«رحاب ومحمد المرض أخدهم وما عرفتش أعمل حاجة، وكريم هو اللى باقى لىّ، ونفسى ما يروحش منى زى اللى راحوا».. كلمات اختلطت بالدموع بدأت بها سوسن محمد حسن، لسرد تفاصيل رحلتها مع الموت الذى حرمها من اثنين من أبنائها.
«رحاب».. «محمد»..«كريم».. ثلاثة من الأبناء كانت تحلم «سوسن» مثلها مثل أى أُم أن تكوّن بهم أسرة مستقرة، إلا أن المرض فرض سيطرته وأخذ منها رحاب ومحمد، بعد أن ظهرت عليهما الأعراض التى بدأت بخلل فى التوازن وانتهت بخروجهما فى كفنيهما.. لتبدأ بعد ذلك فى صراع المحافظة على ما تبقى لها من أبناء، وهو الابن الأصغر «كريم»، الذى بدأت نفس العلامات تظهر عليه مؤخراً لتخلق حالة من الرعب داخل «سوسن»، التى طرقت كل الأبواب لتحافظ عليه.
تقول «سوسن» لـ »إسكندرية اليوم»: «فى سن 17 عاما بدأت تظهر على رحاب علامات خلل فى التوازن، ثم فقدان القدرة التامة على الحركة والنطق، وهو نفس ما حدث مع شقيقها محمد وقد وقفت عاجزة أمام مرضهم نظرا لضيق اليد.. رأيت ابنى يموتان أمامى وأنا مكتوفة الأيدى».
محاولة أن تتمالك نفسها وتستعيد قواها تضيف: «طرقت كل الأبواب لأجد منفذا أو ضوء أمل أتعلق به لأحافظ على كريم، توجهت إلى المحافظ ولكننى لم أستطع مقابلته، وأرسلت لوزير الصحة ولكنه أبلغنى بأن علاج هذه الحالة لا يوجد ضمن قائمة علاج الدولة، ونفسى أقابل الرئيس مبارك عشان أقول له ولادى ضاعوا منى قدام عينيا، ولم أملك سوى الحسرة عليهم.. وعملية زرع النخاع مثلما أخبرنى الأطباء هى الأمل الأخير عشان المرض ما ياخدش منى ابنى ويروح زى اللى راحوا».
وتوضح «سوسن»، التى رسم الحزن علاماته على وجهها وأصدرت الملابس السوداء قرارا بملازمتها طوال الحياة: «عندما بدأت رحلة العلاج كانت هناك بعض العقاقير التى يتم صرفها لى، ولكنها لم تكن إلا عبارة عن مسكنات للألم، وليست للشفاء، والتى فقدت ابنى بعدها.. بعدها حاولت بأى شكل معرفة السبب الطبى إلا أن الأطباء أخبرونى بأنه لا أمل دون إجراء عملية زرع النخاع، التى تعتبر طوق نجاة لى لأحافظ على ابنى المتبقى، والتى يتم إجراؤها خارج مصر».
«أرسلت فاكسات إلى جمال مبارك وسوزان مبارك ووزير الصحة ولكل مسؤول فى الدولة، لكن دون رد.. نفسى أعيش مع ابنى وما يتكسرش ضهرى زى ما اتكسر على اخواته».. بهذه الكلمات تنهى سوسن كلامها دون أن ينتهى ألمها.