ذكرت مجلة «تايم» الأمريكية أن التونسيين بعد الإطاحة بالرئيس «زين العابدين بن علي» يعلقون آمالهم على الجيش في حمايتهم وإعادة النظام إلى البلاد.
وقالت إنه بعد يوم واحد من فرار «بن علي» بعد 23 عاما في سدة الحكم، توغلت الدبابات في شوارع العاصمة تونس تحاول فرض النظام بعد أربعة أسابيع من الاضطرابات.
وأضافت أن حدة الاحتجاجات بدأت تهدأ السبت على الأقل في النهار حيث غامر التونسيون المتعبون بالخروج والجلوس في المقاهي وعلى الطرقات يبحثون أمر التحول السريع في بلادهم.
وقالت إن دور الجيش الحيوي ظهر بعد اندلاع الاحتجاجات التي فجرها قيام محمد البوعزيزي الشاب الجامعي بإشعال النار في نفسه بعد أن منعته الشرطة من بيع الخضر والفواكه على عربة،وتعرض للإهانة من شرطية.
وأضافت أن اللحظة الحاسمة طوال أسابيع من الاحتجاجات جاءت الأسبوع الماضي حين رفض رئيس هيئة أركان الجيش- كما قيل- أمرا من الرئيس «بن علي» بإطلاق النار على المحتجين العزل.
وفي ظل فراغ السلطة الذي خلفه «بن علي» يرى كثير من التونسيين أن أشد خطر يواجههم هو اندلاع صراع بين الجيش، الذي ينظر إليه على أنه محترف ومحايد، وبين فرق شرطة الأمن جيدة التسليح التي ينظر إليها على أنها منحازة للرئيس الهارب «بن علي»، ويحملها التونسيون مسؤولية مقتل نحو 60 متظاهرا منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في 17 ديسمبر الماضي.
وقالت «فيفيان وولت» مراسلة «تايم» في تونس إن الكثيرين حذروها من أن العنف سينتشر سريعا على نطاق واسع إذا اختارت عناصر شرطة الأمن المسلحة وعددها بالآلاف مواجهة الجيش.
وأضافت أن التونسيين يتساءلون عمن سيخلف «بن على» أهو مجلس عسكري؟ أم ديكتاتور جديد؟ أم نظام ديمقراطي بشرت به انتفاضة شعبية هزت الحكومات المستبدة في العالم العربي؟
وقال نوفل (47 عاما) وهو تاجر مجوهرات، رفض ذكر اسمه الكامل كما يفعل كثير من التونسيين الخائفين: «يحدونا أمل واحد كبير وهو الجيش». وأضاف وهو يدخن مع أصدقائه في مقهي على قارعة الطريق: «إن الجيش يتمتع بكامل ثقتنا».
ولاقى انتشار الجيش ترحيبا حارا من جانب معظم السكان. ويوم السبت ربضت مدرعتان عسكريتان في الميدان الرئيسي بضاحية المرسى شمالي العاصمة التونسية، وكان بهما نحو خمسة جنود يطلون موجهين بنادقهم في الشارع، في حين كان سائقو السيارات المدنيون يطلقون نفير سياراتهم ترحيبا بهم، وهو ما رسم الابتسامة على شفاه الجنود الذين لوحوا للمواطنين بأيديهم. كما شوهد جنود الجيش في جميع أنحاء العاصمة تونس، السبت، وهم يزيلون اللوحات الضخمة التي تحمل صور الرئيس الفار التي كانت من سمات المدينة لسنوات عديدة.
وعلى النقيض، تبدو شرطة الأمن في موقف دفاعي. ففي ضاحية الكرم كان الدخان يتصاعد من نقطة شرطة ضمن واحدة من عديد من النقاط التي تعرضت للتدمير في الأيام القليلة الماضية.
لكن العديد من التونسيين يخشون من أن قيام الشرطة بشن هجوم مضاد ليس إلا مسألة وقت. وفي واقع الأمر فقد كانت الشرطة نشيطة في الساعات التي سبقت الفجر. فبعد منتصف ليل الجمعة، قالت مراسلة «تايم» إنها شاهدت من غرفتها في الفندق الذي تقيم فيه بالعاصمة نحو 30 من رجال الشرطة بلباس مدني مسلحين بعصى وهراوات خشبية يسحبون العديد من الشبان من المكاتب والشقق ويضربونهم في الشارع.
وقال تونسي كان في زيارة للمدينة قادما من بلجيكا: «حطمت الشرطة الباب بعد منتصف الليل وجرجرونا للخارج»، وقال إنها فعلت ذلك مع نحو 30 شخصا آخرين في مبنى للمكاتب الإدارية بوسط العاصمة. وقال: «نحن مرعوبون».
وبعد حلول الظلام ليل السبت، سرت شائعة تناقلها التونسيون عن طريق «تويتر» تقول إن الجيش يعتزم الاستعانة بطائرات الهليكوبتر للقضاء على معاقل أنصار الرئيس الفار «بن علي».
وفي هذه الأثناء كان الجيش يسد الطرق المؤدية إلى قصور أسرة الرئيس الهارب. فقد أصبحت ممتلكات الديكتاتور وعائلته هدفا للثأر الشعبي.