كشفت أوراق وتحقيقات نيابة أمن الدولة العليا، بإشراف المستشار خالد ضياء الدين، المحامي العام الأول لنيابات أمن الدولة، في قضية تنظيم «حسم» الإرهابي، والتي تضم 304 متهمين، أن مسؤولي التدريب داخل التنظيم، تلقوا تدريبات على العمل الاستخباراتي بغرض إنشاء جهاز استخباراتي لتنظيم الإخوان، يضطلع بتنفيذ عدد من الأهداف منها حفظ الأمن الداخلي للتنظيم من الاختراق، ورصد عدد من الأهداف داخل البلاد لاستهدافها بعمليات عدائية وإرهابية، وفي مقدمتها منشآت تابعة للقوات المسلحة والشرطة وسفارات لدول أجنبية.
وأوضحت التحقيقات، التي باشرها المستشار محمد وجيه، المحامي العام بالنيابة وباشر التحقيقات فريق من المحققين برئاسة المستشار شريف عون، رئيس نيابة أمن الدولة العليا، أن عددا من المتهمين تلقوا تدريبات عسكرية على أيدي عناصر من كتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) داخل معسكرات تدريبية بالسودان، وذلك تمهيدا لعودتهم وتنفيذ مخططهم العدائي داخل البلاد.
وأشارت التحقيقات والتحريات إلى أن قيادات جماعة الإخوان الهاربين خارج مصر، هم أصحاب فكرة إحياء العمل المسلح للتنظيم، وخططوا لهذا الأمر، وهو ما أسفر عن إنشاء وتأسيس الكيان الإرهابي المسمى بتنظيم «حسم» موضوع القضية، بغرض تنفيذ عمليات عدائية ضد رجال القوات المسلحة والشرطة والقضاء والإعلام وبعض رجال الأعمال، ومنع مؤسسات الدولة من ممارسة أعمالها، سعيا لإسقاط نظام الحكم القائم بالبلاد وإقامة ما أسموه دولة الخلافة الإسلامية.
وأضافت التحريات أن الهيكل التنظيمي المستحدث للمجموعات المسلحة التابعة للتنظيم، تضمن قيادة عامة للتنظيم، و13 مجموعة وزعت المهام فيما بينها، وأن قيادات الجماعة قاموا بتقسيم الجمهورية إلى قطاع مركزي يضطلع عناصره بتنفيذ العمليات الإرهابية بمحافظات القاهرة والجيزة والقليوبية، وقطاع الشمال ويضطلع عناصره بتنفيذ العمليات الإرهابية بمحافظات الإسكندرية والبحيرة وكفر الشيخ والمنوفية والشرقية والدقهلية، وقطاع الجنوب ويضطلع عناصره بتنفيذ العمليات الإرهابية بمحافظتي الفيوم وبني سويف، وقطاع الصعيد ويضطلع عناصره بتنفيذ العمليات الإرهابية بمحافظات المنيا وأسيوط وأسوان وقنا والأقصر.
وأفادت التحريات وتحقيقات النيابة بأن المجموعات التابعة للتنظيم، تم تشكيلها بشكل عنقودي ويستخدم عناصرها أسماء حركية ووسائل تأمين عالية من خلال اعتمادهم على برامج تكنولوجية متقدمة وغير قابلة للاختراق لتنفيذ مخططهم العدائي.
وأظهرت تحريات جهاز الأمن الوطني أن مسؤولي التنظيم داخل البلاد، قاموا بتوفير الدعم المادي اللازم لتنفيذ العمليات الإرهابية، من خلال الأموال التي يتم تهريبها من قيادات التنظيم الهاربين خارج البلاد للقيادات الإخوانية الهاربة بالداخل، وكذلك سرقة الأسلحة النارية عبر أعمال الهجوم الممنهج على الارتكازات الأمنية وأعمال الإغتيالات لضباط الشرطة.
وأكدت التحقيقات والتحريات أن اختيار عناصر التنظيم كان يتم لمن يتوافر لديهم الاستعداد النفسي والبدني، وتجهيزهم لتنفيذ العمليات الإرهابية والاغتيالات من خلال إلحاقهم بمعسكرات تدريبية بالسودان، عقب تسللهم عبر الدروب الجبلية للحدود الجنوبية للبلاد، وتلقيهم تدريبات عسكرية على استخدام الأسلحة النارية وتصنيع العبوات المتفجرة.
وأشارت التحقيقات إلى أنه تم الاستعانة بمجموعة من عناصر كتائب عز الدين القسام، تمهيدا لعودتهم وتنفيذ مخططهم العدائي داخل البلاد.
وأفادت التحريات بإنشاء قيادات التنظيم لمعسكر تدريبي بالمنطقة الجبلية الواقعة بين مركز إدفو بأسوان ومدينة مرسي علم بالبحر الأحمر، لتدريب عناصر المجموعات على استخدام الأسلحة بمختلف أنواعها وطرق تصنيع العبوات المتفجرة، وكذا تدريبهم بدنيا وتلقينهم الدورات الشرعية.
وأضافت التحريات أن عناصر التنظيم اتبعوا بعض الإجراءات الأمنية المتقدمة لإعاقة الرصد الأمني لتحركاتهم، حيث تواصل عناصر التنظيم في حالة الطوارئ أو ضبط أي منهم مع الحركي «جوجوباص» المتواجد بتركيا، عبر برنامج «التليجرام» ولديه ما يسمي بالمرايا (خريطة بشكل التنظيم وعناصره ومجموعاته ودور كل عنصر)، بالإضافة لاستخدام زوجات العناصر الهاربة في جمع المعلومات عن من يتم ضبطه من عناصر التنظيم.
وأكدت التحريات استخدام عناصر التنظيم شفرات تأمين خاصة بهم خلال مراسلاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر برنامج «التليجرام» تتضمن أكوادا خاصة بكل عنصر ودورة المنوط به والسلاح المطلوب توفيره له، وحصول عناصر التنظيم على دورات في مجال مقاومة الاستجواب حال ضبط أي منهم، وذلك بالاعتراف على خلاف الحقيقة بالاشتراك في تنفيذ أي من الحوادث الإرهابية، وبخاصة التي لم يتم التوصل لتحديد مرتكبيها، والادلاء بأسماء وهمية حركية لتشتيت جهود الأجهزة الأمنية وإتاحة الفرصة لهروب المرتبطين به.
وذكرت التحقيقات والتحريات أن عناصر التنظيم استخدموا أحدث وسائل تكنولوجيا أمن المعلومات، من خلال استخدام العديد من برامج أمن معلومات الاتصالات على الهواتف المحمولة، والتي تمكن العنصر خلال عملية ضبطه من مسح كل المعلومات والبيانات المسجلة على الهاتف بصورة سريعة، وتمكين أي من العناصر المرتبطين به من التحكم في هاتفه المحمول عن بعد وتنفيذ عمليه إزالة لكل محتويات الهاتف، وكذا إخفاء برامج الاتصال الالكترونية داخل أحد الملفات.
وكشفت التحقيقات أن أحد المتهمين ويدعى أحمد محمد إبراهيم عبدالرسول الصاوي، كلف المتهم أنس جمال سعد خليف، بتصنيع طائرة مجهزة لحمل عبوة متفجرة صغيرة الحجم، ومثبت بها كاميرا تصوير وجهاز تتبع وبعض الدوائر الكهربائية ويتم التحكم فيها عن بعد، وأمده بالدعم المادي اللازم لذلك، وذلك في سبيل تنفيذ العمليات الإرهابية الخاصة بالتنظيم.
وأظهرت التحريات اتخاذ عناصر تلك المجموعات من بعض الشقق المستأجرة، أوكارا لهم لاستغلالها في التخطيط لعملياتهم الإرهابية وتصنيع العبوات المتفجرة وإخفاء الأسلحة النارية بها، فضلا عن إيواء عناصر التنظيم الهاربة، كما استخدم عناصر التنظيم بعض السيارات والدراجات البخارية في عمليات الرصد وتحركاتهم وتنفيذ العمليات الإرهابية.
وأكدت التحريات اضطلاع عناصر تلك المجموعات برصد العديد من الشخصيات العامة والقيادات الأمنية والعسكرية وكبار المسؤولين بالدولة وتحديد خطوط سيرهم اليومية، وكذا رصد بعض المنشآت العامة والاقتصادية والسياحية الهامة وسفارات بعض الدول الأجنبية، ورفع مواقعها والنقاط التأمينية بها لاستهدافها لاستهدافهم بعمليات عدائية وحفظ تلك المعلومات بصورة مشفرة بما يسمى (بنك المعلومات).
وكشفت التحقيقات أن من بين المنشآت الهامة والحيوية التي رصدها التنظيم الإرهابي بغية استهدافها بعمليات إرهابية، مقر قطاع الأمن الوطني بـ6 أكتوبر (وأطلقوا عليه شفريا- الصيانة) ونادي طلائع الوراق العسكري وقسم شرطة الوراق وكنيسة العذراء والملاك ميخائل بالوراق وبنزينة وطنية بالوراق ونقطة شرطة أرض اللواء ومقر شركة «فالكون» للأمن، بجوار جامعة المستقبل شارع التسعين بالتجمع الخامس وورش مركبات الجيش بإمبابة ومكاتب ومخازن تابعة لوزارة الإنتاج الحربي وقسم شرطة إمبابة ومعسكر قوات أمن إمبابة و3 معسكرات تابعة للقوات المسلحة بالمعادي، ونقطة شرطة عسكرية بمدخل المعادي على الكورنيش، ومستشفي القوات المسلحة بالمعادي، ومقر المحكمة الدستورية بالمعادي وقسم شرطة المعادي وقسم شرطة البساتين وقسم شرطة دار السلام، والعديد من الارتكازات الشرطية بمختلف المحافظات على مستوى الجمهورية.
وكشفت اعترافات المتهمين في التحقيقات أن قيادات الإخوان الهاربين بالخارج شكلوا غرفة عمليات تولى مسؤوليتها بعض المتهمين الهاربين، وأن تلك القيادات الهاربة خارج البلاد هم يحيى السيد إبراهيم، ومحمود بدر، وأحمد محمد عبدالرحمن، وعلي السيد أحمد، ومحمد جمال حشمت، وقدري فهمي وصلاح الدين خالد فطين.
وأضافت التحقيقات أن هناك غرفة عمليات أنشئت بالاتفاق مع قيادات تنظيم الإخوان الهاربة داخل البلاد، وهم المتوفي محمد كمال ومحمد رفيق ومجدي مصلح شلش وحمدى طه العبسي وهلال عمر نصر ومحمد فؤاد، وتبين أن الهيكل التنظيمي للحركة مقسم لعدة قيادات، فتكون من القيادة العامة والقيادة التنفيذية وقيادة ميدانية وإداري الدعم المركزي واللجنة الشرعية وإدارة المعلومات وإدارة العمليات وكل إدارة لها تقسيم من الداخل.
وتقسم إدارة العمليات إلى مجموعة التدريب والتزوير والتصنيع والتسكين والعلمليات المركزية والدعم اللوجستي والتنكر، وأن الحركة قسمت الجمهورية إلى قطاعات جغرافية لتنفيذ عملياتها الإرهابية، وكل قطاع يضم عدة خطوط وكل خط يتكون من مجموعات الرصد والتنفيذ للقيام بالعمليات.
وتبين من اعترافات المتهمين أن تدريبات عناصر الحركة العسكرية تمت بمعسكرات تابعة للحركة بالسودان بمناطق أزهري وبربري وحي الرياض، بالاستعانة بمجموعة من عناصر كتائب عز الدين القسام الجناح العسكرى لحركة حماس.
وأكدت التحقيقات أن المتهمين قاموا بتلك التدريبات للإعداد لما أسموه بـ«يوم الحسم» الذي تم التخخطيط لارتكاب سلسة من العمليات الارهابية خلاله وتنفيذ مواجهة مسلحة مع الدولة، بقصد إسقاط مؤسسات الدولة وقلب نظام الحكم القائم في البلاد والاستيلاء عليه.
واضافت التحقيقات أن أعضاء حركة «حسم» تم تدريبهم من قبل بعض العناصر الاستخباراتية بتركيا وقطر، بإنشاء جهاز استخباراتى خاص بجماعة الإخوان عن طريق تدريب بعض العناصر الإخوانية على العمل الاستخباراتي.
وأفادت التحقيقات بأن الحركة شكلت اللجنة الإدارية العليا التابعة لجماعة الإخوان في أعقاب فض اعتصام رابعة العدوية، برئاسة محمد كمال، ثم أجرى مجلس شورى الجماعة استفتاء على تأسيس ملف العمل النوعي، والذي أسفر عنه الموافقة على تأسيس العمل النوعي وعرض الأمر على اللجنة الإدارية العليا، وتم إجراء استفتاء آخر عن موافقة أعضاء اللجنة الإدارية العليا على تأسيس ملف العمل النوعي، وكلف المتوفى محمد كمال المتهم محمد عبدالرؤوف سحلوب، بإنشاء وتولى ملف العمل النوعي، وكشفت اعترافات أحد المتهمين، أنه عندما ازدادت عمليات الإرباك من قطع طرق وخلافه.
وأكد المتهمون أن القائمين على هذا الملف طلبوا التأجيل الشرعي لهذه الأعمال، فقامت اللجنة الشرعية بعمل دراسة للحالة المصرية بشكل عام، وتم عمل لقاءات مع بعض أعضاء التنظيم، وحضرها كل من عبدالرحمن البر، وكان من ضمن الأشياء التي ناقشها فتوى العين في استهداف الضباط، وهذا ما أقرته الهيئة وكذلك الإدارة ولكن بشروط معينة، منها ضرورة التأكد من أن الشخص بعينه هو الذي قام بالقتل أو الاغتصاب على أن يتم التشاور مع مسؤول المكتب في المكان المعنى، وأكدت الاعترافات أن هناك مجموعات تقوم بتنفيذ عمليات خارج سيطرة الجماعة.
وقال مصدر قضائي إن تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا في القضية، أحيلت إلى النيابة العسكرية، في ضوء أن هناك منشآت تم رصدها واستهدافها، تتبع جهات حكومية، وهي المنشآت المخاطبة بأحكام القانون الخاص بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية رقم 136 لسنة 2014، من بينها نادي ضباط الشرطة بدمياط وكمين العجيزي، ومنشآت عامة تم رصدها منها منشآت ووحدات عسكرية ومنشآت تابعة لوزارة الإنتاج الحربي والمحكمة الدستورية العليا، وشخصيات عامة وعسكرية تم رصدها تمهيدا لاستهدافها بعمليات اغتيال، ومن بينها ما تم تنفيذه مثل عملية اغتيال العميد عادل رجائي وهي الواقعة محل التحقيق لدى النيابة العسكرية، ومن ثم ينعقد لاختصاص للنيابة العسكرية في التصرف في القضية بإحالتها إلى القضاء العسكري، باعتبار أن الوقائع متصلة وتابعة لتنظيم واحد.