اتفق سياسيون وشعبيون بالمنيا على أن الاهتمام بتنمية محافظات الصعيد تنمية شاملة، لابد أن يأتي على رأس أولويات الدولة بشكل حتمي، خاصةً وأن المادة 236 من الدستور، تنص على أن تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطه للتنمية الاقتصادية والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد.
ولفت سياسيو وشعبيو المنيا أن الحديث المتكرر الرئيس عن وجوب تنمية الصعيد، يعد التفاتة من الدولة لضرورة ملحة غير قابلة للتأجيل، وقدم أولئك السياسيون والشعبيون «روشتة» لإصلاح الآثار الجانبية الناتجة عن التأخر في تنمية الصعيد، ونقاط مباشرة لتضمينها في مخططات التنمية المستقبلية، بمناسبة الذكري السادسة لثورة 25 يناير.
وقال أحمد عبدالمالك الفرا، القيادي الناصري وعضو مجلس إدارة المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن الصعيد حاليا يعاني من البطالة بشكل مخيف، والبطالة تعطل التنمية والاستقرار، والحل في إقامة مصانع كثيفة العمالة، تستوعب جيوش العاطلين، خاصة مع وجود مئات الآلاف من العمال العائدين من العمل بدولة ليبيا الشقيقة.
ولفت «الفرا» أن مصانع السكر الموجودة بالصعيد تحتاج اهتمام وتطوير، خاصة وأن الصعيد هو الأكثر زخما في مصانع السكر، الموجودة بالجيزة والمنيا وجنوب سوهاج وقنا وأسوان، لأن المناخ بالصعيد هو الأنسب لوجود مصانع للسكر.
وأكد «الفرا» أن الاهتمام بتلك المصانع يبدأ بالاهتمام بمزارعي المحاصيل السكرية، فليس من المعقول أن يكون سعر فدان القصب حاليا برخص التراب، على حد قوله، ولا يجد المزارع ملاذا إلا محال العصير والعصارات المنتجة للعسل الأسود.
وأشار «الفرا» أن مصنع سكر أبوقرقاص كان يعمل في الماضي على قصب السكر في الفترة ما بين شهر نوفمبر وحتى شهر مايو، بينما يتأخر هذه الأعوام موسم الإنتاج حتى أواخر ديسمبر.
وتساءل «الفرا» كيف تعاني الجمهورية من أزمة طاحنة في السكر، بينما تفتح محال عصير القصب أبوابها للزبائن ولا تواجه أزمة في القصب، وإن دل هذا على شيء إنما يدل على غياب السياسات المنظمة للإنتاج .
وكشف الفرا أن الصعيد ومحافظة المنيا كانا من الأقاليم المنتجة بكثافة للنباتات الطبية والعطرية، بينما تنحسر هذه الزراعة المربحة بسبب معوقات التسويق أمام الفلاح، ولو تم تذليل عقبات إنتاج هذه المحاصيل ستجني الدولة مكاسب هائلة بالنقد الأجنبي، لأنها زراعات تصديرية.
وشدد «الفرا» على أن إقامة الدولة مصانع لعصر وإنتاج الزيوت والمستخلصات الطبية، والعطرية سيوفر للمزارعين منفذ لتسويق منتجاتهم من تلك النباتات التي تربح أكثر من المحاصيل التقليدية، وستربح الدولة مكاسب بالعملات الصعبة، لأن إنتاج تلك النباتات يدخل في صناعة الأدوية والعطور وغيرها.
وأضاف «الفرا»أنه لابد من إعادة ما كان يسمي بالدورة الزراعية، والتي كانت وزارة الزراعة قديما تحدد للفلاح عن طريقها المحاصيل الشتوية والصيفية التي يزرعها، فتتحكم الدولة في نوعية المحاصيل، وتستطيع أن ترصد ما ستنتجه من كل محصول قبل أعوام من الزراعة، وبناء عليه تحدد خطة للتنمية.
وتساءل «الفرا» كيف كانت تنتج المنيا كميات تكفي الجمهورية كلها من الفول البلدي، بينما لا تنتج حاليا ما يكفي واحد على عشرة آلاف من احتياجها، هذا يؤشر لغياب السياسات الزراعية .
وفي قطاعات الصحة والتعليم، لفت «الفرا» لأهمية الإسراع في تنمية وتطوير المستشفيات المركزية والوحدات الصحية بالصعيد، والاتجاه لإقامة المئات من المدارس التجريبية للغات، لاستيعاب التكدس في الفصول ونشر تعليم متطور يواكب العصر، بالإضافة لضرورة إقامة مركز بحثي يخص الصعيد لإعداد دراسات وخطط التنمية.
وقال باسم هاني، وكيل مجلس محلي محافظة المنيا بنموذج وزارة الشباب، أن البطالة قنبلة موقوتة تهدد المجتمع، أما الشاب العامل فلا يسهل استقطابه لأفكار تشدد أو تطرف أو عنف.
وأوضح «هاني» أن الدولة ملزمة بعمل دراسة علمية لكل إقليم وما يناسبه من مشاريع تنموية، توفر فرص عمل كافية، وتوفير احتياجات الإقليم في ذات الوقت، سواء من الجوانب الاقتصادية أو الغذائية أو السلعية وغيرها من الجوانب .
وضرب «هاني» مثلا بمحافظة المنيا، قائلا أن المنيا من المحافظات الزاخرة بالعديد من الإمكانيات البشرية والعمالة المدربة، كما أنها تضم مقومات سياحية، حيث تزخر بآثار خمسة عصور تاريخية، ومتاحف إقليمية، وهذا يتبعه ضرورة وضع خطط لتنشيط السياحة بشكل عاجل.
وتابع هذه المقومات علاوة على الإمكانات الزراعية والمحجرية والتعدينية، وتبلغ المساحات التي تضم ثروات محجرية غير مستغلة 23 ألف و800 فدان، وهذا ينافي الوضع الاقتصادي الصعب الذي يلزمه استغلال كافة الموارد بشكل اقتصادي نفعي مدروس.
وتساءل كيف نسرد كل هذه المقومات في محافظة واحدة من محافظات الصعيد ويأتي تصنيفها كثالث أفقر محافظة وفقاً لتقارير التنمية البشرية، التي أشارت قبل ثلاث أعوام أن عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع 800 ألف نسمة .
وأضاف أن هناك العديد من المشكلات التي تعوق عملية التنمية داخل المحافظة لعل أهمها البطالة، التي تشير التقارير التقريبية أن المحافظة تضم أكثر من مليون ونصف عاطل، لا يعملون عمل منتظم وليس لهم مورد دخل دائم.
أما النائب شريف نادي، عضو البرلمان عن دائرة بندر ملوي، فلفت لأهمية لأن ينال الصعيد نصيبا عادلا من مشروعات إقامة المجتمعات العمرانية الجديد، لأن الصعيد كثيف السكان ويكتظ بالعشوائيات والتوزيع الغير منظم للتجمعات العمرانية والسكانية
وضرب «نادي» مثلا على ضرورة تعديل بعض السياسات، بالطلب الذي تم رفعه للحكومة من قبل خمسة من النواب المقيمين بمركز ومدينة ملوي، مطلع شهر أغسطس الماضي، يطلبون فيه قبول تنفيذ مشروع مدينة ملوي الجديدة، شرق النيل، على أن يكون تخطيطها بالكامل من خلالها الدولة ووزاراتها المختلفة.
وكشف «نادي» أن النواب الخمسة تلقوا ردا من وزارة الإسكان يفيدهم بتعذر تنفيذ المقترح الخاص بالنواب، مع موافقتها على إنشاء المدينة غرب النيل في المستقبل.
وقال «نادي» إن غرض النواب كان إقامة مجتمع تجاري صناعي سياحي سكني شرق ملوي تحت إشراف ورعاية الدولة، أما الصحراء الغربية فتترك للتجمعات الزراعية حفظا للموارد الطبيعية وتماشيا مع مشروع الرئيس باستصلاح مليون ونصف فدان كمرحلة أولي للتنمية الزراعية.
وأكد «نادي» أن الموافقة على إقامة مثل هذه المشروعات يوفر عشرات الآلاف من فرص العمل لمحافظات فقيرة، لأنه سيواكبه بناء ونقل وتشييد واستقدام عمال وفنيين ومهندسين وصناع لكافة الصناعات المرتبطة بالبناء والطرق، وسيستوعب العمال العائدين من ليبيا الباحثين عن عمل، كل ذلك دون أن يكلف الدولة أية أموال، وإنما سيكفل لها موارد مالية بالإضافة لعملة صعبة، بتخصيص أجزاء مميزة منها للمصريين المقيمين بالخراج بالعملات الصعبة.