«الأعلى للآثار» يطالب بإنقاذ «فنار المكس» من التعديات و الإهمال والعشوائيات

كتب: رجب رمضان الجمعة 14-01-2011 08:00

يعانى فنار المكس، الذى يقع فى منطقة المكس، غرب المحافظة، العديد من مظاهر الإهمال والتعديات والعشوائيات، منذ سنوات عديدة، ما يهدد، بحسب بعض الأثريين، باختفائه تماما من الوجود، خلال أعوام قليلة، ليلحق بالفنار القديم الذى ابتلعه البحر، وتهدم بفعل الزلازل، وتم بناء قلعة قايتباى على أنقاضه، والموجود فى منطقة الميناء الشرقية، فيما انتقد أثريون غياب التنسيق بين المجلس الأعلى للآثار والمحافظة ومصلحة الموانئ والمنارات والسياحة، مما يجعله فى خطر داهم إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

المشكلة الكبرى، كما يقول المهندس ياسر سيف، رئيس المنظمة الدولية للثقافة والآثار والبيئة، فى أنه تم صدور 3 تقارير، وعمل 3 زيارات للجنة الثقافة فى المجلس الشعبى المحلى للمحافظة عام 2005، عندما كان رئيساً، للموقع وتم التحذير من خطورة ما يحدث للفنار ولم يتحرك ساكن.

فى البداية قال الأثرى أحمد عبدالفتاح، مستشار المجلس الأعلى للآثار، المشرف العام على آثار ومتاحف الإسكندرية، عضو اللجنة الدائمة لحماية الآثار، إن فنار المكس عاصر فنار الإسكندرية القديم، المقامة على أنقاضه حالياً قلعة قايتباى وأنشئ فى عصر النهضة، مشيرا إلى أنه من مفارقات القدر أن كلا الفنارين تم إنشاؤهما فى عصر أسرتين أجنبيتين، الأول: هو الفنار القديم أنشئ فى عهد أسرة البطالمة، التى تنتمى إلى مقدونيا، وفنار المكس أنشئ فى عهد أسرة محمد على، والغريب أنه من نفس موطن أسرة البطالمة والإسكندر الأكبر، حسب قوله.

وأوضح «عبدالفتاح» أن هذا الأمر يدل على شيئين مهمين هما أن الفكر واحد، وإن اختلفت العصور، وأن طبيعة شواطئ الإسكندرية القديمة أجبرت الأسرتين على إنشاء هذين الفنارين غير أن الأول، وهو فنار الإسكندرية القديم، أبتلعه البحر وتهدم بفعل الزلازل، والثانى هو فنار المكس، ويعانى من الإهمال الذى يحاصره من جميع الجهات مهدداً باختفائه.

وقال إن فنار المكس يعتبر من أجمل وأروع فنارات العالم، من حيث التصميم والمكان والموقع، وإن عمره يتعدى 100 عام، وتم تجديده أكثر من مرة، ويمثل نهضة ملاحية جبارة، مشيرا إلى أنه عمل أثرى وتحفة فنية مهمة جدا، ولا يمكن تخيل المنطقة المحيطة به من غيره، لأنه يمثل مع البحر والشاطئ منظومة ثلاثية رائعة وساحلية كبيرة، على حد تعبيره.

وقال: «إن الإسكندرية تتفوق بسحر المكان والسماء الرائعة، التى تنافس بريق الذهب فى حين أن بقية فنارات العالم، خاصة الموجودة فى الشمال، يلفها ضباب وعتمة ودكنة أو سماء خليجية وشواطئ متجهمة وكئيبة وبحر لونه منفر»، مشيرا إلى أن المحافظ اللواء عادل لبيب، هو الوحيد صاحب القرار والرؤية الشاملة لكل كنوز المحافظة، خاصة أن الفنار يتبع مصلحة الموانئ.

وأكد أن غياب التنسيق بين الجهات الأربع، المحافظة والمجلس الأعلى للآثار والسياحة ومصلحة الموانئ، يجعل الفنار يواجه الخطر، ودعا إلى ضرورة التنسيق بين الجهات الرسمية الأربع لإنقاذه وليس جهة واحدة بعينها.

وعن أهمية الفنار من الناحية التاريخية، قال مستشار المجلس الأعلى للآثار، إنه عاصر كل الملوك وشهد فعاليات خروج الملك فاروق من مصر والخديو إسماعيل وتوفيق وعباس حلمى الثانى، وكذا كل الأحداث التاريخية، التى مرت بها مصر من أبرزها دخول الإنجليز إلى البلاد، وشدد على ضرورة الاستفادة من الموقع العام للفنار من خلال عمل مناقصة عالمية تجريها المحافظة، للاستفادة منه سياحيا، خاصة أن الفنار يتمتع بموقع سياحى عالمى.

وقال المهندس ياسر سيف، رئيس المنظمة الدولية للثقافة والآثار والبيئة، الرئيس السابق للجنة الثقافة والإعلام فى المجلس الشعبى المحلى للمحافظة، إن فنار المكس يتعرض حالياً ومنذ سنوات للعديد من مظاهر الإهمال والتعديات ما يهدد بضياعه. وأضاف «سيف»- فى تصريحات لـ«إسكندرية اليوم»: أن الفنار نشأ حوله العديد من المبانى العشوائية، فضلا عن انه تحول إلى «مقلب قمامة»، مشيرا إلى أنه رغم هذه التعديات ومظاهر الإهمال، التى يعانى منها على مدار سنوات عديدة مضت، فإنه لا يزال يحتفظ بكيانه ورونقه وجماله باعتباره من أقدم فنارات العالم.

وانتقد «سيف» تجاهل ونسيان الفنار من قبل المسؤولين، خاصة فيما يتعلق بتقديم الدعم المادى والفنى لتطويره، وطالب بتطوير المنطقة المحيطة به، وإعادة صياغتها من جديد وفق الأساليب العالمية المعمول بها فى تطوير وترميم المناطق والمواقع الأثرية فى العالم، لأنها بهذا الإجراء ستكون من أروع وأجمل ما يمكن وستضاهى منطقة قلعة قايتباى فى الإقبال السياحى عليها.

ودعا إلى قيام المسؤولين فى المحافظة بتأجير المنطقة بنظام «بى.أو.تى»، من خلال طرحها فى مناقصة عامة، يتقدم إليها أى مستثمر من القطاع الخاص، بحيث يتم تخطيطها تخطيطاً سياحياً سليماً من خلال إنشاء مزارات سياحية وأنشطة ثقافية، بدلاً من الإهمال، الذى تتعرض له المنطقة منذ سنوات، مشيرا إلى أن هذا الاقتراح بتأجير المنطقة للقطاع الخاص، حال عجز المحافظة والمجلس الأعلى للآثار عن تطويرها، من شأنه إعفاء الدولة من تحمل أى أعباء مالية إضافية لتطوير المنطقة وطرحها للاستثمار السياحى الخاص، على أن تخصص للمحافظة نسبة معينة من الدخل على أن تؤول ملكية المنطقة بعد مدة معينة يتم الاتفاق عليها إلى المحافظة مثلاً أو المجلس الأعلى للآثار، إلى جانب الاستفادة من الأثر وحمايته من الاندثار والإهمال الذى يتعرض له. ولفت إلى وجود خلاف بين المحافظة وهيئة ميناء الإسكندرية، لأن الأخيرة تدعى ملكيتها الأرض المقام عليها الفنار، وهو ما اعتبره غير صحيح على الإطلاق.

وانتقد «سيف» عدم تحرك المسؤولين لحماية وإنقاذ الفنار، موضحا أنه عندما كان رئيسا للجنة الثقافة والإعلام فى المجلس الشعبى المحلى للمحافظة، أصدر 3 تقارير رقابية تفيد بخطورة ما يتعرض له الفنار فى المكس، وضرورة التدخل من قبل الجهات المعنية لإنقاذه، فضلاً عن أن اللجنة قامت بزيارة ميدانية أكثر من 3 مرات إلى موقع الفنار عام 2005، لكن للأسف الشديد لم يتحرك أحد، حسب تعبيره.

وأكد أنه طالب اللواء محمد عبدالسلام المحجوب، عندما كان محافظاً للإسكندرية، بضرورة التدخل لإنقاذ الفنار، لكن بقى الوضع على ما هو عليه، مشدداً على أهمية العمل على حماية المناطق الأثرية فى الإسكندرية، التى من بينها فنار المكس ومنطقة آثار كوم الشقافة والشاطبى.