فرضت الأحداث السياسية الملتهبة فى المنطقة العربية خاصة فى تونس ولبنان نفسها، على فعاليات القمة العربية الاقتصادية والاجتماعية والتنموية الثانية، التى انطلقت أعمالها التحضيرية صباح الأحد بشرم الشيخ، وسط إجراءات أمنية مشددة. وبدأت الفعاليات بالاجتماع المشترك للمندوبين الدائمين بالجامعة العربية وكبار المسؤولين بالمجلس الاقتصادى والاجتماعى.
وتركزت الأنظار الأحد على الوفدين التونسى واللبنانى، نظرا للتطورات الأخيرة فى الدولتين، التى أدت إلى انهيار الحكومة اللبنانية، وسقوط نظام الرئيس زين العابدين بن على فى تونس. وخلا مقعد تونس، خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع المشترك للمندوبين الدائمين للجامعة وكبار المسؤولين بالمجلس الاقتصادى والاجتماعى، وذلك قبل أن يصل، السفير المنجى البدوى سفير تونس فى القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، ليرأس وفد بلاده، فى الاجتماعات اللاحقة، وفسر السفير أحمد بن حلى نائب الأمين العام للجامعة العربية غياب مندوب تونس بوقوع حادثة فى أحد الشوارع المؤدية لمقر القمة، مما أعاق وصوله إلى مقر الاجتماع فى الوقت المحدد، فيما رأس وفد لبنان سفير القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية خالد زيادة.
ورجحت مصادر دبلوماسية بالجامعة أن يقتصر التمثيل التونسى فى القمة على مندوبها الدائم، خاصة مع تعذر مشاركة أى مسؤول تونسى فى ظل الأجواء الحالية هناك، مشيرة إلى أنه من المهم أن تكون تونس ممثلة خلال فعاليات القمة بغض النظر عن مستوى التمثيل، خاصة أن هناك ما يبرر ذلك حاليا.فيما أكدت مصادر دبلوماسية بالجامعة أنه بات من المؤكد أن تفرض الأحداث السياسية الملتهبة على الساحة العربية خاصة فى كل من تونس ولبنان والسودان وفلسطين، نفسها على القمة الاقتصادية، على عكس ما كان يرغب المسؤولون بالجامعة، مشيرا إلى أن اجتماع وزراء الخارجية الذى يعقد اليوم لإنهاء جدول أعمال القمة، سوف يبحث كل هذه القضايا بدقة، وينظر فيما إذا كان سيضيف بنودا جديدة إلى جدول الأعمال، خاصة بالأوضاع فى هذه الدول.
من جانبه عقد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية اجتماعا مشتركا مع السفير عبد الرحمن سرالختم سفير السودان فى القاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، وذلك عقب وصوله إلى شرم الشيخ الأحد، تناول اللقاء اخر تطورات الوضع فى السودان عقب انتهاء استفتاء تقرير مصير جنوب السودان، والذى تعلن نتيجته قريبا.
وشهدت مدينة شرم الشيخ الأحد إجراءات أمنية مشددة استعدادا لانعقاد القمة الاقتصادية العربية بعد غد الأربعاء، حيث انتشرت كمائن الشرطة فى معظم شوارع المدينة، فيما فرضت حراسة مشددة على الفنادق التى تقيم فيها الوفود المشاركة فى القمة.
وقامت أجهزة الأمن بجنوب سيناء، بترحيل آلاف العمال من المواقع الإنشائية القريبة من إقامة وفود قمة شرم الشيخ. وتوقفت عشرات المشروعات لحين انتهاء القمة الاقتصادية الثانية التى تعقد فى المنتجع بعد غد الأربعاء، وشددت أجهزة الأمن إجراءاتها على جميع مداخل جنوب سيناء وعلى الأكمنة ومنعت نهائيا دخول العمالة المؤقتة، والتى تعمل فى المشروعات الإنشائية، وتم ندب 600 ضابط من جميع محافظات الجمهورية لتأمين القمة التى سيفتتحها الرئيس مبارك بحضور 13 من قادة العالم ورؤساء الدول.
وتحولت شرم الشيخ إلى ثكنة عسكرية، وتم نشر قوات إضافية من الشرطة وعلى الكمائن الثابتة والمتحركة. وقال مصدر أمنى رفض ذكر اسمه:»غير مسموح بدخول أى عمالة مؤقتة لا تحمل كارنيه البحث الجنائى الخاص بشرم الشيخ، لحين انتهاء القمة»، مشيرا إلى أنه يتم يوميا ترحيل 50 عاملا منذ 10 أيام كإجراءات احترازية.
وقال أحد المهندسين فى موقع إنشائى بالمنتجع، إن الأمن قام بترحيل أكثر من 50% من العمالة المؤقتة وعمال المواقع الإنشائية، مشيرا إلى تضرر عشرات المشروعات والمقاولين لتأخر تسليم مواقعهم، مستطردا:»لكنهم يخشون تقديم الشكاوى فى الجهات الأمنية».
وشكا مئات الشباب من الترحيل العشوائى بعد خروجهم من أعمالهم، وقال على محمد صاحب ناد صحى بشرم الشيخ إن الشرطة قامت بترحيل زملاء له بمجرد خروجهم لشراء بعض احتياجاتهم.
من جانبه أكد سيد البوص مستشار وزير التجارة والصناعة، ورئيس اجتماع المجلس الاقتصادى والاجتماعى على مستوى كبار المسؤولين أهمية العمل على تطوير وتفعيل منظومة العمل الاقتصادى العربى المشترك، من أجل مواجهة الفقر والبطالة والمشكلات الاجتماعية.
وأكد البوص فى كلمته صباح الأحد فى الجلسة الافتتاحية لاجتماع المجلس الاقتصادى والاجتماعى على مستوى كبار المسؤولين بعد أن تسلم الرئاسة من الوفد الكويتى، ضرورة تحديد أى عقبات واجهت تنفيذ قرارات القمة، وتقديم مقترحات لتذليل هذه العقبات لعرضها على القادة العرب.
من جانبها دعت الكويت فى افتتاح الاجتماعات التحضيرية الدول العربية التى لم تساهم فى صندوق دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلى المساهمة والمشاركة فى هذه المبادرة المهمة.
ودعا سامى الصقعبى الوكيل المساعد للشؤون الاقتصادية بوزارة المالية بدولة الكويت، إلى المساهمة فى هذه المبادرة التى تقدم بها أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وتم تفعيلها فى 18 أكتوبر 2010، وبلغ قيمة حساب المبادرة مليارا و298 مليون دولار أمريكى، بالإضافة إلى مساهمة الصندوق العربى للإنماء الاقتصادى.
وقال إن قادة العرب كلفوا المجلس الاقتصادى والاجتماعى بمتابعة القرارات الصادرة عن قمة الكويت، ومن أهمها الاتحاد الجمركى، والربط الكهربائى، وتحسين الرعاية الصحية، والربط عبر السكك الحديدية والبرى، ومشروع الأمن الغذائى العربى.
كما بحث الاجتماع التحضيرى، الأحد، مشروع قرار بشأن المشاريع العربية لدعم صمود القدس تمهيدا لرفعه إلى مجلس الجامعة على مستوى القمة الذى سيعقد الأربعاء.