شهدت ثالثة جلسات محاكمة الرئيس السابق حسنى مبارك ونجليه «جمال وعلاء»، وحبيب العادلى، وزير الداخلية الأسبق، ومساعديه الـ6، فى قضايا قتل المتظاهرين وتصدير الغاز والتربح والإضرار بالمال العام، مشادات ومشاجرات بين عدد من مؤيدى «مبارك» والمحامين المدعين بالحق المدنى، بسبب رفع أحد مؤيدى الرئيس السابق صورة له داخل القاعة.
تبادل الطرفان السباب وتطور الأمر إلى الضرب بالأحذية بعد ثوان من رفع القاضى الجلسة للإعلان عن قراره بعد الاستماع إلى طلبات الدفاع، التى طلب خلالها فريد الديب، محامى «مبارك»، استخراج تقرير مفصل من محافظة جنوب سيناء، بمساحات الأراضى التى تبلغ أكثر من 10 آلاف متر، والتى تم تخصيصها لرجال أعمال فى سيناء، كما طلب الدفاع سماع شهود النفى، وعلى رأسهم وزير الداخلية الحالى اللواء منصور عيسوى.
كان المئات قد توافدوا على أكاديمية الشرطة بالتجمع الأول، وانقسموا إلى فريقين أحدهما مؤيد لـ«مبارك» يرتدى «تيشيرتات» عليها صوره، والآخر من أسر الشهداء والمعارضين للرئيس السابق، الذين رفعوا علم مصر وطالبوا بالقصاص من قتلة ذويهم، وتولى أكثر من 8 آلاف من قوات الأمن المركزى والخيالة وأفراد القوات المسلحة الفصل بين الطرفين.
وامتلأت القاعة، على خلاف الجلسات السابقة، بالمحامين والصحفيين ورجال الأمن، وانتظر الجميع بداية الجلسة فى العاشرة صباحا، كما حدث فى الجلستين الماضيتين إلا أن الوقت مر دون بدء الجلسة، وهو ما أدى لتناقل شائعات حول إصابة «مبارك» بأزمة قلبية، ووصل الأمر إلى حد تأكيد البعض وفاته.
وقبل بدء الجلسة وقعت مشادات كلامية بين المحامين المدعين بالحق المدنى، الذين حاولوا اختيار 7 منهم لتمثيلهم أمام المحكمة، لعدم تكرار ما حدث فى الجلسات الماضية، إلا أن خلافات نقابة المحامين انتقلت إلى القاعة، بحسب بعض المصادر داخل النقابة، وحاول كل طرف أن ينفرد بالتحدث باسم الشهداء، فيما اكتفى محامو الدفاع بالبقاء فى أماكنهم وعدم التحدث مع المحامين المدعين بالحق المدنى.
وفى الحادية عشرة تم إدخال حبيب العادلى ومساعديه قفص الاتهام، وبعد لحظات دخل «علاء وجمال» وخلفهما «مبارك» على سريره الطبى، وبدت حالته الصحية جيدة، وحرص «جمال» على إحكام غطاء فراشه حتى لا تظهر الملابس التى يرتديها، والتى أثارت جدلا فى الجلسة الماضية، لمخالفتها ملابس الحبس الاحتياطى.
وصعدت هيئة المحكمة إلى المنصة، برئاسة المستشار أحمد رفعت، وعضوية المستشارين عاصم البسيونى وهانى برهان، وبدأ القاضى الجلسة، ونادى على المتهمين كل على حدة، وبدأ بـ«مبارك» الذى رد بقوله «موجود»، ثم توالى إثبات وجود باقى المتهمين الذين أجاب بعضهم بـ«موجود يا أفندم» وأجاب آخرون بـ«أفندم».
ثم بدأت المحكمة سماع طلبات الدفاع، الذى قدم 25 طلباً جديداً للمحكمة وما إذا كانت طلباتهم تحققت من عدمه، إلا أن سيدة قاطعت المحكمة ورفعت لافتة بيضاء كبيرة داخل القاعة، مكتوب عليها «أين حق شهداء الشرطة»، وصرخت مطالبة القاضى بإعادة حق ابنها الضابط الذى استشهد أثناء ثورة 25 يناير، وصفق لها أنصار الرئيس السابق، ما أثار غضب المدعين بالحق المدنى، الذين طالبوا القاضى بإجبار السيدة على عدم رفع اللافتة وهو ما حدث، وقالت السيدة إن المدعين بالحق المدنى اعتدوا عليها بالضرب فى الجلسة الماضية.
وقال فريد الديب إنه حصل على تقرير من هيئة الإسعاف المصرية، بأسماء المصابين والشهداء الذين تم نقلهم للمستشفيات بالقاهرة والمحافظات وقت الثورة، وأضاف أنه كان قد طلب تقريرا من هيئة الرقابة الإدارية حول الفيلات المنسوب شراؤها للرئيس السابق ونجليه، فرد القاضى بأن هذا التقرير تسلمته المحكمة ويتضمن صور عقود الفيلات، وهو ما يؤكد أن المالك لديه الأصول ويمكن الاطلاع عليها فيما بعد.
وقال المستشار مصطفى سليمان، المحامى العام، لهيئة المحكمة إن النيابة العامة تسلمت أيضا تقرير الخبير الهندسى الذى قام بتقدير قيمة الفيلات وسلمه إلى رئيس المحكمة الذى سمح للدفاع بالاطلاع عليه.
وطلب «الديب» التصريح له بالحصول على تقرير مفصل من محافظة جنوب سيناء، يتضمن حصرا لمساحات الأراضى، التى تزيد على 10 آلاف فدان تم تخصيصها فى المحافظة لغير رجل الأعمال حسين سالم وشركاته، وأسماء من تم التخصيص لهم وموقعها وحدودها والغرض من التخصيص، ليثبت للمحكمة أن هناك آخرين حصلوا على أراض بنفس السعر والمساحة ومن ثم تنتفى تهمة التربح.
وأضاف الدفاع فى طلباته أنه مصمم على استدعاء الشهود الذين طلبهم فى الجلسات الماضية، وتضامن معه عصام البطاوى، محامى «العادلى»، وطلب محامى المتهم أحمد رمزى، مساعد وزير الداخلية الأسبق للأمن المركزى، التصريح له باستخراج شهادة من وزارة الداخلية بعدد تشكيلات الأمن الموجودة بمديرية أمن القاهرة والقرار الوزارى المنظم لتسليحها والجهة التى تتولى إصدار الأوامر لها وعدد القوات التى استخدمتها الداخلية لصد المتظاهرين أيام الثورة.
كما طلب شهادة أخرى بإجازات وراحات وخدمات جنود الأمن المركزى على الحدود مع إسرائيل، وسماع شهادة الرائد محمد وهدان، ضابط الاتصالات بقطاع الأمن المركزى، فيما طلب جميل سعيد، المحامى عن نفس المتهم، الاستماع إلى شهادة 33 شاهد نفى على رأسهم اللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية الحالى، فقاطعه أمير سالم، المدعى بالحق المدنى، وتحدث بصوت عال مطالبا المحامين بتنظيم أنفسهم أمام هيئة المحكمة، فردت عليه محامية متطوعة للدفاع عن «مبارك» قائلة: «وطىّ صوتك وانت بتتكلم»، وكادت تحدث مشاجرة لولا تدخل أفراد الأمن الذين منعوها من الحديث. وطلب دفاع حسن عبدالرحمن، رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق، ضم صورة من محضر الاجتماع الوزارى الذى عقد فى 22 يناير 2011 فى القرية الذكية وحضره «مبارك» والمشير محمد حسين طنطاوى واللواء عمر سليمان والدكتور أحمد نظيف ووزراء آخرون، والذى تم فيه وضع خطة التعامل مع المتظاهرين، على حد قوله.
وقال المحامى عاصم قنديل إن هذا المحضر غير موجود فى أوراق التحقيقات، وإنه دليل مهم فى القضية. وطلب المحامون عن نفس المتهم مخاطبة المخابرات العامة المصرية لإرسال صورة من التحذيرات التى كانت قد تلقتها بشأن دخول 5 عصابات منظمة تابعة لحركة حماس إلى البلاد.
وطلب دفاع إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة الأسبق، الاستعلام من النيابة ووزارة الداخلية حول البلاغات التى تم تحريرها من جانب السفارة الأمريكية فى الفترة من 25 إلى 30 يناير، حول سرقة السيارات التابعة لها وبياناتها وبيان ما توصلت إليه بالإضافة إلى الاستعلام من المدعى العسكرى عن جميع القضايا التى اتهم فيها مصريون وأجانب بالتخابر لصالح دول أجنبية.
وطلب دفاع المتهم الاطلاع على الأسطوانات المدمجة الموجودة فى أحراز القضية، فقال له القاضى إن مواطنين عاديين هم الذين قدموها للنيابة ولا تحتوى إلا على فيديوهات لما حدث فى الثورة فى أماكن مختلفة وصرح له بالاطلاع عليها.
وطالب دفاع اللواء اسامة المراسى، مدير أمن الجيزة السابق، بسماع شهادة العميد أشرف حلمى، مأمور قسم بولاق. ونفى دفاع عمر الفرماوى، مدير أمن أكتوبر السابق، جميع الادعاءات المدنية ضد موكله، وقال إنه وزملاءه جاهزون للمرافعة.
ورفضت المحكمة السماح للمحامين المتطوعين عن «مبارك» بالتحدث، وسألت دفاع المتهمين عما أذا كانوا يستطيعون سماع أقوال الشهود من عدمه، إلا أنهم قالوا إنهم فى حاجة لتلبية الطلبات أولاً.
ورفعت المحكمة الجلسة تمهيدا لإعلان قرارها، وعقب دخول هيئة المحكمة إلى غرفة المداولة فوجئ الجميع بمحام متطوع عن «مبارك» يرفع صورة له داخل القاعة، ما أثار غضب المدعين بالحق المدنى، الذين اشتبكوا معه وباقى المتطوعين للدفاع عن «مبارك»، ووصل الأمر إلى حد الضرب بالأحذية وتدخل رجال الأمن للفصل بين الطرفين.