ألقى الدكتور عبدالمنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة «المصرى اليوم»، كلمة بعنوان فى الندوة التثقيفية التى عقدت بمسرح الجلاء الخميس، واستهل د. عبدالمنعم كلمته بعد تحية الحضور بالقول: «لا أملك وأنا فى هذا المكان إلا أن أتذكر آخر مرة كنت فيها هنا، يوم 23 يونيو 2013، أسبوع فقط قبل الحدث الأكبر، وكتبت وظل فى ذاكرتى أنى حظيت بأكبر شرف يمكن لكاتب ومفكر أن يحصل عليه، وهو أننى شاهدت التاريخ يمشى على قدمين، وربما ما زلت أتابعه طوال العامين الماضيين وما هو أكثر منها».
وتابع: «نحن نعيش لحظة تاريخية، وأعرف أن كلمة لحظة تاريخية تستخدم كثيراً فى بلادنا. لكن بالحرفة والوطنية أعرف تماماً، اللحظة التاريخية عما أراها، ومهمتى اليوم ليست التحدث عن اللحظة التاريخية، ولكن أتحدث بحكم التدريب والحرفة والمهنة، عن جانب من معركتنا الكبرى، التى تحدثنا عنها منذ بداية هذا اللقاء». وأوضح: «مصر لديها بالفعل واحدة من أكبر المعارك التى شهدتها فى تاريخها، قبل ذلك كنا نعرف العدو، وأين يقف، وكنا نحاربه بالطريقة التى ننتصر بها عليه»، وحدد رئيس مجلس إدارة «المصرى اليوم»، ثلاثة أسئلة يناقشها فى كلمته، وهى: «من هم أهل الشر؟ وثانيا: ما التحدى الذى نواجهه؟ وثالثا: كيف يمكن الاستجابة لهذا التحدى؟».
وأضح د. عبدالمنعم أن مصطلح محور الشر الذى يستخدمه الرئيس «يشير إلى الجماعات والدول التى تحارب الدولة المصرية منذ 30 يونيو 2013. إذ يعمد هذا المحور إلى الضغط على مصر وتشويه صورتها داخليا وخارجيا على عدة مستويات لعل أهمها المستوى الاقتصادى والمستوى السياسى والمستوى الأمنى. وقد استعرت خلال السنوات الثلاث الماضية الهجمة أو بالأحرى الحرب التى يخوضها ذلك المحور ضد مصر. وتمثل الحرب الإعلامية إحدى أهم أذرع أو ساحات تلك الحرب. حرب لعلها أشبه بالحرب الثقافية الباردة التى أدارتها الولايات فى مواجهة الاتحاد السوفييتى وحلفائه، والتى كشفت عنها «فرانسيس كوسنر» فى كتابها «من الذى دفع للزمار.. الحرب الباردة الثقافية» فى عام 1999، وأكدت فيه أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كانت هى من أنشأ ومول ما سمته الجيش الثقافى الذى أدار تلك الحرب. ويحق لنا أن نتساءل بكل تأكيد عن ذلك الطرف داخليا كان أم خارجيا الذى يدفع للزمار الذى يزعج الساحة المصرية ليل نهار».
ولفت د. عبدالمنعم فى كلمته إلى أنه «لم يعد ثمة خلاف بين المتخصصين فى مجال العمل الإعلامى على حقيقة أن الإعلام أضحى فى الوقت الراهن أبرز وسائل القوة الناعمة الأكثر تأثيرًا. كما أنه لا خلاف على أنه قد طرأ على مفهوم الحرب الكثير من التغيرات، فأصبحت الحرب الإعلامية واحدة من أهم الحروب فى الفترة التى يمر بها النظام الدولى منذ العقد الأخير من القرن الماضى، أو بتعبير آخر أصبحت الحرب الإعلامية البديل العصرى للحروب التقليدية. وبطبيعة الحال فإنه لا يوجد خلاف بين المهتمين بالحقل الإعلامى على أن وسائل الإعلام على اختلاف أنواعها تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى فاعل سياسى ساهم فى (تثوير) الرأى العام. وهو الأمر الذى يعتمد عليه محور (أهل الشر) فى مواجهته للدولة المصرية منذ يونيو 2013، حيث يعمدون فى إسناد عملياتهم الإرهابية والتخريبية وتشويه الأوضاع القائمة إلى استخدام الإعلام. فأنشأت تلك الجماعات قنوات تليفزيونية تبث من الخارج (تركيا) ومولت الدول (قطر وتركيا) تلك الجهود وسخرت وسائل إعلامها للنيل من الدولة المصرية».
وقال رئيس مجلس إدارة «المصرى اليوم» إن « محور (أهل الشر) يخوض حربا نفسية مكتملة الأركان ضد الدولة والشعب المصرى غرضها تشويه ما تقوم به الدولة، ومحاولة (هز الثقة) القائمة لدى الشعب تجاه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فالمعركة الأساسية تدور حاليا لاستقطاب عقول وقلوب المصريين التى التفت حول الدولة المصرية وأنقذتها فى 30 يونيو 2013».
وعن أساليب الحرب النفسية التى يتبعها «محور أهل الشر»، لفت د. عبدالمنعم إلى أن «هتلر كان من أكثر وأهم من استخدم تلك الحرب، بل إنه أنشأ وزارة خاصة للدعاية قادت تلك الحرب. ومن الواضح أن (أهل الشر) قد قرأوا جيدا تجربة هتلر واستفادوا منها فى حرب الدعاية السوداء التى يقومون بها ضد مصر». وتابع أن هذه الجماعات والدول «تقوم ببث اليأس والإحباط من خلال الاعتماد على (جيش) أو كتائب إلكترونية للتضليل». مشيراً إلى موقف «أهل الشر من مشروع قناة السويس (الجديدة)، فقد بدأ الإخوان أولا بحملة تشكيك حول تمويل القناة الثانية، وأنها ستكون لغير المصريين، وثانيا روجوا لعدم صرف الحكومة فوائد شهادات استثمار قناة السويس، وثالثا سعوا لإفراغ الموضوع من أهميته والقضاء على الفرحة به وشنوا عمليات إرهابية. والأمر ذاته تكرر مثلا فيما يتعلق بملف تيران وصنافير، حيث ركب الإخوان موجة الدفاع عن الأرض وراحوا فى اختلاق الأكاذيب. وليس بعيدا عن ذلك بالطبع دور الإخوان والدول الداعمة لهم فى الحرب على الجنيه المصرى».
وانتقل رئيس مجلس إدارة «المصرى اليوم» فى كلمته إلى سؤال آخر عن كيفية مواجهة «الحرب التى يشنها محور أهل الشر»، وقال: «إن مواجهة تلك الحرب القائمة على (الدعاية السوداء) لابد أن ترتكز على دعامتين أساسيتين: الأولى دفاعية بمعنى حملة للدعاية المضادة، والثانية هجومية بمعنى الضغط على أهل الشر وإبقائهم فى خانة الدفاع عن أنفسهم بشكل مستمر».
وتابع د. عبدالمنعم: «هذه المهمة تستلزم استراتيجية تقوم على: أولا اعتماد الحقيقة الكاملة لكل ما يحدث لمواجهة دعاية أهل الشر القائمة على نصف الحقائق أو لىّ الحقائق، وثانيا الوضوح فى التعبير عن تلك الحقيقة والتأكد من إيصالها للرأى العام بطريقة سهلة ومبسطة، وثالثا لابد من سرعة الاستجابة أو رد الفعل على كل ما يطلقه أهل الشر من دعاية وأكاذيب، ورابعا لابد من صياغة الحقيقة أو الرسالة المراد إيصالها لأكثر من جمهور مستهدف. وخامسا لابد من وجود جهة معينة تتولى صياغة الرسالة الإعلامية والسياسية التى يتم تسويقها بحيث يكون هناك انسجام فى الرسائل، وهنا لابد من التفكير فى وجود شخصية سياسية إعلاميةـ قوية ونافذة تدير العملية كلها يكون بمثابة (قيصر). وسادسا لابد من الاعتماد على كافة مؤسسات الدولة فى صياغة ونقل الرسائل للجمهور».
ودعا د. عبدالمنعم إلى «تبنى استراتيجية لتسويق مصر، من خلال تبنى عملية طويلة المدى تستعيد فيها الدولة صورتها الإيجابية المستمدة من تاريخها القديم، ونضالها الحديث من أجل الانتقال من التخلف إلى التقدم، وكفاحها المعاصر ضد الإرهاب». وتابع: «هذه المهمة كان من المفترض أن تكون مهمة الهيئة العامة للاستعلامات، ولكنى وبمنتهى الصراحة لا أجد من الهيئة ما يبرر لنا إلقاء تلك المهمة عليها. ومن ثم دعونى أطرح مقترحا محددا، وهو تغيير (العلامة BRAND) الخاصة بالهيئة بدءا من تغيير اسمها وحتى مضمونها وطريقة عملها من استبدالها بكيان آخر، وأقترح أن نطلق عليه (مركز مصر المعاصرة)، يقوم بمهمة الإعلام الرسمى المصرى، ويوجه بوسائل متنوعة الإعلام المصرى كله بالتأثير والمعلومات، ويكون عونا للسيد رئيس الجمهورية فى التعامل مع الإعلام الداخلى والعالمى».