الأب الروحي لـ«شاكيد»: عبدالمجيد الذي أصبح «عاموس»

كتب: محمد البحيري الإثنين 23-01-2017 23:24

كثيرون لا يعرفون أن الأب الروحى لوحدة شاكيد هو بدوى عربى يدعى عبدالمجيد خضر المزاريب، كان يقاتل في صفوف الجيش الإسرائيلى بعد أن اتخذ لنفسه اسما يهوديا وهو «عاموس ياركوني».

ولد عبدالمجيد خضر في 1 يونيو 1920، في قرية الناعورة التي تبعد بنحو 10 كيلومترات عن شرق العافولا في شمال فلسطين، ولا يزيد عدد سكانها الآن على 2200 نسمة.

وخلال حرب فلسطين 1948، يقول اليهود إن كل القرى العربية في تلك المنطقة رحل عنها سكانها لإفساح الطريق أمام الجيوش العربية التي قيل إنها ستأتى لتحرر فلسطين وتطرد العصابات اليهودية، لكن قرية الناعورة كانت الوحيدة التي لم يرحل عنها سكانها وأقاموا علاقات طيبة مع جيرانهم اليهود، الذين طلبوا منهم البقاء وعدم الرحيل. وينتمى «عبدالمجيد» إلى قبيلة المزاريب البدوية، وفى عام 1936 انضم إلى العصابات التي أحرقت أنبوب النفط «كركوك حيفا». وبسبب خلافات داخلية هرب من هذه العصابات وانضم إلى عصابة أخرى باسم «مجموعة شمرون»، التي ضمت أبناء منطقة «نهلال» التي كانت تتواجد فيها قبيلته، وأقام علاقات مع عصابات الهاجانا اليهودية (قبل تشكيل الجيش الإسرائيلى وقبل إقامة دولة إسرائيل)، من خلال موشيه ديان، الذي أصبح وزير الدفاع الإسرائيلى بعد ذلك.

في 1947، كان «عبدالمجيد» يعمل عاملا بسيطا، حين حدثت اضطرابات، سقط خلالها عدد من القتلى اليهود، فهرول إلى مقر شركة توليد الكهرباء اليهودية وحذرهم من اقتراب المهاجمين العرب وطالبهم بالهرب فورا، وهو ما حدث فعلا.

في مايو 1948، تم تجنيد «عبدالمجيد» في الجيش الإسرائيلى، وغيّر اسمه إلى «عاموس ياركوني»، بدعوى أن يكون أسهل لزملائه اليهود في الجيش، فضلا عن أسباب أمنية أخرى تتعلق بإخفاء هويته وعدم استهدافه من جانب العرب. وقيل إن اسمه الثانى «ياركوني» مشتقة من كلمة «ياروك» وتعنى اللون الأخضر- في إشارة إلى أنها من اسمه العربى «عبدالمجيد خضر». خدم «عبدالمجيد» في الجيش الإسرائيلى في البداية بوحدة كانت تسمى «سلاح الأقليات»، وكان يعمل كقصاص أثر فائق الخبرة.. وقد أصيب مرتين خلال مشاركته في صفوف الجيش الإسرائيلى، حتى فقد يده اليسرى وأصيب في قدمه.

وفى عام 1953، اجتاز دورة ضباط ليصبح ضابطا بالجيش الإسرائيلى. وفى 1955، كلفه ضابط الاتصال بسلاح الأقليات في الجيش الإسرائيلى، حاييم ليفاكوف، بإقامة وحدة قصاصى الأثر في فرق النخبة، التي اندمجت بمرور الوقت في وحدة الأقليات، ثم في وحدة شاكيد، التي عملت كوحدة مستقلة صغيرة نسبيا لقيادة القطاع الجنوبى بالجيش الإسرائيلى، لمنع وضبط خلايا المتسللين والجواسيس والفدائيين وعناصر المخابرات المصرية من التسلل عبر الحدود المصرية والأردنية إلى إسرائيل. وحصل «عبدالمجيد» على وسام الشرف من الجيش الإسرائيلى، تقديرا لجهوده في هذه الوحدة. وفى شتاء 1959، تعرض لإطلاق نار مفاجئ من مسافة قصيرة خلال مطاردة عند عسقلان، ترتب عليه بتر يده اليسرى.. ومع ذلك، واصل قيادته للوحدة فترة حتى تمت إقالته من وحدة شاكيد، وتم تعيينه حاكما لمنطقة وسط سيناء عقب احتلالها على يد الجيش الإسرائيلى في حرب يونيو 1967.

وفى عام 1969 تم تسريح عبدالمجيد خضر المزاريب، الشهير بعاموس ياركونى من الجيش الإسرائيلى برتبة «عقيد». وفى عام 1984، حصل على جائزة «يجال آلون» لرواد الأعمال المثالية، تقديرا لجهوده في خدمة الجيش الإسرائيلى ومشاركته في حروب فلسطين 1948، والعدوان الثلاثى 1956، وحرب يونيو 1967، وحرب الاستنزاف.

مات «عبدالمجيد» في 7 فبراير 1991، وتم دفنه في مقابر كريات شاؤول العسكرية الإسرائيلية في شمال تل أبيب.