك الواقعة، وعلى عكس ذلك «شهود النفى» الذين تنفى أقوالهم ارتكاب المتهم للواقعة، وأضاف «عزت»: «فى أغلب الأحيان تكون أقوال شهود النفى أمام المحكمة، ويكون الاستماع إلى شهادتهم بناء على طلب الدفاع عن المتهم، بعد موافقة المحكمة على حضورهم للشهادة».
وتابع: «القانون أعطى للمحكمة سلطة كاملة فى تكوين عقيدتها تجاه أقوال الشهود التى تدلى أمامها، أياً كانت هذه الأقوال، سواء اتفقت مع ما سبق أن قالوه أمام النيابة أو جهة التحقيق أو اختلفت عنه، ويصبح الأمر برمته متروكاً لها فى الأخذ بهذه الشهادة من عدمه وفقاً لما تطمئن إليه».
وأوضح «عزت»: «هذا هو أساس الفرق بين القاضى الجنائى والمدنى، فالأول قاضى وجدان يعيش ظروف الدعوى التى هو بصدد الفصل فيها ليكون حكمه متفقاً وما يطمئن له وجدانه ويثبت فى يقينه، ويشمل ذلك أقوال الشهود وكل ما ورد فى التحقيقات، وكذا ما يبديه الدفاع من دفوع».
وقال: «إن ما حدث فى محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك من تغيير أقوال الشهود التى جاءت بالتحقيقات أمر وارد ليس فى هذه القضية فقط، وأن المحكمة ستكون أمام أمر من أربعة: الأول ألا تطمئن لأقوال الشهود فلا تأخذ بها، والثانى تطمئن لأقوالهم فى التحقيقات فتأخذ بها، أو تطمئن لما قيل أمامها، أو لا تطمئن لأقوال الشهود سواء أمامها أو أمام جهة التحقيق وتستند إلى أدلة أخرى اطمأنت إليها، من خلال معايشتها ظروف الواقعة وأجواء القضية».
وقال المستشار شريف إسماعيل، القاضى بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية، إن عدول شهود الإثبات عن شهادتهم أمام المحكمة لا يؤثر على سير القضية، فقد تأخذ بشهادتهم التى أدلوا بها فى تحقيقات الشرطة وإذا تبين لها عدم جديتها أو وجود تلاعب بها تأخذ بأقوالهم أمام النيابة، بصفتها جهة تراعى الجدية والموضوعية، والعبرة فى الحكم فى النهاية تكون بالأدلة التى تستند إليها المحكمة.
وأضاف: «فى حالة قيام شهود الإثبات بتغيير شهادتهم أمام المحكمة عن التى أدلوا بها فى تحقيقات النيابة، فلرئيس المحكمة أن يواجههم بتلك الشهادات المختلفة، وسبب تغييرها فى تحقيقات النيابة العامة، ولكن دون مساءلة قانونية للشاهد».
وقال بهاء الدين أبوشقة، المحامى، إنه وفقاً لنص المادة 302 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن المحكمة لها السلطة المطلقة فى تكوين عقيدتها، ولكى يتحقق ذلك فإنها تحقق فى أدلة الدعوى تحقيقاً كاملاً أو جزئياً وفقاً لما تراه مؤدياً لتحقيق هذه النتيجة، وهى الوصول للحقيقة المجردة، التى تمكنها من تكوين عقيدة سليمة عن ظروف الواقعة وأدلتها.
وتابع: «وفقاً للقضاء المستقر لمحكمة النقض فإن المحكمة لا تتقيد بأقوال شهود الإثبات فى أى مرحلة من مراحل التحقيق، سواء محاضر الضبط أو أقوالهم بتحقيقات النيابة العامة أو فى شهاداتهم أمام المحكمة».
وشدد على أن قانون الإجراءات الجنائية أعطى للمحكمة السلطة المطلقة فى تكوين عقيدتها سواء فى تقديرها لأدلة الثبوت أو للعقوبة.